رأي شرعي محايد

الأمين قال إن فتوى من المجلس العلمي الأعلى تصدر بعيدا عن التفسيرات الشخصية أوضح عبد الرحيم الأمين، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية (أكدال) بالرباط أن فتوى المجلس العلمي الأعلى تعطي الرأي الشرعي الصحيح بعيدا عن الآراء والتفسيرات الشخصية التي قد لا تكون مؤسسة تأسيسا شرعيا سليما، مسجلا أن إحالة جلالة الملك لا تهم إلا بعض مقترحات الهيأة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة فقط، وأن على المجلس تفعيل الدستور والاتزام بمقتضيات إمارة المؤمنين. أجرى الحوار : ياسين قُطيب ما هي الإسقاطات الدستورية للإحالة الملكية على المجلس العلمي الأعلى؟ > شكل بلاغ الديوان الملكي بإحالة أمير المومنين بعض مقترحات الهيأة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى، حدثا في غاية الأهمية، يكرس التميز المغربي، والتبصر والحكمة المولوية الكريمة في تدبير قضايا المجتمع المغربي الحساسة، في إطار المؤسسات الدستورية والقانونية والشرعية، ذلك أن هذه الإحالة الملكية على المجلس العلمي الأعلى تجد أساسها في المقتضيات الدستورية والقانونية، من جهة، ومقتضى إمارة المؤمنين، من جهة ثانية، وفي التدبير الأمثل والحكيم لقضايا المجتمع المغربي، من جهة ثالثة. أما من الناحية الدستورية والقانونية فالإحالة تفعيل للدستور، وإعمال للقانون، فرغم أن التشريع من اختصاص البرلمان طبقا للمادتين 70 و 71 من الدستور، فإن جلالة الملك بصفته أمير المومنين يبقى له الاختصاص الحصري للنظر في القضايا التي لها علاقة بالمقتضيات الدينية، طبقا للمادة 41 من الدستور التي تنص في فقرتها الأولى على أن: «الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية»، كما تنص الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أنه: «يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل، بواسطة ظهائر». والمجلس العلمي الأعلى هو الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا، في شأن المسائل المحالة إليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من المادة 41 من الدستور. هل يعني ذلك أن كلمة الحسم ستكون للعلماء ؟ > هذا الاختصاص الحصري للمجلس العلمي الأعلى في الإفتاء يجد سنده القانوني أيضا في الظهير الشريف رقم 1.03.300 الصــادر في 22 أبريل 2004 المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية الذي نص في ديباجته على أن من المهام الجسيمة المنوطة بهذا المجلس مهمة القيام بأمانة الإفتاء الشرعي في النوازل الطارئة والوقائع المستجدة، وأن الانكباب على هذه المهمة الملحة باجتهاد جماعي ينأى عن الذاتية والانغلاق، وتتحقق به مقاصد الشرع السامية في التيسير ورفع الحرج، وفي الوسطية والاعتدال، لتصبح أمرا لازما بعد عرضها على نظر جلالة الملك.. وتقضي المادة السابعة من الظهير نفسه بأنه تحدث لدى المجلس العلمي الأعلى هيأة علمية تتكون من بين أعضائه، تختص وحدها، دون غيرها، بإصدار الفتاوى الرامية إلى بيان حكم الشريعة الإسلامية في القضايا ذات الصبغة العامة... وبناء على المادة 9 من الظهير نفسه، فإن هذه الهيأة تصدر الفتاوى بطلب من رئيس المجلس العلمي الأعلى، وتتخذ قراراتها بإجماع أعضائها. أليس في الأمر تداخل بين ما هو تشريعي وديني؟ > جلالة الملك بإحالته هذه المقترحات على المجلس العلمي الأعلى يكون قد قام بتفعيل الاختصاصات التي خولها له الدستور والقانون، وبالإضافة إلى ذلك فإن الاختصاص الحصري والإشراف الفعلي لجلالة الملك على تدبير كل ما له علاقة بالشأن الديني يجد سنده في الاختصاصات الشرعية والتاريخية لمؤسسة إمارة المومنين. ولا شك أن هذا الاختصاص فيه حفظ للشريعة وتحصين للفتوى، ومأسستها، وحمايتها من التحريف والمغالاة والتفريط والإفراط، خصوصا في ظل تطور وسائل الإعلام والاتصال، التي أصبحت منبرا لمن لا منبر له، يتحدث من خلالها الجميع في أمور الدين وأحكامه، فلا يستطيع المواطن البسيط التمييز بين الحق والباطل، ولا بين العالم وأدعياء العلم الذين يفتون الناس فيضلون ويضلون، وفيهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا». بمراجعة المدونة على المجلس العلمي الأعلى صاحبتها توجيهات ملكية، ما هي أهم معالمها ؟ > إن المقترحات المحالة على المجلس هي مقترحات محدودة، وليس جميع المقترحات التي رفعتها الهيأة، بل الأمر يتعلق فقط بالمقترحات التي لها علاقة مباشرة بالنصوص الشرعية باعتبار المجلس العلمي هو المرجع المعتمد في تفسيرها وتأويلها وتنزيلها. وبلاغ الديوان الملكي يدعو المجلس إلى إعمال فضيلة الاجتهاد المنفتح والبناء الذي لا يقتصر على الإخبار بالأحكام الشرعية الموروثة والمقررة في الفقه المالكي والتي ارتبطت بعوائد وأعراف تبدلت، أو بنيت على علل زالت، أو تحكمت فيها ظروف واعتبارات وقد تغيرت، لما هو مقرر في قواعد الاجتهاد أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وإنما هي دعوة إلى إعمال قواعد الاجتهاد وضوابطه الشرعية وأصول الفتوى التي قرر العلماء أنها تتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال بهدف إيجاد حلول مبتكرة لمشكلات الأسرة للمساهمة في استقرارها وتماسكها، وإعمال مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة التي تحقق مصالح الناس، وتدفع عنهم المفاسد، وترفع عنهم الحرج، وتحقق لهم العدل والإنصاف وتتغيى تحقيق استقرار الأسرة واستمرارها وبنائها على المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف. ضمانة لتحصين الاجتهاد هناك من يعتبر المجلس العلمي الأعلى طرفا في النقاش وليس حكما، هل تتفقون مع هذا الرأي ؟ > المجلس العلمي الأعلى يضم عدد من كبار علماء المملكة المغربية الشريفة المشهود لهم بالعلم والوسطية والاعتدال والحلم والاستقامة؛ ويمتلكون من الزاد العلمي والنظر الواقعي ما يؤهلهم لإعطى الفتوى الشرعية التي تنطلق من النصوص وتستحضر الواقع والمتوقع. إن فتوى من المجلس العلمي الأعلى تعطي الرأي الشرعي الصحيح بعيدا عن الآراء والتفسيرات الشخصية، التي قد لا تكون مؤسسة تأسيسا شرعيا سليما، ومن ذلك ما تجود به علينا وسائل التواصل الاجتماعي من آراء وتفسيرات من أشخاص لا يتوفرون على أبسط شروط القول في الدين، أو من أشخاص يسعون إلى استغلال مثل هذه المناسبات لأغراض شخصية أو حزبية أو فئوية. كما أن رئاسة جلالة الملك للمجلس، باعتباره أميرا للمؤمنين، تعطي ضمانة أكبر لتحصين الاجتهاد الصادر عن المجلس وتأطيره بقاعدة عدم تحليل الحرام أو تحريم الحلال، كما أن رئاسة جلالة الملك لهذا المجلس تطمئن مختلف الشرائح والتوجهات. ونحن باعتبارنا باحثين ومهتمين بالشأن العام لنا كامل الثقة في حكمة وتبصر جلالة الملك، من أجل إيجاد الحلول الشرعية المتقدمة، التي تحافظ على التميز المغربي والرقي المغربي في جميع المجالات الدينية والدنيوية.

رأي شرعي محايد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة "القرقوبي" ببلقصيري

8 سنوات لمزور عقود عقارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات