الباحث في علم الاجتماع يرصد مظاهر الاندماج والتفاعل في النماذج السردية صدر حديثا للكاتب والباحث الهادي العروي كتاب بعنوان "الرواية والسوسيولوجيا: مظاهر الاندماج والتفاعل.. نماذج لعلاقات الانتظام والتداخل" عن منشورات "روافد" بالقاهرة. ويهدف المؤلف من هذه الدراسة، حسب ما جاء في تقديمه للكتاب "رصد" أوجه التلاقي الكثيرة بين السوسيولوجي والروائي" من منطلق أن كل واحد منهما "سخّر ملكة تفكيره واجتهاده المعرفي النظري والمنهجي، في مقاربته للعالم وللوجود وللمجتمع بظواهره، وللنماذج البشرية المتنوعة الأقنعة وللأحداث الواقعية المتخيلة". ويميز الباحث في علم الاجتماع بين المجالين، معتبرا أن " الرواية تتطلب من القارئ/ المتلقي رحلة طويلة يشق فيها دروب فك طلاسم سردها، والإبحار مع الروائي أو السارد في المعاني التي يروم تبليغها والعمل على تأويلها، والتخلص من تجريدات خيالية ومجازية أسلوبه والإجهاد في إدراك أبعاد رؤاه وتصوراته المذهبية والإيديولوجية". في حين أن السوسيولوجي، يضيف الهروي، "لا يحيد عن المسلك الذي سلكه الروائي، إلا أن الخصوصية العلمية السوسيولوجية، تفرض عليه نسبة من الحياد والتنحي عن المشاعر وفورة الإحساس وهبّة الانفعال والتحمس الذي يهز دواخل العديد من الروائيين والأدباء" مشيرا إلى أن الباحث السوسيولوجي يستحسن سرد الروائي الذي يبدع في ملامسة خبايا المشاكل الإنسانية معتمدا سحر اللغة. ويضيف المتحدث نفسه أن "قواعد السوسيولوجيا ومنهجيتها وأدواتها العلمية، تلزم السوسيولوجي تقديم تلك المشاكل عارية من الذاتية والخيال والأصباغ، فبعلميته الموضوعية وصرامة منهجيته وجرأة خطابه يفضح المحظور ويظهر الأسرار الخفية وكأنه طبيب المجتمع، ويخضع الظواهر الاجتماعية للقياس والتمحيص والتشريح والتحليل والمقارنة، من أجل تحديد الداء ووصف الدواء والعلاج والتقييم وتقديم البديل". وعبر فصول الكتاب زاوج الهادي الهروي بين الجانب النظري والتطبيقي، إذ تناول بالتحليل العديد من النماذج، السردية روائية وقصصية، لكتاب مغاربة مثل محمد شكري وعبد الله العروي ومبارك ربيع وأحمد المديني ومحمد عز الدين التازي ومحمد برادة والميلودي شغموم ومحمد زفزاف ومحمد الهرادي وعبد الرحيم لحبيبي، فضلا عن نماذج مشرقية وعربية. وحاول المؤلف تحليل ما جاء في نماذج الروايات، من توترات وجدانية ونفسية وعلاقات تفاعلية إنسانية، لإدراك علاقات الانتظام والتداخل بين تلك النماذج الروائية والسوسيولوجيا. عزيز المجدوب