مسؤولية الأحزاب ثابتة

البقالي: إقرار مدونة للأخلاقيات وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة لتجويد عمل المؤسسة التشريعية أعادت الرسالة الملكية الموجهة إلى البرلمان، لمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه، سؤال التخليق إلى الواجهة، مؤكدة أن من أبرز التحديات التي ينبغي رفعها للسمو بالعمل البرلماني، ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية. ودعا جلالته إلى تخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم، وتحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، فضلا عن العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة. ويرى عبد الوهاب البقالي، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بكلية الحقوق بالجديدة، أن الرسالة الملكية الموجهة إلى البرلمان مهمة، لأنها قادمة من الفاعل السياسي المركزي في الدستور، مشيرا إلى أن الخطب والرسائل الملكية جرى العرف دستوريا على اعتبارها توجيهات ملزمة للمؤسسات السياسية. وأوضح البقالي في حديث مع «الصباح»، أن مسؤولية الأحزاب السياسية ثابتة في تزكية مرشحين لعضوية البرلمان بغرفتيه لا تحوم حولهم شبهة الفساد، خاصة بعد أن أصبح ولوج المؤسسة التشريعية، مرتبطا بمعايير بعيدة عن النخب القادرة على القيام بكل من وظيفتي التشريع والمراقبة، بالإضافة إلى القدرة على تقييم السياسات العمومية. وبرأي المحلل السياسي، فأغلب النواب البرلمانيين ينتمون إلى فئات سوسيولوجية يطبع يغلب ظاهريا صفة رجال المال والأعيان، حيث استطاعت هاته الفئة خلال العقدين الأخيرين، خاصة بعد حكومة التناوب التوافقي، الانغراس وسط المجتمع بآليات ووسائل يطبعها الجاه والنفوذ والمال، والقرب الشديد من دوائر السلطة، في حين تراجعت بشكل كبير فئات الطبقة المتوسطة، التي سيطرت على برلمانات ما قبل دستور 1996. وأكد البقالي أن الأخطار التي أصبحت تشكلها هاته الوصفة على الممارسة الديمقراطية التمثيلية، جعلت المؤسسة الملكية تبادر إلى تهييء أجواء الانتخابات التشريعية المقبلة لسنة 2026، غير أن الوصول إلى هذا الهدف، ينبغي معه إقرار آليات، جزء منها مؤسساتي مرتبط بالأحزاب السياسية، إذ ينبغي القطع نهائيا مع ترشيحات ما يسمى الأعيان، خاصة الذين تحوم حولهم شبهة الفساد، والذين عوضوا النخب السياسية داخل المؤسسة التشريعية. إن إقرار ميثاق أو مدونة للأخلاقيات، يعتبر جزءا من الحل، يقول البقالي، مطالبا بضرورة أن يرافقها تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى يجد هذا الهدف طريقه للتنفيذ. ويمكن القول إن طبيعة النظام الحزبي نفسه، ساهمت في هذا الارتباك السياسي القيمي والأخلاقي، ما يطرح سؤال عقلنة المشهد الحزبي وإعادة رجل السياسة لهاته المؤسسة، بدل أعضاء أظهرت الممارسة عرقلتهم، وإضعافهم للبرلمان بغرفتيه، ما يشكل خطرا على الديمقراطية برمتها. وأوضح المحلل السياسي، أن من أهم الأسباب التي ستعيد للبرلمان وهجه وبريقه التشريعي، ويرفع عنه شبح ضعف المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، هو ذهاب التحقيقات القضائية والمحاكمات في حق عدد من المتورطين في قضايا الفساد المختلفة إلى أبعد مدى، حتى تجعل الأمر أكثر جدية، مع توجيه تنبيهات إلى الأحزاب حول مسؤوليتها الثابتة بخصوص فساد البرلمانيين، سيما أن عملية التزكيات لا تتم في غالب الأحيان، وفق معايير الكفاءة العلمية، والقدرة على الإنتاج الفكري والتشريعي، بل ترتبط بالإمكانيات المالية للمرشح ونفوذه، ومدى امتلاكه لأدوات الكسب الانتخابي، التي عرقلت هذا المسار في العقدين الأخيرين. وأمام حالات متابعة عدد من البرلمانيين بتهم الفساد، وإسقاط عضوية عدد منهم من قبل المحكمة الدستورية، وتورط آخرين في ملفات تتابع اليوم أمام القضاء، باتت مسؤولية الأحزاب تثير الكثير من النقاشات، بل أصبحت هيآت المجتمع المدني، خاصة العاملة في مجال الدفاع عن المال العام، توجه أصابع الاتهام إلى قيادات الأحزاب، محملة إياها المسؤولية في ترشيح أشخاص رغم علمها بالشبهات التي تحوم حول بعضهم، لأن لهم من الإمكانيات ما يؤهلهم للحصول على المقعد. والحال أن ممارسة العمل السياسي النزيه، تقتضي أن تؤطرها مرجعيات أخلاقية، أولاها أن من يسعى إلى الترشح لتدبير الشأن العام، لا يجب أن تحوم حوله أي شبهة، وأن يكون له مستوى تعليمي يؤهله لتمثيل المجتمع، ويتمتع أولا بالنزاهة ونظافة اليد. من أجل مدونة انتخابات جديدة برأي العديد من المهتمين بتتبع واقع الممارسة البرلمانية، تتحمل الأحزاب المسؤولية في ما تعانيه المؤسسة التشريعية من ضعف في الوظيفة الرقابية، وأيضا في نزاهة الأعضاء المفترض فيهم التشريع للأمة، ومراقبة عمل الحكومة، بل الأكثر من ذلك، هو أن عملية منح التزكيات من قبل قيادات الأحزاب، تحوم حولها شبهات، والنتيجة هي ترشيح أشخاص من أصحاب النفوذ المالي، مقابل تقديم أموال للحزب، أو لبعض القياديين المتحكمين في لجنة منح التزكيات. وتطالب العديد من الأحزاب، خاصة التقدمية، بتعديل قانون الأحزاب ومدونة الانتخابات، في اتجاه منع الأشخاص، الذين تحوم حولهم شبهات فساد من الترشح للانتخابات، كما تطالب بعض الأصوات المعارضة بتجريم تضارب المصالح، وإعادة النظر في قانون التصريح بالممتلكات، وتجريم الإثراء غير المشروع بعقوبات حبسية رادعة، وإجراءات فعالة وناجعة. برحو بوزياني

مسؤولية الأحزاب ثابتة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هروب النخب من السياسة

"سالينا"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات