نواميس في قواميس السياسة : الحزب السري… حزب الدولة وضد الدولة

لفظ الحزب السري، ليس جديدا على القاموس السياسي المغربي. فقد استعملت الدولة هذا الوصف للتنبيه إلى تنظيمات حزبية، تشتغل في سرية، ولا تحوز الاعتراف القانوني للسلطات المختصة. الحزب السري، ظل إلى وقت قريب، يعني أجهزة وهياكل لا تخضع لقوانين الدولة ، ما يضع أفرادها في ومنتمين إلى هذه الأحزاب، في مواجهة مع السلطات والأجهزة الأمنية، التي غالبا ما سعت إلى تفكيك هذه النوعية من التنظيمات، لأنها تشكل خطرا قائما، لا يجب أن يبقى بعيدا على مراقبة سلطة الدولة.بالمقابل، تشاء الصدف أن يتحول مصطلح الحزب السري، جزءا من منظومة الدولة نفسها، ولعله ما قصده رئيس الحكومة، في إحدى جلسات المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، حين قال موجها كلامه إلى برلمانيي الاتحاد الاشتراكي، في تفسيره لمصطلح العفاريت إنهم الحزب السري أو جيوب المقاومة، كما كان ينعتهم في وقت سابق الاتحاديون". لقد عرف هذا الوصف، تحولا تدريجيا من استعماله في وصف المعارضة خارج الدولة، إلى توظيف يقصد به معارضة من داخل الدولة للحكومة، وهو تحول فرضه الخطاب السياسي لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي بدأ باستعماله لفظ "الحزب السري" للتدليل على جهات تقاوم الإصلاح وتعيق عمل الحكومة.الحزب السري. كان يقصد به أيضا، في تاريخ الصراع السياسي في المغرب، جهات نافذة تملك السلطة ولا تملك أحزابا سياسية، تشارك في الحياة السياسية وتفرض اختياراتها لقربها من المؤسسة الملكية، حتى تحولت فاعلة في صناعة القرار السياسي، ومشاركة في العملية الانتخابية دون أن يكون لها حضور مادي ظاهر. لقد ظلت أحزاب المعارضة، على مر التاريخ، تتهم جهات في الدولة بدعم الحزب السري، وهو تنظيم ينفذ مخططاته ويستمد قوته من تموقعه في محيط الملك.وفي كثير من الحالات، سعى الحزب السري إلى تأسيس أحزاب، كانت تصفها المعارضة، حينها بـ"أحزاب الإدارة"، بدعوى أن تأسيسها لم يكن امتدادا للحركة الوطنية، كما هو الشأن بالنسبة إلى أحزاب أخرى، بعد أن صنعتها الإدارة ومنحتها الأغلبية ورئاسة الحكومة، وتكفلت هذه الأحزاب الإدارية بإدارة الشأن العام، في انتظار أن تنضج المعارضة، وتقبل بالانتقال إلى موقع المشاركة، وهو ما حصل فعلا في وقت لاحق، في آخر أيام الملك الراحل الحسن الثاني. لقد شكلت شخصيات سياسية وأمنية، كانت محط ثقة لدى الملك الراحل، محور الحزب السري، وهو ما يفسر أن شخصيات مغربية، مقربة من القصر، مثل رضا كديرة وإدريس البصري، ظلا لسنوات طويلة موقع اتهام بوصفهما يمسكان بدواليب الدولة من خلال "الحزب السري".كلمة الحزب السري تأخذ معنيين متعارضين تماما. بالنسبة إلى الدولة، هو كل تنظيم معارض أو محظور يمارس نشاطات سياسية سرية، ويسعى إلى توسيع قاعدته، دون المشاركة علانية في العملية السياسية. ومن جهة أخرى، فهو بالنسبة إلى أحزاب المعارضة، مجموعة من الأفراد أو المؤسسات يستفيد من امتياز قربهم من السلطة، ويملكون نفوذا يمارسون من خلاله السياسة بـ"الوكالة". بالمقابل، يطلق لفظ "الطابور الخامس" على "الحزب السري"، بالمعنى الأول للمفهوم. والطابور الخامس مصطلح ظهر إبان فترة الحرب الأهلية الإسبانية، عام 1936، وكان الجنرال "أميليو مولا"، أحد القادة الوطنيين، أول من أطلق هذه الكلمة على مجموعة ثواره التي كانت تتشكل من أربعة طوابير، فقال حينها إن هناك طابورا خامسا يعمل مع الوطنيين، ويخدم سرا قوات فرانكو. وسرعان ما تدوول هذا المفهوم، وأصبح لصيقا بالخطابات السياسية والحزبية. إحسان الحافظي

نواميس في قواميس السياسة : الحزب السري… حزب الدولة وضد الدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مذكرات قــــاض : لقب بقاضي "البراءة" بعد توتر علاقته بالنيابة العامة

خطابات الحسن الثاني النارية : الحسن الثاني يحدد شروط وبرامج الكتاتيب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات