مشروعية فرض هيآت المحامين رسوم الانخراط

القانون ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيأة فرض رسوم على المرشح لمهنة المحاماة (3/2) أظن أن الدكتور عبد الكبير العلوي الصوصي، وهو على ما عليه من علم ومعرفة ودراية وخبرة اكتسبها خلال سنين ممارسته بالوكالة القضائية للمملكة المغربية ومدرسا للقانون بكلية الحقوق بمكناس، ومعروف عنه أنه لا يحركه في ما يكتبه ويجاهر بنشره سوى الهاجس العلمي الذي يقلق كل عالم وفقيه، والهم المعرفي والثقافي الذي يؤرق كل دارس وباحث، كان يدور بخلده ولو للحظة واحدة، وهو يقوم على موقعه الإلكتروني، بنشر بعض القرارات الصادرة عن القضاء المغربي بإلغاء مقررات بعض هيآت المحامين بالمغرب التي كانت تشترط أداء رسم انخراط على من يتقدم إليها بطلب من أجل قبول قيده بها، ويقوم بالتعليق عليها، ويكتب عريضة من أجل المطالبة بإلغاء هذا الشرط من الأنظمة الداخلية لهيآت المحامين، أن هذا النشر سيثير عليه عاصفة من الانتقادات و يحرك ضده زوبعة من الاحتجاجات الكثيرة من فئة من المحامين كانت الأغلبية الغالبة منها تشتط عن قواعد مقارعة الحجة بالحجة وعن أصول مجابهة الدليل بالدليل. بدأت هيآت المحامين تستشعر الخطر المحدق بالمهنة بسبب ذلك، لاسيما بعد أن لاحظت، عن حق، أن المهنة لم تبق محجا لمن كانت تحدوه الرغبة الحقة في الانتماء إليها وكانت تتوفر لديه أدوات العمل لمزاولتها، من كفاءة وتكوين وسلوك وغيرها، وإنما أصبحت ملجأ وملاذا لمن انقطعت به سبل البحث عن عمل، بعد أن أضناه انتظار العثور عليه والظفر به. وما ترتب عن ذلك من آثار سلبية على أداء هؤلاء بعد تخرجهم بعد نهاية فترة تمرين قصيرة كانت تنتهي باجتيازهم امتحانا بسيطا، كانت الغالبية العظمى منهم تنجح فيه بسهولة ويسر. ووجدت أن الحل الأنسب في نظرها للحد من موجات الإقبال الكثيف على المهنة، هو الرفع من مقادير رسوم الانخراط فيها. وقامت بالتنسيق في ما بينها على الصعيد الوطني بالرفع من مقادير هذه الرسوم إلى الحدود التي اتسمت بالمبالغة والغلو. عندئذ، لم يعد هنالك من مفر أمام من يرغب في الولوج إلى مهنة المحاماة، ولا يكون متوفرا على المقدار المطلوب منه أداؤه، سوى الإذعان لهذا الشرط والقيام بأدائه ليتم قبول طلبه. ولو لقي في سبيل ذلك لأيا شديدا وناله من ذلك عنت كبير،أو العدول عن طلبه في انتظار قيامه بتدبير هذا المبلغ بطريق من الطرق، أو اللجوء إلى القضاء من أجل الطعن في المقرر الضمني أو الصريح الصادر عن مجلس الهيأة بعدم قبول أو برفض الطلب الذي تقدم به إليها. وكان القضاء يستجيب لطعنه، ويقضي بإلغاء القرار الصريح أو الضمني بعدم قبول أو برفض طلبه، ويحكم بعد التصدي بقيده بجدول الهيأة التي تقدم إليها بطلبه. وكان يؤسس ما قضى به على أن: " قانون مهنة المحاماة ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيأة فرض رسوم الانخراط على المرشح لمهنة المحاماة، وفق مقرر مجلس الهيأة. وأن المقصود بواجبات الاشتراك الواردة في الفصل 85 من القانون المنظم لمهنة المحاماة والتي يتولى تحديدها مجلس الهيأة هو المبلغ المالي أو الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحمل أعباء تسييرها. وهي تنحصر في العضو المنتمي للهيأة فقط لا الوافد عليها لأول مرة (قرار محكمة النقض رقم 1499 بتاريخ: 6 أبريل 2010 المنشور بالصفحة 94 من العدد 73 من مجلة قضاء المجلس الأعلى الصادر سنة 2011 ). أو على: " أن المرشح لمهنة المحاماة لا يشترط فيه سوى أن يكون مغربيا. وأن مجلس هيأة المحاماة لا يحق له فرض رسم الانخراط. وأن النظام الداخلي لمجلس الهيأة يجب ألا يكون متعارضا مع قانون مهنة المحاماة " (قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 23 بتاريخ : 29 ماي 2014). فهل هذا الاتجاه الذي سارت عليه، وبدون استثناء، كل غرف المشورة لدى محاكم الاستئناف بالمملكة التي عرض عليها الأمر، وثبته وشايعها فيه أعلى مستوى للقضاء وهو محكمة النقض، اتجاه صحيح مطابق للقانون أم أنه خلاف ذلك؟. جوابا عن هذا السؤال، أبادر إلى قول إن هذا المنحى الذي سار عليه القضاء يحدث ميزا واضحا ما بين واجب الانخراط الذي أكد على أنه رسم، وواجب الاشتراك المنصوص عليه في المادة 91 من قانون المهنة، كان حليفه الصواب في الوقت الذي صدر فيه، وكانت المهنة فيه منظمة بمقتضى ظهير: 10/09/1993، وقبل أن يصدر القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم : 28.08، المتضمن نصا يخول لمجالس الهيآت أن تبت في طلبات التسجيل في الجدول بعد استكمال عناصر البحث داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ إيداع الطلب وأداء واجبات الانخراط ، هو نص المادة 20 منه. ذلك بأن الفرق بين هذين الواجبين واضح لا غبار عليه. فإن واجب الاشتراك هو عبارة عن قدر مالي غالبا ما يكون سنويا، يحدده مجلس الهيأة التي ينتمي إليها المحامي ويفرض عليه أداؤه برسم مساهمة منه في تحمل تكاليف الهيأة وأعبائها، تحت طائلة اتخاذ مقرر بالتغاضي عنه في حال امتناعه من أدائه كليا أو جزئيا بدون مبرر مقبول (المادتان 75 و 91 من قانون المهنة). فأمر تحديد هذا الواجب، إذن، هو مما يدخل في صميم اختصاص مجالس الهيآت بحكم ما يخوله لها قانون المهنة من صلاحيتها لوضع أنظمة أساسية وسن ضوابط داخلية تحكم علاقة هذه المجالس بالمحامين المنتمين إليها. ومن صلاحية كذلك إدارة أموال الهيأة وتحديد واجب الاشتراك. وهي حرة في أن تفرض هذا الواجب على المحامين المنضوين تحت لوائها، وفي ألا تفرضه عليهم، مثلما هي حرة مبدئيا في حال فرضه، في أن تعين مقداره وطريقة أدائه ودورية هذا الأداء. ولا يحد من هذه الحرية سوى أن يكون تقديرها لهذا الواجب منصفا وعادلا لا يشوبه غلو أو مغالاة. إذ إنه في هذه الحال الأخيرة يكون من حق المحامي الذي يعتبر نفسه متضررا منه أن يلجأ إلى القضاء، بما له من ولاية عامة، من أجل تحديد هذا الواجب في مقدار عادل. أما واجب الانخراط في المهنة، فهو كما يدل على ذلك اسمه، ليس قدرا من المال يفرضه مجلس الهيأة على محام ينتمي إليها ويخضع لأنظمتها وضوابطها، وإنما هو قدر مالي يفرضه على شخص أجنبي عن الهيأة لم يلتحق بها بعد ويريد الانضمام إليها، أو إن شئت قل على شخص وافد عليها إذا ما استعرنا عبارة قرار محكمة النقض سالف الذكر. فهو إذن واجب مالي توجب مجالس الهيآت أداءه على أشخاص أجانب عنها ما زالوا لم يلتحقوا بها.. * نقيب سابق لهيأة المحامين بالجديدة

مشروعية فرض هيآت المحامين رسوم الانخراط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحباط توزيع جبن فاسد

هروب زعيم "المافيا" الهولندية بإسبانيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات