حيازة المكري المحل المهجور أو المغلق في القانون الجديد

على رئيس المحكمة قبل البت في الطلب سلبا أو إيجابا التقيد بالطريقة المقررة لاستدعاء المكتري(2/3) كان على النص أيضا، الإحالة على الفصل 71 من القانون نفسه، الذي تنص مقتضياته على أن المحكمة الابتدائية صاحبة الاختصاص هي التي يقع محل الكراء داخل نفوذ دائرتها القضائية، وبالتبعية، فإن رئيسها هو المعني بالبت في الطلب المقدم في هذا الإطار وذلك للحيلولة دون الإشكالات التي قد تثار عندما يتعلق الأمر بتنازع الاختصاص بين أكثر من محكمة ابتدائية يتقاسمها نفوذ دائرة استئنافية واحدة، وإن كنا نرى أن الصياغة الواردة في الفصل 71 كفيلة للحد من مثل هذه الإشكالات. الوثائق المطلوبة لتأييد الطلب:لقد تولى النص المذكور بنفسه تحديد الوثائق التي لا تقوم قائمة للطلب بدونها وهي:أ- العقد المكتوب: أي الشكل العادي للمحرر الكتابي المقصود في المادة 3 في القانون نفسه بكل شروطه الشكلية المطلوبة.ب - السند المكتوب: ومثل هذا السند ليس بالضرورة هو نفسه العقد المقصود من المادة 3 وإنما ينسحب على غيره من المحررات المثبتة للعلاقة الكرائية في غياب وجود العقد المنظم لها.ولا شك أن المشرع قد استحضر هنا الحالات التي نشأت في ظل القانون القديم على اعتبار أنه لا يمكن إلزام المكري بإشفاع طلبه بالعقد المكتوب متى كان العقد قد أبرم قبل نفاذ قانون الكراء الجديد.وتجدر الإشارة إلى أن المقصود بالسند، هو كل محرر كتابي يثبت وجود العلاقة الكرائية وتأتي على رأسها الأحكام القضائية ثم الاعترافات المكتوبة وتواصيل مخالصة أجرة الكراء...ج - محضر المعاينة:والمقصود به هو كل محضر يوثق بالمعاينة المادية لواقعة إغلاق المحل وهجره من قبل المكتري هجرا فعليا طيلة المدة المشترطة قانونا، وهي ستة أشهر على الأقل، ويدخل ضمن هذا المفهوم أساسا محاضر المعاينة التي ينجزها المفوضون القضائيون، في إطار صلاحياتهم القانونية، وكذا المحاضر الرسمية التي تنجزها اللجان التابعة للسلطات المحلية، في إطار ميدان التعمير، وأيضا المحاضر التي قد يتولى إنجازها بعض الخبراء المحلفين.ومن خلال ما ذكر ثمة ملاحظتان أساسيتان لابد من التطرق إليهما وهما:- عدم اشتراط المادة 59 المذكورة لإشفاع الطلب بما يثبت إخلال المكتري بالتزامه العقدي، رغم أن هذا الشرط لازم لاعتبار المحل مهجورا ولازم أيضا لفحص جدية الطلب. فهل كان المشرع فعلا يقصد عدم إيراد هذا الأمر ضمن الوثائق المؤيدة للطلب أم أن في المسألة سهوا ما؟نعتقد أن المسألة مرتبطة بتقدير وتقييم محضر المعاينة، الذي لا يرتب أي أثر متى كان المكتري غير مخل بالتزاماته العقدية تجاه المكري، مما يعني أن بحث هذه المسألة هي من صميم بحث جدية الطلب من طرف الجهة القضائية المختصة، لذا لا نرى بدا من إشفاع الطلب أيضا بما يثبت هذا النوع من الإخلال المنسوب إلى المكتري.- عدم إعطاء النص لمالك المحل المكترى، متى لم يكن هو المكري إمكانية تقديم الطلب مباشرة من طرفه، سيما عند تقاعس المكتري عن ذلك أو في حالة غيابه الطويل بدوره.فنحن نرى أنه من باب أولى منح هذه الإمكانية للمالك أيضا عندما لا يكون طرفا في العلاقة الكرائية.2 - الإجراءات التي تسبق إصدار الأمر الاستعجالي:بعد فراغه في الفصل 59 من القانون 67/12 من تبيان طبيعة الوثائق المطلوبة لتأييد طلب استرجاع المحل تولى المشرع في الفصول 60-61-62 من القانون نفسها تحديد المراحل الإجرائية التي تمر منها الدعوى باعتبارها دعوى تواجهية لا يمكن البت فيها إلا بعد استدعاء الطرف المكتري وفق الأحكام الواردة في الفصول تلك باعتبارها استثناء للأحكام العامة.فالمطلوب إذن من رئيس المحكمة قبل البت في الطلب سلبا أو إيجابا، التقيد بالطريقة المقررة لاستدعاء المكتري وفي نطاق الحالات المرسومة:1 - الحالات الأولى: نص الفصل 60 على ما يلي «يتم استدعاء المكتري من خلال عنوانه الوارد في عقد الكراء أو في أي وثيقة رسمية صادرة عن المكتري وفي حالة تعذر الاستدعاء، يستدعى المكتري في عنوان المحل المكترى.يستنتج من مقتضيات هذا النص، أن ثمة خيارات ثلاثة لتبليغ الاستدعاء للمكتري، وهي خيارات تتحدد من خلال تحديد عنوان المكتري. وهذا العنوان وفق النص إذن يتحدد من منطلق العقد أن أي وثيقة رسمية دالة على عنوان المكتري متى صدرت عنه هو باعتماد عنوان المحل المكترى، والسؤال الذي يطرح من زاوية الممارسة العملية، هو هل خيار تحديد عنوان هو بيد الطالب بحيث يتعين عليه كل مرة الإدلاء بالعنوان المفيد؟ أم يتعين عليه منذ البدء الجمع بين الحالات الثلاث؟ أم أن الخيار بيد المحكمة وعلى النحو الذي يكون عليه النزاع؟مثل هذا السؤال لا تحمل له مقتضيات النص أي إجابة مباشرة أو صريحة، بل لا أعتقد أن المشرع قد وضعه في الحسبان أو أنه استحضر هذا الإشكال عند وضعه لهذه الصياغة، إذ ربما انصب تركيزه فقط على طبيعة الأساس الذي يقوم عليه طلب استرجاع المحل المهجور والمتمثل في واقعة هجر المكتري للمحل.وإغلاقه فكأن واضع النص منذ البداية يعترف بصعوبة استدعاء المكتري وفق الكيفية المحصورة في الفصل أو على الأقل صعوبة توصله وهو ما يظهر من خلال المقتضى الإجرائي الوارد في الفصل 62، والمتمثل في إجراء بحث بواسطة الشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة متى تعذر استدعاء المكتري وفق الطريقة المقررة في الفصل 60 قبله، مما يعني أن الفصل 62 هو تكملة للفصل 60 إن لم نقل هو البديل الذي قد يتم اللجوء إليه قبل البت في الطلب في كل الأحوال. -2 الحالية الثانية: إجراء بحث بواسطة الشرطة القضائية. نص الفصل 62 على ما يلي « إذا تعذر استدعاء المكتري شخصيا لا يبت رئيس المحكمة في الطلب إلا بعد الأمر بإجراء بحث بواسطة الشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة».يلاحظ منذ البداية أن التعديل الجديد عند أخذه بهذا الإجراء يكون قد تأثر بالعمل القضائي في مجال هذه المسطرة بالنظر إلى أن هذا المقتضى كان إجراء لا مناص منه قبل إصدار أي أمر قضائي بفتح المحل، بل يلجأ إليه مباشرة دونما سلوك لأي إجراء من إجراءات التبليغ، وهذا الإجراء من حيث الواقع أفضل إذ لا ضير في ذلك، مادام أن الطعن في الأمر إمكانية واردة، ومادام أن إيقاف تنفيذ الأمر إمكانية واردة أيضا ومن ثم لا حاجة إلى سلوك إجراء البحث بواسطة الشرطة القضائية لأن هذا الإجراء رغم ما له من أهمية فإنه يؤدي في بعض الأحيان إلى تجميد المسطرة وإفراغها من أهدافها.لكن الملاحظة الأساسية هي حول العبارة غير الدقيقة في النص، لأن الصياغة الصحيحة تستدعي تعويض عبارة «إذا تعذر استدعاء المكتري بعبارة إذا تعذر توصل المكتري أو تعذر العثور عليه «فهذا المعنى هو المقصود مادام أن الاستدعاء إجراء، يلجأ إليه ابتداء ويتم وفق المراحل المنصوص عليها في الفصل 60 الذي نص بدوره في فقرته الأخيرة على الصياغة نفسها أي صياغة «إذا تعذر الاستدعاء يستدعى المكتري في عنوان المحل المكتري «فالصياغة صائبة متنا ومعنى على خلاف مثيلتها في الفصل 62، لذا نقول بأن المقصود هو عدم التوصل أو عدم العثور على المكتري، لا تعذر الاستدعاء إجراء، وهو ما يعطي لإجراء البحث بواسطة الشرطة القضائية مبررا بارزا في مسطرة البحث عن المكتري الذي تعذر العثور عليه وفق الإجراءات العادية الواردة في الفصل 60.من هنا نرى أن مقتضيات كلا الفصلين 60 و62 لو أدمجت في فصل واحد لكان الأفضل، أخذا بالمنطق الذي اعتمده القانون الجديد أي منطق الحرص على البحث عن المكتري قبل إصدار أي أمر استعجالي بإرجاع المحل، وإن كان الأمر لا يستدعي كل هذا التشدد في إجراءات الاستدعاء على نحو لا يتماشى مع طبيعة المسطرة التي يفترض فيها السرعة والبساطة.فكان من الممكن مثلا الاقتصار على الإجراء الوارد في الفصل 62 فحسب، مادام أن الانتهاء إليه أمر وارد في جل الأحوال أو كان من الممكن أيضا الاكتفاء بالإجراءات المشار إليها في الفصل 60، تحت طائلة اعتبار عدم العثور على المكتري مبررا كافيا لإصدار أمر غيابي ولا ضير، مادام أن مثل هذه الأوامر محاطة بضمانتين، ضمانة الطعن فيها بالاستئناف من جهة وضمانة إيقاف تنفيذها على الفور متى ظهر المكتري، لذا لا ضير في الاستغناء عن إجراء البحث بواسطة الشرطة القضائية لأن هذا الإجراء أصلا اعتمده العمل القضائي في وقت سابق لم تكن المسطرة فيه مؤطرة بنصوص قانونية خاصة وهو ما يختلف عليه الوضع بعد صدور القانون الجديد حيث لم يعد ثمة مدعاة لسلوك الإجراء.3 - الحالة الثالثة: توصل المكتري بالاستدعاء:يتعلق الأمر هنا بالحالة التي يتأتى فيها تبليغ الاستدعاء للمكتري بصفة شخصية ويتوصل بها وهي الحالة التي قلما تتحقق في إطار تطبيق المسطرة، على اعتبار أن هذه المسطرة أصلا قائمة على سبب غياب المكتري عن محل الكراء وعدم تنفيذ واجباته العقدية، والملاحظ على الفصل 61 من قانون الكراء أنه عالج في مقتضياته فقط صورة واحدة من هذه الحالة وهي صورة توصل المكتري بالاستدعاء شخصيا وعدم جوابه حيث نص عند تحقق هذه الصورة على أن يتم تثبيت هذه الملاحظة ثم البت في الطلب وفق ما يقتضيه القانون، بمعنى أن عدم الجواب قد يعني إيذانا بالاستجابة للطلب متى استقامت شروطه الموضوعية، ورئيس المحكمة ليس بحاجة إلى مباشرة أي إجراءات أخرى للبحث عن المكتري.من هنا لا نرى أن النص وفق صياغته قد أضاف شيئا جديدا مرتبطا بإجراءات تبليغ مقال الدعوى، مادام أن توصل المدعى عليه هو توصل شخصي يفضي في جميع الأحوال إلى البت في الطلب في غيابه والأمر القضائي الصادر يعتبر بمثابة حضوري في حقه بطبيعة الحال.إلى هنا تبدو الصورة عادية لكن ماذا لو توصل المدعى عليه وأدلى بجواب في الموضوع؟ بقلـم : نجيب شوقي ** رئيس غرفة العقار وقضايا الأسرة باستئنافية الناظور

حيازة المكري المحل المهجور أو المغلق في القانون الجديد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

إيقاف مروجي الأقراص المهلوسة بشيشاوة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات