الكوميديا تعاني ضعف السيناريو والإدارة الفنية

تعرف عليه المشاهد المغربي من خلال الجزء الثاني لسلسلة "الكوبل" رفقة حسن الفد ودنيا بوتازوت وسميرة هشيكة. هيثم مفتاح وقع من خلال ظهوره العابر عبر شخصية "لحبيب" على حضور لافت أظهر الطاقات الإضحاكية التي يختزنها، فضلا عن مواهب أخرى في الكتابة. في هذا الحوار الذي خص به الممثل الشاب "الصباح" يكشف كواليس إعداد جزءي سلسلة "الكوبل"، كما يتحدث عن بداياته في مجال التمثيل وعلاقته بحسن الفد وأشياء أخرى. شاركت في كتابة الجزء الأول من سلسلة "الكوبل"، إلا أن اسمك سقط سهوا من الجينريك، قبل أن تظهر ممثلا في جزئه الثاني، هل يمكن أن تحدثنا عن هذه التجربة؟ تجربة "الكوبل" جاءت بعد تجارب عديدة أخرى من قبل، منها ما كان مع الفنان حسن الفد، الذي اختبر قدراتي في التمثيل والكتابة، ورأى أني أصلح للاشتغال معه. ألم تخلف مسألة سقوط اسمك سهوا من جينريك السلسلة في جزئها الأول أي شيء في نفسك؟ ليس بالأمر الذي قد يتصور الجميع، فلا أحد بطبيعة الحال يحب أن يذهب مجهوده سدى، إلا أنه والحمد لله تبين لي أن بصمتي كانت حاضرة في العمل ونجحت فيه رفقة آخرين، وتم استدراك المسألة في الجزء الثاني. ألم يكن حضورك ممثلا في الجزء الثاني من السلسلة تعويضا على هذا الخطأ اللاإرادي؟ لا لم يكن الأمر كذلك، فنجاح سلسلة "الكوبل" في جزئها الأول، حتم على طاقمها الإبقاء على ثوابتها، والعوامل التي ساهمت في نجاحها، وهو ما جعلني مستمرا في جزئها الثاني. في تجسيدك لدور "لحبيب" ضمن السلسلة، ألم تكن تستحضر لا شعوريا شخصية تشبهها رأيتها من قبل؟ معالم شخصية "لحبيب" تشكلت لدي فقط خلال مرحلة كتابة السلسلة في جزئها الثاني، والتي استغرقت ثلاثة أشهر، وهي مدة كافية بالنسبة إلي لتبين ملامحها، ثم إن الكتابة والإدارة الفنية للأستاذ حسن الفد كان لها أيضا دور في خروج هذه الشخصية إلى الوجود بالشكل الذي ظهرت به إلى المشاهدين. المثير في شخصية "لحبيب" أنها حاولت إضحاك المتلقي بسذاجتها وبدويتها، علما أن هذا الأسلوب مستهلك كثيرا في الفكاهة المغربية، كيف دبرتم هذه المسألة؟ شخصية "لحبيب" لم تكن "عروبية" مائة بالمائة، لأن فيها أشياء يمكن أن تنطبق أيضا على شخصية مدينية، لكن فيها جانب آخر مستمد من البيئة القروية، والمتمثل في فشل "لحبيب" في الانتقال إلى المدينة على غرار أترابه بالدوار، ومكوثه وحيدا رفقة حماره وعربته، كما أنه يعاني أمراضا نفسية وعضوية رُسمت بدقة من خلال الكتابة، إذ في كل مشهد ترفق معه الحالات التي يجب أن تكون عليها الشخصية إلى جانب الحوار. ظهرت لديك أيضا من خلال شخصية "لحبيب" مواهب موازية في الغناء والرقص هل يتعلق الأمر بتكوين خاص في هذا المجال؟ (ضاحكا) كانت لدي أنشطة فنية سابقة احتككت فيها بالغناء والرقص، أما في ما يخص المشاهد التي مارست فيها هذين النشاطين فكانت خلال حلقة سميناها "الإف إم" لأن "لحبيب" كان يبدو فيها منفصلا عن العالم، وكأنه إذاعة موجهة على موجة أو تردد معينين. كنا نتداول في المواد الغنائية المقترحة فيها في ما بيننا، رفقة حسن الفد وسميرة هشيكة، إلى أن وقع الاختيار على نماذج من الغناء الشعبي وأغنية أخرى في نهاية الحلقة هي "إنت باغية واحد" حتى تبدو الحلقة "بنت الوقت". كيف ستستثمر نجاحك في سلسلة "الكوبل" في المراحل المقبلة، هل ستستمر في الاشتغال رفقة الفد بالأسلوب نفسه أم أنك لك رأيا آخر؟ من المؤكد أنني سأواصل على الأسلوب نفسه الذي طورته بفضل اشتغالي مع حسن الفد، لأنها طريقة مختصرة ومركزة وتصل إلى المتلقي بيسر وسهولة، أنا هنا أتحدث عن الجانب المتعلق بالكتابة، إذ تبين أن هذه الطريقة ناجعة وعملية بالنسبة إلى المتلقي، بدل إغراقه في وقت أطول دون نجاعة كوميدية. بهذا الأسلوب تقدمون نقدا غير مباشر للأنماط الكوميدية التي تقدم على التلفزيون المغربي؟ ليس بهذا المعنى، لكن هذا لا يمنع من أقول إن المشكل الذي تعانيه الكثير من الأعمال الكوميدية في المغرب يتعلق بضعف الإدارة الفنية وإدارة الممثلين، وضعف السيناريو والكتابة. حدثنا عن هيثم مفتاح ما قبل شخصية "لحبيب"؟ ولدت ونشأت بحي سباتة بالدار البيضاء، وفي هذا الوسط الشعبي يجد المرء نفسه متشبعا بعدد من المواقف والشخصيات التي يصادفها وقد يستثمرها في ما بعد إن هو اختار طريق الفن والتمثيل، كما أن ترددي على بوادي المغرب بين الفينة والأخرى جعلني أتعرف على بيئتها وشخوصها. متى استشعرت في نفسك مواهب التمثيل؟ لن أكذب وأقول إنني منذ الطفولة وأنا موهوب، أو أنني أضحكت والدي لحظة ميلادي أو أي شيء من هذا القبيل، فأنا لم أكتشف في نفسي القدرة على تجسيد المواقف الكوميدية، إلا سنة 2007، وتحديدا بمحترف المسرح التابع لكلية العلوم بالبيضاء، وقبل ذلك، كنت كغيري من المغاربة، أشاهد المسرحيات الكوميدية من قبيل مسرح الحي أو مسرحيات محمد الجم ونزهة الركراكي وغيرها. بعدها التحقت بمحترف البحث المسرحي والموسيقي تحت إشراف الأستاذ حميد مرشد بكلية الآداب عين الشق، ثم سجلت نفسي بالمعهد البلدي للموسيقى بشارع باريس بالبيضاء، لدراسة المسرح الفرنسي باقتراح من حسن الفد.وسبق لي أن اشتغلت في عدد من الأعمال المسرحية في إطار المسرح الجامعي ضمن المحترفات التابعة للكليات. وكيف جاء انتقالك إلى الكتابة؟ أول سكتش ألفته كان في مجال "الستانداب" نهاية 2009، وقدمته بدار الشباب بحي سيدي مومن، أمام جمهور صعب المراس لا يجامل، استحسن العرض فوقع بذلك شهادة ميلادي في مجال الكتابة والتشخيص، وواصلت بعدها، إلى أن التقيت الفنان حسن الفد قبل أربع سنوات، عن طريق صديق مشترك هو عبد العالي لمهر، وشكلنا ثلاثيا منسجما على المستويين الشخصي والفني ورافقته في عدد من جولاته الفنية واستفدت منه كثيرا، وما أزال، إذ يتمتع بقدرة عجيبة على التواصل والتفاعل مع كل الأجيال والمستويات، لذلك ظل محتفظا بشبابه الدائم وتجدده ومواكبته لما يجري في الواقع. بعد اشتهارك من خلال شخصية "لحبيب" ألم تعتبر نفسك كنت مظلوما قبل هذه الفترة رغم أنك بدأت مسارك الفني قبلها بسنوات؟ لا أبدا أعتبر أن شهرة شخصية "لحبيب" جاءت في وقتها، ثم إنني لم أكن متسرعا في طلب الشهرة، وما زال الطريق أمامي طويلا، بل أصبح صعبا، لأن "عتبة" شخصية "لحبيب" عالية وعلي أن أواصل في المستوى نفسه أو أحسن، فلا مجال الآن للتراجع. ما هو الجديد الفني الذي تحضره؟ هناك عمل مسرحي مشترك مع الأستاذ حسن مرشد، إضافة إلى تأليفي مجموعة من السكيتشات الجديدة، وسيناريوهات بعض الوصلات الإشهارية. كدت ألعب للرجاء البيضاوي نشرت لك صور على "فيسبوك" وأنت تشجع فريق الرجاء البيضاوي، ألم تخش أن تفقد جمهورك الذي يشجع فرقا أخرى، خاصة أنك في بداية الطريق؟ (ضاحكا) فعلا أنا رجاوي ودرجت على حب هذا الفريق منذ صغري، لكن دون تعصب، إذ لا أجد حرجا في تشجيع الفرق المغربية الأخرى لكن في مواجهاتها مع الرجاء "الله غالب ما عندي ما ندير"، ولا أعتقد أن في الأمر عيبا بالنسبة إلى أي فنان أن يكشف عن ميوله لفريق معين. كما أود أن أكشف عن أمر آخر وهو أنني سبق أن لعبت في الفئات الصغرى لفريق الرجاء البيضاوي، كما لعبت في ملعبي "تيسيما" و"با امحمد" الشهيرين بحي سباتة، لكن والدي اشترط علي إن أردت الاستمرار في ممارسة كرة القدم أن ألتحق بأحد فرق القسم الأول، ورفض فكرة انتسابي إلى أحد فرق الهواة إلى حين إكمال دراستي، التي وجدت أنها تتعارض مع ممارسة كرة القدم فضحيت بهذه الأخيرة، وعوضتها بالمسرح الذي استطعت التوفيق بينه وبين الدراسة. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

الكوميديا تعاني ضعف السيناريو والإدارة الفنية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غابة وادي فاس... مأوى المهاجرين الأفارقة

دراسة في القانون : أي احتكار لمهنة المحاماة على ضوء مشروع المسطرة المدنية؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات