عقارات الجماعة… الثروة المنسية

تهاون في إجراء مساطر حمايتها ومتربصون يستغلون الوضع لتملكها تتعرض ممتلكات الجماعات المحلية، سيما في المجال العقاري، لأوجه عديدة من الاستغلال والغصب، وتتهاون مصالح الجماعات في إعمال القانون وتنفيذه بخصوص هذا الاستغلال، كما أنها تتعامل بالتهاون نفسه في حماية تلك الممتلكات، خصوصا التي تكون موضوع دعاوى قضائية ، وفيما توجه الشكوك إلى "اصطناع التهاون" تواطؤا لخسران الأحكام القضائية الموجهة ضد الجماعة، لغايات في "نفس يعقوب"، هناك قضايا أخرى، ظهرت فيها الجماعات "غائبة أو مغيبة" في الدفاع عن حقوقها، حتى ضاعت منها بأحكام قضائية نهائية.النماذج كثيرة لعل أبرزها في الأيام الأخيرة، ملحق ملعب يوجد جوار مركب محمد الخامس وتبلغ مساحته 1272 مترا مربعا، كانت تعود ملكيته إلى الجماعة الحضرية بالبيضاء، بموجب وضع اليد عليه منذ السبعينات واستنادا إلى حكم قضائي، بالتعويض عن الفقد الجبري، الصادر لفائدة مالكي العقار الأصليين، ضد الجماعة.وقطعت الجماعة أشواطا في التقاضي من أجل تسوية وضعية العقار الذي كانت تحتله وشيدت عليه ملعبا، لكن دون القيام بالمساطر التي تقتضيها الحماية القانونية، إذ ظل الرسم العقاري مطهرا ولا يحمل من الجماعة أي أثر، فلا قيد احتياطي ولا مشروع نزع الملكية ولاهم يحزنون.للعقار الذي ضاع من الجماعة في غفلة منها والذي تبلغ مساحته 1272 مترا مربعا، قضة غريبة. فبينما الجماعة رفضت إيجاد صيغة صلح أو اتفاق مع الملاك الأصليين وهم فرنسيون، ما دفعهم إلى اللجوء إلى القضاء وفق مسطرة الفقد الجبري، للحصول على تعويض، استغل شخص آخر الوضع واقتنى من الفرنسيين أنفسهم العقار بمبلغ زهيد قيمته 25 مليون سنتيم، أي ما يعادل ثمن شقة في السكن الاجتماعي، وسجله باسمه وحفظه دون أي تعرض أو مطالبة من الجماعة، قبل أن يقترض من بنك مبلغ 600 مليون سنتيم، بضمان العقار نفسه، الذي ماتزال الجماعة إلى اليوم موضوع دعوى قضائية بلغت مرحلة النقض.وتتلخص وقائع القضية في أن المالكين الأصليين وهم فرنسيون، ورغم أن العقار لم يبق في ملكيتهم بسبب سلوكهم مساطر التقاضي عن الفقد الجبري وصدور حكم في النازلة يقضي بتعويضهم، استغلوا بقاء الرسم العقاري للملعب الرياضي في اسمهم وأعادوا بيعه إلى شخص آخر بما يعادل 25 مليون سنتيم، رغم أن العقار في هذه المنطقة يتجاوز فيه ثمن المتر المربع الواحد مليوني سنتيم.وتبين من خلال مسطرة تحفيظ الملك، الذي ما يزال إلى اليوم ملعبا رياضيا تابعا لمرافق مركب محمد الخامس، تهاون مصالح الجماعة الحضرية وتقصيرها في حماية المال العام، عبر تحصين الرسوم العقارية للممتلكات الجماعية ومراقبتها واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بتحقيق ذلك في الوقت المناسب.كما تمكن المقتني من الحصول على قرض مالي باسم الشركة التي اقتنت العقار المملوك واقعيا للجماعة، بلغت قيمته 600 مليون.وتم منح القرض رغم أن العقار عبارة عن ملعب يضم تجهيزات رياضية، واستحالة تملكه بسبب دعوى التعويض عن الفقد الجبري، كان رفعها أصحاب الملك الحقيقيين، وقضت لهما المحكمة ضد رئيس الجماعة الحضرية بتعويض قيمته 7500 درهم للمتر المربع عن الفقد الجبري، يخول إلى الجماعة امتلاك العقار بصفة نهائية. فاستأنفوا الحكم ضد الجماعة ليطالبوا بأكثر من مليار بسبب ارتفاع قيمة العقار في المنطقة قبل أن تقضي محكمة الاستئناف بعدم القبول ويصل الملف مرحلة النقض الذي مازال رائجا بها.وتشير وثائق القرض إلى أن العقار عبارة عن أرض عارية مساحتها 1272 مترا مربعا، وهو ما يناقض حقيقة الواقع المتجلية في المعاينة التي أنجزها المفوض القضائي، والتي يشير فيها إلى أنه بعد المعاينة تبين أن العقار المذكور عبارة عن ملعب للرياضة والتمرينات يحتوي على بعض الأدوات الرياضية خاصة بكرة السلة وكرة اليد، بالإضافة إلى حواجز حديدية، كما يوجد فوق العقار عمود حديدي للكهرباء تعلوه عدة مصابيح لإنارة الملعب. وأضافت المعاينة أن الجماعة الحضرية هي التي تضع يدها على العقار وتستفيد من مداخيله.ووطرحت القضية تساؤلات كبيرة حول حماية المسؤولين للأملاك الجماعية، سيما أن الأخيرة تقصر في إجراء التقييدات على العقارات التي تملكها وتتهاون في إتمام إجراءات تملكها، إما عن طريق نزع الملكية أو تحديد التعويض للفقد الجبري، ما يجعلها في مناسبات عديدة عرضة لتحويل ملكيتها بطرق قانونية، بعد إخفاء الحقيقة أو بتواطؤ يتجلى في التقصير الكبير في مراقبة رسوم الممتلكات الجماعية والتغيرات التي تطرأ عليها.وليس عقار ملحق ملعب محمد الخامس، الوحيد في هذا الباب، إذ هناك عقار آخر يوجد في منطقة عين الذئاب، مملوك للجماعة الحضرية آنفا سابقا، وأصبح في ملك جماعة البيضاء بعد التوحيد، وحولته الجماعة إلى تجزئة عبارة عن فيلات، إلا أن ابن المالك الأصلي ظهر، ورفع مطالبه إلى الجماعة، وتمثلت المطالب، في أن والده باع العقار في ستينات القرن الماضي، للجماعة بدرهم للمتر، اعتبارا لشرط أنها كانت ستحوله إلى حديقة، لكن الجماعة خرقت الشرط فطالب بتعويضه حبيا. رفضت الجماعة المطلب واعتبرت المعني بالأمر مر غير محق في مطلبه، قبل أن يرفع عليها دعوى قضائية ويطالب باسترداد العقار كليا، وبعد مساطر في المحكمة الابتدائية وأخرى في الاستئناف، ربح الدعوى وآل إليه العقار الذي تبلغ قيمته الملايير، في الوقت الذي كان طالب الجماعة قبل مقاضاتها بمبلغ لا يساوي عشر ثمنه الحقيقي.المصطفى صفر

عقارات الجماعة… الثروة المنسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أقسام الشؤون القانونية بالجماعات... السُبات القضائي

رئيس جماعة رخص ببناء تجزئة فوق مساحة خضراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات