نواميس في قواميس السياسة : الوافد الجديد.. “جرار” عطله الربيع العربي

في حمأة الصراع بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، أطلق الاتحاديون اسم "الوافد الجديد"، على صاحب فكرة الحزب، حينها، فؤاد عالي الهمة. في بيان تاريخي، وقعه المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ، أبدع الحزب توصيف "الوافد الجديد"، التي سيرافق "البام" طيلة مراحل التأسيس. الوصف انطبق بداية على صديق الملك، باعتباره وفد حديثا إلى عالم السياسة والحزبية، بدءا بفكرة حركة لكل الديمقراطيين، مرورا بالانتخابات التشريعية وتأسيس فريق برلماني عن طريق الترحال السياسي، ثم، في وقت لاحق، تفكيك أحزاب صغيرة وإدماجها، وصولا إلى إعلان تأسيس حزب سياسي برمز "التراكتور".في هذه الفترة، لم تكن باقي الأحزاب تنظر بعين الرضا إلى هذه التطورات، وبدأ الشك يتسلل إلى عدد من التنظيمات الحزبية، حول نوايا هذا المشروع الحزبي، الذي يقف وراءه واحد من المقربين من الملك. وللتدليل على هذه التوجسات، بدأ تكوين تقاطبات سياسية غير طبيعية، كما وقع بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية. يومها اتضح أن عملية "حرث" التي يقوم بها "البام"، قد تؤتي نتائج عكسية، وتدفع نحو تحالفات غير منطقية، ردا على منهجية الوافد الجديد.ما عابته الأحزاب السياسية على الوافد الجديد على الحياة السياسية، في إشارة إلى الهمة، أن الرجل لم يبق مسافة موضوعية بين الماضي الإداري، وبين المستقبل السياسي، وهو ما جر على "البام" الكثير من الاتهامات من طرف خصومه السياسيين، كما أعطى إشارات إلى بعض الجهات بأن تسارع إلى تقديم العون إلى الحزب، دون قراءة مخاطر هذه المساعدة على مستقبل التنظيم. وحمل بعض الساسة اليوم إلى مطالبة الدولة بمراجعة موقفها، وتغيير عدد من الولاة والعمال، بدعوى أنهم محسوبون على "البام"، وفعلا تحقق هذا الأمر يوم اعترض رئيس الحكومة على تعيين عامل بالإدارة الترابية، بدعوى أنه تورط في الانتخابات بالمحمدية.ردة فعل أحزاب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والعدالة والتنمية، ضد تأسيس الأصالة والمعاصرة تأججت بسبب الاستقطابات التي مارسها "البام". في البدء كانت المواجهة مع حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي لم تخل أي من بياناته من مهاجمة الأصالة والمعاصرة، فتارة يصف الاتحاديون الهمة بالوافد الجديد، وتارة أخرى يصفون حزبه بالساعي إلى فرض نظام الحزب الوحيد، وفي الصالونات السياسية كان الاتحاديون يصفون الأصالة والمعاصرة بـ"فديك" جديد، يسعى إلى الهيمنة.. الحرب بلغت أشدها بين الحزبين، ونتيجة لذلك تحالف الاتحاد والعدالة والتنمية في تشكيل مجالس جماعية بعد انتخابات 2009. وفي مرحلة ثانية، انتقل الصراع إلى حزب الاستقلال، إذ استهدف "البام" استقطاب برلمانيين ومنتخبين من حزب عباس الفاسي، كما هاجمت قيادته الوزير الأول بشراسة، داخل البرلمان وخارجه، غير أن الخلاف مع العدالة والتنمية لم ينته إلى اليوم.مسار المواجهات بين "البام" وباقي الأحزاب، كانت تستهدف شخص الهمة أكثر مما تستهدف التنظيم الحزبي الجديد. ولعله من بين أخطاء التأسيس أن التنظيم قام على مركزية الرجل، فؤاد عالي الهمة، وبالتالي فقد ارتهنت كل تنظيماته وعلاقاته بالأحزاب الأخرى، بشخص الهمة، ما سهل عملية الهجوم على الحزب، وقد بدا الهجوم أكثر شراسة إبان الحراك الشبابي، التي وصل إلى المغرب حاملا رياح الربيع العربي.يحسب للاتحاد الاشتراكي، أنه أول من أطلق لفظ "الوافد الجديد"، فأغنى به القاموس السياسي، وأسس من خلاله لمرحلة صراع حزبي مع الأصالة والمعاصرة. لكن هذا التوصيف سيتراجع بفعل التحولات التي فرضتها انتخابات 2011، فجاءت بحزب العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة، وأعادت خلط الأوراق وبناء التحالفات الحزبية، وإن حافظت، هذه الاستحقاقات، لحزب الوافد الجديد على مكانته داخل المشهد السياسي، باعتباره قوة سياسية قائمة الذات. إحسان الحافظي

نواميس في قواميس السياسة : الوافد الجديد.. “جرار” عطله الربيع العربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مذكرات قــــاض : اضطررت مرارا إلى عدم التقيد بالنص القانوني

خطابات الحسن الثاني النارية : من أجل تربية وطنية واحدة متصلة بالواقع الوطني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات