القيادي الاستقلالي قال لـ "الصباح" إن اجتماع المجلس الوطني فتح صفحة جديدة من حياة الحزب أجرى الحوار: عبد الله الكوزي / تصوير: (عبد المجيد بزيوات) يرى عادل بن حمزة، القيادي في حزب الاستقلال، أن مجهودا كبيرا بذل من أجل تحقيق توافق وطي الخلافات من أجل التوجه إلى محطة المؤتمر الوطني الثامن عشر في صحة تنظيمية جيدة. وبرأي المتحدث نفسه، أن اجتماع المجلس الوطني الأخير، شكل انتصارا استقلاليا على الذات، وتتويجا لمسار طويل من المصالحة الداخلية، مضيفا أن الاستقلال مثل الفرق الكبرى يمرض ولا يموت. في هذا الحوار يبسط بن حمزة العديد من القضايا المرتبطة بالمؤتمر الوطني المقبل وبالتعديل الحكومي، وبما يجري من تدافع داخل الحزب. عقد حزب الاستقلال، أخيرا، مجلسا وطنيا وأعطى انطلاقة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني بعد تأخر دام سنتين نتيجة صراعات داخلية بين تيار الأمين العام وتيار حمدي ولد الرشيد، هل يمكن القول إن الحزب تجاوز خلافاته الداخلية؟ بكل تأكيد كانت محطة المجلس الوطني انتصارا استقلاليا على الذات، وتتويجا لمسار طويل من المصالحة الداخلية والتوافق ساهم فيه الجميع ولعب فيه الأمين العام وحمدي ولد الرشيد دورا بارزا، ولم يكن من السهل العبور الجماعي من ضفة الشك والخوف من استمرار منطق الأزمة والمواجهة، إلى ضفة اليقين والثقة وتلاحم كل مكونات الحزب، لذلك يمكن القول بأن الأمر يتجاوز في الحقيقة أن اجتماع المجلس الوطني وتشكيل اللجنة التحضيرية لحظة تنظيمية صرف، إلى أنها لحظة تأسيسية لمرحلة جديدة أوضح فيها الاستقلاليون والاستقلاليات قدرتهم الجماعية على طي كل الخلافات وفتح صفحة جديدة في حياة الحزب الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة. فقد تلام باقي الأحزاب إن أخطأت أو تخلفت عن لعب الأدوار المنوطة بها، لكن حزب الاستقلال لا حق له في التخلف عن لعب أدواره في المجتمع وهو من هو في تاريخ البلاد ووجدان الشعب المغربي، لذلك لم يكن مقبولا تعطيل الحزب، خاصة أن الخلافات ليست عميقة بالشكل الذي روج له، بل هي مجرد تقديرات تختلف باختلاف المنطلقات، لكنها تبقى نسبية في النهاية وتحت سقف البيت الاستقلالي. هل معنى ذلك أن ترشيح نزار بركة بمفرده لولاية ثانية يدخل في هذا الإطار؟ ترشيح نزار بركة لولاية ثانية كان موضوع إجماع داخل اللجنة التنفيذية ويحظى بتأييد واسع داخل الحزب، بطبيعة الحال النظام الأساسي للحزب يفتح باب الترشيح وفقا لشروط محددة، لكن دعم اللجنة التنفيذية لترشيح نزار يحمل دلالات، أبرزها أن التوافق كان شاملا وواضحا، ثم أن الولاية الأولى تأثرت بسنوات جائحة كورونا وما فرضته على كثير من الهيآت السياسية من حد أدنى من الفعاليات التنظيمية والتأطيرية، لذلك أعتبر ولاية ثانية لنزار بركة أمرا مساعدا في بناء مرحلة جديدة بالنسبة للحزب ومنصفة بالنسبة إلى نزار. أثارت الصفعة التي وجهها عضو من اللجنة التنفيذية للحزب لعضو آخر من الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، جملة من التعليقات في وسائل الإعلام وعلى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، هل تعبر هذه الحادثة عن تردي في العلاقات بين أعضاء الحزب إلى هذا المستوى أم أن الأمر يخفي صراعات لم ينجح منطق التوافق الذي تحدثت عنه في أن يطوقها؟ لا هــذا ولا ذاك، الأمر كان عبارة عن حادثة معزولة وذات طابع شخصي، مع الأسف وسائل الإعلام تركت حدثا كبيرا في حــزب كبيــر انتصر على خلافاتـه بشكل مثالي، وركزت على حادثة جانبية واستثنائية، الأمر في الحقيقــة أصبح عاديا لأن الأغلبية العظمى من وسائل الإعلام تطارد اللايكات والمشاهدات والبوز وهو أمر مفهوم، لكن ما هــو غيــر مفهـــــوم هــو أن يتــم التركيــز كليا على ذلك واختــــزال أشغــــال المجلس الوطنــي كلحظة وصل إليها الحزب بجهد كبير قدم فيه الجميـــع تنازلات، جنبت حزبا وطنيا كبيرا الدخول في متاهـــات لا يعرف أحد كيف يمكن أن تكون نهايتها، علما أن الحزب ليس مجتمعا للملائكة ولم يسبــق له أن ادعى ذلك. عندما تصدر سلوكات مرفوضة وتشكل حالة خاصة واستثنــائية حتى في سلوكات أفراد كما عرفتهم شخصيا على مدى سنوات، لا يمكــــن ومن غير المنصف أن نقوم بتعميمها على الحزب ككل أو اتخاذها ذريعة للهجوم على الحزب والمنتسبين إليه بما يحمله التعميم عادة من إساءة لجميع الاستقلاليات والاستقلاليين. أما الحديث عن الصراعات بين الاستقلاليين فإنني أفضل كلمة التنافس على المواقع التنظيمية والسياسية، علما أن ذلك لا ينفـــي في حــالات معـــدودة أن يتجــــاوز التنــافــس بعض الحدود لكن الدينامية التنظيمية والسياسية للحزب قادرة بصورة طبيعية على القيـــام بعملية الفرز الضرورية، هذا درس التاريخ الخاص للحزب. الحزب تجاوز مرحلة التوتر هل يمكن القول إن الحزب تجاوز مرحلة الانقسامات والصراعات التي خلفتها مرحلة حميد شباط؟ لم تكن هناك خلافات تقود إلى الانقسام. مع الأسف كانت هناك عوامل متعددة ساهمت في توتر الأجواء، وأنا كنت مسؤولا في قيادة الحزب وشاهد على كثير من الأحداث والمواقف والأزمات التي تطورت من حوادث عادية، لكن بكل تأكيد كان هناك منسوب ضعيف من الثقة داخل القيادة، وهذا الأمر لم يساعد في تطويق عدد من الأزمات في بدايتها، إضافة إلى ذلك كان هناك سياق وطني ضاغط في تلك المرحلة بشكل استثنائي، وكنا أمام تقديرات مختلفة لم نحسن التعبير عنها بشكل يسمح ببناء مساحة مشتركة والقدرة على تجسير الهوة بين الأطراف، لكن مع ذلك وفي أقصى لحظات التوتر حافظنا على علاقات شخصية وإنسانية بدون تجريح، لكنها صراحة كانت مرحلة قاسية أيضا. هذا الترفع الذي طبع سلوك الجميع هو ما جعل القدرة على تجاوز سلبيات المرحلة ممكنا، وذلك على أرضية ممارسة نقد ذاتي جماعي. هل أخطأنا؟ نعم بكل تأكيد قمنا بذلك، هل أخطأ الآخرون؟ نعم بكل يقين حصل هذا الأمر، لكن العبرة بالخواتيم والنتائج. وجهة نظر ثالثة وليست تيارا أعلنتم رفقة كل من عبد القادر الكيحل وعبد الله البقالي في المؤتمر السابق للحزب عن تأسيس تيار الخط الثالث، ما هو موقف التيار من التطورات التي يعرفها الحزب حاليا؟ وهل ستترشح مرة أخرى للجنة التنفيذية؟ لا هذا الأمر غير صحيح نحن الثلاثة قدمنا وجهة نظر ثالثة داخل المؤتمر بين ترشيح الأخوين حميد شباط ونزار بركة في بلاغ للاستقلاليات والاستقلاليين، قمنا فيه بشرح الوضعية داخل الحزب وأسباب فك الارتباط بحميد شباط بعد محاولات عديدة لثنيه عن الترشح لمنصب الأمين العام لولاية ثانية، وقد ظل الأمر في حدود المؤتمر ولم يتطور إلى تيار مهيكل داخل الحزب، بل كان تقديرنا هو المساهمة من خارج قيادة الحزب في الحفاظ على استقراره والإنخراط متى كان ذلك ممكنا في كل المبادرات التي يطلقها والفعاليات التي ينظمها دون تشويش أو مزايدات أو ازدواجية تنظيمية، وكان تقديرنا أن الحزب بحاجة إلى الاستقرار وبناء علاقات الثقة والتخلص من المواقف المسبقة، وهكذا شاركنا في اجتماعات الحزب بصورة عادية وترشحنا وفزنا في الانتخابات، وكنا قريبين من سير العمل داخل الحزب إلى لحظة انعقاد أشغال المجلس الوطني في دورته الأخيرة وتشكيل اللجنة التحضيرية، وقد كنا مساندين للمبادرات الخلاقة التي سعت وتسعى إلى لم الشمل وتوحيد جهود الاستقلاليين للتركيز على منافسي الحزب من خارجه وليس استهلاك جزء كبير من الطاقة في صراعات داخلية لا تقوم سوى بإضعاف الحزب. أما بخصوص الترشح للجنة التنفيذية من عدمه فهذا أمر غير مهم بالنسبة إلي في هذه المرحلة، المهم هو أن نذهب إلى المؤتمر الوطني موحدين وبرؤية واضحة للقضايا والإشكالات التي تشغل الرأي العام ببلادنا، وتقديم إجابات وتصورات لأبرز الأسئلة المطروحة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يليق بحزب كبير كحزب الاستقلال يمكن لكل مناضل ومناضلة أن يشتغلا فيه من مواقع مختلفة ومتعددة. حكومة أخنوش في حاجة إلى نفس جديد كثيرون يربطون عقد مؤتمر الحزب بتعديل حكومي مرتقب، هل تعتقد أن الحكومة في حاجة إلى تعديل جزئي أو تعديل شامل، وهل ينطبق الأمر نفسه على أعضاء الحكومة باسم حزب الاستقلال ممن يرى البعض أن منهم من لا علاقة له بالحزب؟ بلا شك الحكومة بحاجة إلى نفس جديد عند منتصف الولاية وهذا الأمر صار عرفا في بلادنا. أيضا هناك الكثير من المستجدات المرتبطة بالسلطة التنفيذية والتي تحتاج ليس فقط إلى تعديل يركز على الأسماء و القطاعات فحسب، بل في اعتقادي الأمر يحتاج إلى مراجعة الهندسة الحكومية ككل وما يتبع ذلك من مراجعة للبرنامج الحكومي، فتنظيم المغرب لكأسي إفريقيا والعالم وما يفرضه ذلك من أوراش كبرى في مجالات مختلفة وأساسا البنية التحتية، تضاف إلى ذلك المبادرة الدولية الموجهة من قبل جلالة الملك محمد السادس إلى دول الساحل والصحراء للولوج إلى المحيط الأطلسي عبر استخدام البنية التحتية التصديرية المغربية خاصة عبر الميناء الأطلسي بالداخلة، ثم تداعيات زلزال الأطلس الكبير وجهود إعادة الإعمار، كل هذه المتغيرات وغيرها تفرض ضرورة إعادة النظر في هيكلة وتركيبة الحكومة بالشكل الذي يحدث فارقا على مستوى الحكامة وعلى مستوى النتائج، وبما يمكن بلادنا من احترام التزاماتها الدولية في ظل تحولات جيوإستراتيجية عميقة ومعقدة، وهذا الأمر يهم الحكومة برمتها. الأحزاب تعيش أزمة عالمية هل تتوافق الحاجة التي تحدثت عنها مع السكون الذي يعرفه المشهد الحزبي والسياسي، ألا يمثل ذلك خطرا على تراكم التجربة الديمقراطية، وهل من تعليق على الخطوة التي قامت بها جماعة العدل والإحسان أخيرا من خلال الإعلان عن وثيقتها السياسية؟ المشهد الحزبي يعاني ليس فقط على المستوى الوطني، بل على المستوى الدولي، بفضل تراجع دور السرديات الكبرى التي كانت تقدم تصورات وبرامج مجتمعية للدولة والمجتمع، وبالتالي فهي أزمة عالمية عامة، من مظاهرها أيضا دعوات للحد الأدنى من الدولة، عبر تخلي الدولة عن التزاماتها ومسؤولياتها الاجتماعية، لذلك فإن صيانة التجربة المغربية تحتاج إلى عمل جماعي يستند على شرعية الإنجاز والمضي قدما في الدينامية المرتبطة بموضوع الحماية الاجتماعية الشاملة وانعكاساتها على المعيش اليومي للمغاربة، لذلك فالمغاربة وإن كانوا يدركون دقة المرحلة وتراكم الأزمات، فإنهم متحمسون للوجه الجديد الذي يكشف طموحات المملكة. أما بخصوص جماعة العدل والإحسان فأعتقد أنها أخطأت الموعد عندما لم تحول الدائرة السياسية عند إحداثها لحزب سياسي، للتمييز بين الجانب الدعوي والسياسي، وذلك كان مرهونا بتوضيح موقف الجماعة من النظام السياسي، هذه الجرأة افتقدتها الجماعة الآن أيضا في الوثيقة السياسية، وعلى كل حال أصدرت الجماعة وثائق متعددة في محطات مختلفة لكنها بقيت بلا تأثير اللهم الانشغال الإعلامي بها لحظة صدورها، أذكر هنا "الإسلام أو الطوفان"، إلى من يهمه الأمر، "حلف الإخاء"، ووثيقة جميعا من أجل الخلاص. الأمر الثاني الذي يحتاج إلى توضيح هو موقف الجماعة من التيارات الأخرى بعيدا عن وعيد "عملية الكنس والتطهير" التي عرضها شيخها الراحل عبد السلام ياسين في "سنة الله" و"حوار مع الفضلاء الديمقراطيين"، قد يكون الأمر أيضا تعبيرا عن أزمة داخلية تتعلق بانسداد الأفق وعدم قدرة الجماعة على إنتاج سردية قوية متماسكة في سياق التحولات التي يعرفها المغرب، خاصة بعد وفاة الشيخ المؤسس، علما أن الجماعة ضاع تأثيرها في آخر قلاعها والمتمثلة في الجامعات بعد التخلص من أغلب التيارات السياسية والحزبية، صحيح أن البعض يعتبر الأمر شكلا من أشكال التفاوض مع الدولة لكنني أعتقد بأن الأمر ليس كذلك، بل هو تنفيس عن وضع داخلي يتسم بضعف الجرأة والقدرة على القيام بمراجعات شجاعة. في سطور < من مواليد 20 شتنبر 1975 بالخميسات < متزوج وأب لطفلين < أستاذ باحث < رئيس مركز الأفق للدراسات وتحليل السياسات < كاتب ومحلل سياسي < الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال 2016-2012 < عضو مجلس النواب 2011-2016 < عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي 2016-2015 < مستشار لرئيس الحكومة (2011-2007) < نائب كاتبة مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة 2021-2027