التلاعب في تنفيذ وتمرير صفقات عمومية والإرشاء وتكوين عصابة إجرامية انطلقت، أول أمس (الثلاثاء)، أمام غرفة الجنايات الجرائم المالية باستئنافية البيضاء، أولى جلسات محاكمة 29 متهما في فضيحة اختلاسات وتبديد المال العام، التي شهدها قطاع الصحة، على امتداد سنوات. وانطلقت المحاكمة بعدما أنهى قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية باستئنافية البيضاء، تحقيقه التفصيلي مع المتهمين الذين يتابع منهم 19 في حالة اعتقال والآخرون في حالة سراح مؤقت، بعد اتخاذ تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية التي شملت إغلاق الحدود وإيداع كفالات مالية بصندوق المحكمة، تراوحت بين 30 مليون سنتيم ومليونين. ووقفت التحقيقات على صحة الاختلالات التي ضبطتها تقارير المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة، من خلال اقتناء بعض المعدات والأجهزة الطبية بأسعار تزيد عن تلك المطبقة في السوق الدولية أو تلك التي لها طلبات مماثلة، وشراء المعدات الطبية من الممونين الذين حققوا هوامش ربح عالية مقارنة بالأسعار المعلنة في الجمارك، وتسوية الصفقات والموافقة عليها بعد الشروع في تنفيذها، رغم وجود آلية قانونية لتمرير الطلبيات، وتغطية تكاليف النقل لبعض المعدات التي لم يتم نقلها بالفعل، ليقرر قاضي التحقيق متابعتهم بتكوين عصابة إجرامية، والإرشاء والارتشاء، وتبديد المال العام، وتزوير محررات رسمية، وتزوير وثائق تصدرها الإدارة العامة واستعمالها، وإتلاف وثيقة عامة من شأنها أن تسهل البحث عن الجنايات والجنح وكشف أدلتها وعقاب مرتكبيها، والتحريض على ارتكاب جنح، وإفشاء أسرار مهنية. وجاءت الإطاحة بالمتهمين بناء على شكاية سرية توصلت بها رئاسة النيابة العامة منذ 2019، حسب ما تم ضبطه من قبل لجان التفتيش التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، من خلال التقارير التي تقوم بها والزيارات الميدانية، التي وقفت على مجموعة من الاختلالات بالصفقات العمومية الخاصة بالمؤسسات التابعة لقطاع الصحة، إضرارا بالمال العام، لتتم إحالة الشكاية على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، التي كلفت المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بإجراء بحث قضائي للتحقق من شبهات التلاعب في تنفيذ وتمرير صفقات عمومية في قطاع الصحة خلال السنوات القليلة الماضية، مقابل مبالغ مالية مهمة تم الحصول عليها على سبيل الرشوة، وتوريد معدات طبية وشبه طبية مستعملة، وتواطؤ بعض الموظفين والمهندسين في المصالح المركزية والجهوية لقطاع الصحة في إفشاء السر المهني لفائدة متعهدي خدمات ومسيري شركات خاصة. ومكنت الأبحاث من حجز مبالغ مالية بالعملة الوطنية لدى مهندسين بيوطبيين اثنين يعملان بقطاع الصحة، تم تحصيلها على سبيل الرشوة، كما تم افتحاص وتدقيق ومراجعة الصفقات العمومية المشكوك فيها، فضلا عن تنفيذ أوامر قضائية بشأن عقل الممتلكات وتجميد الأموال والأرصدة المشتبه في أنها متحصلة من عائدات إجرامية. وتساءلت مصادر «الصباح» عن إمكانية المحاكمة في الوصول إلى الخيوط الرئيسية في الصفقات المشبوهة التي شهدتها وزارة الصحة منذ سنوات وتسببت في إهدار المال العام، والتي تشير أصابع الاتهام فيها إلى مسؤولين نافذين بالوزارة، خاصة أن التلاعبات التي تم كشفها، أخيرا، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن تلك العمليات تمت تحت غطاء هؤلاء المسؤولين، والذين هم محط شكايات من جمعيات حقوقية تعنى بالمال العام. كريمة مصلي .