ضحايا يعيشون الجحيم وآخرون اختاروا الصمت درءا للفضيحة شهدت ظاهرة الابتزاز الجنسي، التي تتعلق بالمساومة على الإنترنت باستخدام الصور أو الفيديوهات الخاصة، نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة، رغم الجهود الأمنية لمواجهتها. وتحول العديد من الشباب إلى هذا النوع من الجرائم الإلكترونية كوسيلة للكسب غير المشروع، إذ يقوم المبتز عادة بالتهديد بنشر صور أو فيديوهات ذات طابع جنسي للضحية إذا لم تدفع فدية أو تقدم خدمات معينة… وحول الابتزاز الجنسي حياة العشرات من الضحايا إلى جحيم، سيما بالمناطق النائية والمدن الصغيرة، إذ ذرف ضحايا الدموع، وهم يتعرضون للابتزاز والفضح، من طرف شبكات تجري وراء الاغتناء. إنجاز: محمد العوال (آسفي) تطالعنا من حين لآخر أخبار تفكيك شبكات الابتزاز الجنسي، بالمدن الكبرى كما الصغرى، والجناة أو المشتبه فيهم شباب في عمر الزهور، وفي أحايين عديدة قاصرون، انساقوا في طريق الابتزاز الجنسي، أما الضحايا فهم مجرد مواطنين عاديين، وفي بعض الأحيان شخصيات رياضية او فنية أو سياسية مشهورة، أو ذوو مناصب، كما وقع بالقنيطرة، قبل أسبوع، بعدما قرر طبيب وضع حد لمسلسل الابتزاز الذي ظل يتعرض له من طرف ممرض سابق وقاصرين. الطبيب والممرض والقاصرتان انطلقت فصول هذه القضية، بعدما اتصل الممرض السابق بالطبيب الذي سبق أن اشتغل بمعيته لسنوات عدة، وعرض عليه الكشف على فتاة قاصر، كان الممرض قد أجرى لها عملية إجهاض بإحدى الشقق السكنية. وتوجهت القاصر بمعية صديقة لها قاصر هي الأخرى والممرض لدى الطبيب، حيث جرى الكشف عليها، قبل أن تعود القاصران في مناسبة أخرى لزيارة الطبيب، وهناك انطلق مسلسل إغرائه بممارسة الجنس معهما، وهو ما تم بعد أن قضى الطبيب وطره، ولما غادرت القاصران عيادته حيث جرت الممارسة الجنسية، توصل بشريط فيديو يوثق لحظات الممارسة الجنسية، وهو الفيديو الذي تمتد مدته بضع دقائق. اهتزت الأرض من تحت قدمي الطبيب الذي أدرك حينها انه سقط في المحظور، واستعطف الممرض، بأن يزيل الفيديو، فكان أن طالبه بمبلغ ستة ملايين من السنتيمات، فلم يكن أمام الطبيب سوى الإذعان، لطلب الممرض، ومنحه بمعية القاصرين المبلغ كاملا، لكن ذلك لم يكن كافيا إذ تعرض الطبيب مرات عديدة للابتزاز، فكان أن قرر اللجوء إلى القضاء، وتقدم بشكاية في الموضوع، انتهت الأبحاث في شأنها بمتابعة القاصرين والممرض السابق في حالة اعتقال ومتابعة الطبيب في حالة سراح. ابتزاز بالعملة الرقمية قبل شهور، تمكنت عناصر الشرطة القضائية بالمفوضية الجهوية للأمن بمدينة وادي زم، من تفكيك شبكة إجرامية تتكون من ثلاثة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 28 و35 سنة، وهم شخص من ذوي السوابق القضائية وامرأة وزوجها، يشتبه في تورطهم في قضايا تتعلق بالنصب والاحتيال والابتزاز الجنسي. وكشفت الأبحاث التمهيدية التي باشرتها الشرطة القضائية في هذا الملف، على أنه يتم استدراج الضحايا من طرف الشبكة، إلى مكالمات فيديو وتصويرهم في وضعيات مخلة، ثم مطالبتهم بمبالغ مالية نقدية وبالعملة الرقمية المشفرة مقابل عدم نشر تلك المحتويات. وخلال عملية التفتيش في منزل المتهم الأول، تمكنت عناصر الشرطة من حجز ثلاثة هواتف محمولة تضم محتويات رقمية توثق لعمليات الابتزاز الجنسي، وفيديوهات للعديد من الضحايا. كما مكنت إجراءات البحث التي تواصلت لأسابيع، من إيقاف المتهم الثاني وزوجته بمدينة بن كرير، وهما مسيرا أربع وكالات لتحويل الأموال، يشتبه في قيامهما باستخلاص المبالغ المالية التي كان يتوصل بها المعني بالأمر من ضحاياه مقابل حصولهما على جزء منها، حيث أسفرت عملية التفتيش المنجزة عن العثور بحوزتهما على هاتفين محمولين يتضمنان أدلة رقمية على علاقتهما بذلك النشاط الإجرامي. جحيم لا يطاق حول الابتزاز الجنسي حياة العديد من الضحايا إلى جحيم لا يُطاق، من الخوف والضغط النفسي. فإذا كان العديد من الضحايا استطاعوا بكل شجاعة الولوج إلى القضاء، ووضع حد لمسلسل الابتزاز، فإن العديد منهم، ظلوا يعانون في صمت، وحتى من قصدوا باب القضاء، فإن ذلك كان بعد مسلسل من العذاب النفسي الذي لا يُطاق. يقول أحمد، وهو أحد ضحايا الابتزاز الجنسي، من طرف امرأة وزوجها يتحدران من آسفي، بعد أن استدرجاه، إن "الابتزاز دمر حياتي الزوجية... لم أستطع إخبار زوجتي أول الأمر بما يحدث، ولكني كنت أشعر بأن كل شيء ينهار. كان المبتز يطلب مبالغ مالية كبيرة، وعندما عجزت عن تلبية مطالبه، بدأ بنشر التهديدات. لجأت إلى القضاء، وعلمت زوجتي بالأمر ووقعت مشاكل كبيرة، انتهت بالطلاق...". ترند: ضحايا صامتون كتبت بشرى، أن العديد من الضحايا قرروا الصمت، خوفا من الفضيحة، ويتعرضون للابتزاز بشكل متكرر من طرف جهات هدفها هو جني المال، في حين كان تعليق أمين الدكالي، أن العديد من المدن أصبحت مشهورة بقضايا الابتزاز الجنسي، من خلال الاتصال بالضحية وعرض عليه فتيات يمارسن معه الجنس الافتراضي، وبعد ذلك يتم تهديده بنشر محتوى الفيديو. ويضيف صاحب التعليق أن مدينة وادي زم تتصدر المدن التي تنشط فيها شبكات الابتزاز الجنسي. أما موحا، فطالب بإنزال أقصى العقوبات على مثل هذه الأفعال الاجرامية الشنيعة التي يرتكبها هؤلاء المجرمون حتى يعتبر غيرهم، معتبرا، ان هذه الأفعال الإجرامية تهدد كيان الأسر وقد تهدمها. أما سناء، فكتبت أن من يختار أن يتعرى عبر النت، أو يختار ممارسة الجنس الافتراضي، فإنه مذنب هو الآخر، لأنه أناني وأراد تحقيق ذاته ونشوته مع أخرى بأقل تكلفة، لكن سرعان ما يتلقى فاتورة باهظة الثمن، فلا شيءٍ عبر النت بالمجان في عصرنا الحالي. واختار علي أن يضم صوته للعديد من الأصوات، خلال تعليقه على خبر لشبكة الابتزاز الجنسي، معتبرا ان الأحكام القضائية القاسية او طويلة الأمد، هي الكفيلة بوضع حد لممارسة هذه الشبكات، التي تظل جالسة أمام شاشة حاسوب، تنتظر سقوط الضحايا، وتصويرهم. وطالب علي، بعقوبات قاسية، مضيفا عوض الحديث عن قانون العقوبات البديلة، يجب وضع قانون متطور مع الجريمة المتطورة كجريمة الابتزاز الجنسي. رأي المحامي: القانون يحمي إرادة الأشخاص أكد محمد الحلاكي، المحامي بهيأة آسفي، أن فعل الابتزاز هو قيام الجاني بتهديد الضحية، من أجل الحصول على مكاسب مادية، وقد تكون معنوية، عن طريق الإكراه المعنوي الممارس على هذه الضحية، وذلك بتهديده بكشف أسراره أو معلومات خاصة به، مضيفا أن هذا الابتزاز يمكن أن يتم بطرق تقليدية، كما يمكن أن يتم باستخدام إمكانيات ووسائل تكنولوجية حديثة، يكون من خلالها ابتزازا إلكترونيا. وأضاف المحامي أن جريمة الابتزاز في القانون المغربي، والمعروفة بجنحة الحصول على المال بالتهديد، نظمها المشرع من خلال الفصل 538 من القانون الجنائي، حيث إن المشرع يهدف من ورائه إلى حماية إرادة الأشخاص بجعلهم أحرارا في معاملاتهم، وهو الأمر الذي ينتفي في هذه الجريمة، حيث إن الضحية حينما يتعرض للتهديد تنعدم حريته في الاختيار، وبالتالي إرادته في التصرف. فانعدام الرضا لدى الضحية، يقول الحلاكي، يمكن أن يتم بكل وسيلة يكون من شأنها تعطيل الاختيار، أو إعدام قوة المقاومة، بحيث تسهل ارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه ماديا باستعمال القوة، فإنه يمكن أن يكون معنويا عن طريق التهديد ويدخل فى هذا المعنى التهديد بنشر فضيحة، أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف. كما أن جريمة التهديد أو الابتزاز تعد من جرائم النتيجة، التي تتطلب صدور نشاط يكون سببا في تحقق النتيجة، وليست جريمة شكلية، فاعتداء الجاني على الضحية من خلال تهديدها وابتزازها أمر لازم، لن تقوم الجريمة بدونه إلا إذا كان هو السبب في النتيجة، وهي الحصول على المال أو أوراق مالية أو غيرها، مما أشير إليه أعلاه. وأضاف، أنه في جريمة الابتزاز الإلكتروني، تتحقق النتيجة الإجرامية عند قيام الجاني بتهديد المجني عليه، بإفشاء سر من أسراره، ويتعلق هذا التهديد بأمر غير مشروع، يكون سببا في زرع الخوف والهلع والتأثير على نفسية وإرادة المجني عليه، الأمر الذي دفعه إلى تنفيذ تهديد المبتز. وأردف المتحدث "يشترط في التهديد أن يقع بهدف إرغام الضحية على شراء سكوت الجاني من إفشاء أو نسبة أمور شائنة أو كشف معلومات، من شأنها أن تسيء لها، والتي غالبا ما تكون معلومات فاضحة ومحرجة، بحيث يتمكن الجاني من الحصول على صور للضحية في أوضاع غير أخلاقية، أو على معلومات تتعلق بعلاقات غير شرعية أو غير قانونية، والتي تكون السبب الرئيسي الذي يستغله المبتز ويطالب بالمقابل وهو ربح غير مشروع، وهذا الأمر غالبا ما يتم بطرق غير مباشرة، مخافة أن يلقى القبض عليه، لذلك فهو يستعين بطرق حديثة غير الطرق التقليدية، فيكون الابتزاز في هذه الحالة إلكترونيا يعتمد فيه على مواقع التواصل الاجتماعي". محمد الحلاكي محام بهيأة آسفي