إصدار جديد يرصد مفهومي الإنسان والعالم خلال القرن 8 الهجري صدر حديثا للباحث محمد رضى بودشار، كتاب جديد بعنوان "الإنسان والعالم في تصوف الغرب الإسلامي.. خلال القرن الثامن الهجري"، عن منشورات باب الحكمة بتطوان. الكتاب الجديد الذي تولى تقديمه الدكتور جعفر بن الحاج السلمي يسعى إلى تقديم تصور عن التصوف الإسلامي عامة، وفي الغرب الإسلامي على وجه الخصوص، انطلاقا من نماذج وإن كان قد حددها المؤلف في القرن الثامن الهجري، فإنه ينفتح على باقي الأزمنة. وتوزعت فصول الكتاب بين مواضيع مختلفة منها، حاول المؤلف فيها الجمع بين المدونات الصوفية النظرية، والمدونات المعبرة عن التجربة الصوفية من خلال حيوات الأولياء والصالحين والمعروفة بكتب المناقب. هذه المزاوجة حالت دون الاستغراق النظري وعزل التصوف عن التجربة الواقعية، كما حالت دون هيمنة النزعة الوصفية وعزل التصوف عن خلفيته النظرية وما يتعلق به من تصورات وأفكار واصطلاحات. وتوصل بودشار في تحليله إلى أن الخيط الناظم للخطاب الصوفي هو أن الإنسان من خلال التجربة والفكر الصوفيين يعيش عالمين، من خلال تصدع علاقته بالعالم الذي ينتمي إليه، وتطلعه إلى العالم الآخر من خلال حنينه إلى الجنة. وجمع المؤلف بين المقاربة الفلسفية والتاريخية، ما دفعه إلى رصد أشكال الاتصال والانفصال بين الإنسان والعالم في تصوف الغرب الإسلامي، انطلاقا من أن أسئلة التصوف وتجربة المتصوف هي بالأساس تجربة وجودية لها تصورها للمعرفة والقيم. والمقاربة التاريخية، المستندة إلى كيفية اشتغال التاريخ على الذهنيات، من خلال رصد قضايا تلامس الجانب الحساس في التجربة الإنسانية البسيطة والساذجة والعالِمة، من خلال مفاهيم: الزمن والموت، والطبيعة والجنة. ليصل في النهاية إلى أن هذا التصوف عبر في العمق عن فكرة جوهرية مفادها أن الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة تحقق من خلال النزول من الجنة إلى الأرض. ويعكس هذا القلق المنهجي لصاحبه، الذي انطلق من التاريخ، بالمعنى التقليدي المتمثل في رصد التحولات الاقتصادية والسياسية والوقائع العسكرية، وحاول التخلص منه، بالاستفادة من غنى النصوص الصوفية النظرية والمنقبية، إلى دراسة الانفعالات والأحاسيس والأفكار والتصورات المتعلقة بعلاقة الإنسان بالعالم. عزيز المجدوب