الأخلاق العامة… فزاعة الدولة لحفظ النظام العام

جلوس الفتيات في المقاهي وتقليعة الشعر والميولات الموسيقية تعيد بوليس الآداب إلى الواجهة في كل مرة تشهر أجهزة الدولة، الأمنية والقضائية، ورقة "الأخلاق العامة". ويحصل أن يكون أحيانا توظيف هذه الورقة متجاوِزا للقانون نفسه، الذي نص على مبدأ احترام الأخلاق العامة في الفضاءات العمومية، والتصرفات الشخصية، احتراما لحياة الناس والعيش المشترك، وذلك بوصف الأخلاق العامة ، مجموعة من القواعد والنظم والتقاليد التي تحكم السلوك السوي أخلاقيا داخل المجتمع.لقد فجرت حادثة "شرطيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، في مراكش، جدلا بشأن مقاربة النوع في تعاطي الجهاز الأمني بالمدينة، مع قضايا المجتمع. وأطلقت السلطة يد هؤلاء الشرطيات، من أجل محاربة البغاء ومداهمة الفتيات بالمقاهي، وتقييد حركتهن داخل بعض الفضاءات بالمدينة، غير أن هذه الفكرة أعطت نتائج معكوسة، لأنها زرعت الهلع في صفوف الفتيات رواد المقاهي، وروعت الناس، لأنها جعلت كل فتاة مدانة، حتى تثبت براءتها، فقط لجلوسها في المقهى، أو لأنها ترتاد فضاءات ذكورية، وهنا تبدو العبقرية الأمنية، التي تفتقت على فكرة "فرقة الشرطيات"، سقطت في تمييز محظور.جلوس الفتيات في المقاهي، واختيار الشباب لميولات موسيقية، وحتى تقليعة الشعر، كلها مظاهر تهدد النظام العام. وتمس الأخلاق العامة، وتتطلب مقاربة أمنية زجرية أحيانا، لمحاربتها. إنها ما يشبه، محاكم التفتيش، التي تميزت بها الأنظمة الاشتراكية، في العام العربي، قبل سنوات، ففي هذه البلدان، كنا نسمع ببوليس الآداب، وبشرطة الأخلاق العامة، وفي مراكش قبل أسبوعين، طالعتنا وسائل الإعلام بنوع جديد من الأجهزة الأمنية، «شرطيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، تخصصت في مطاردة الفتيات داخل المقاهي، وإيقاف كل المشتبهات فيهن، فقط لأنهن فتيات. اخترن الحياة بطريقة مختلفة، عن الجميع، وطبعا، كل هذه «التجاوزات» تتم في إطار ممارسة مهام الشرطة القضائية لحماية الأخلاق العامة.لقد تحولت فكرة الأخلاق العامة، كجزء من النظام العام، إلى فزاعة مقننة، لأن الاستناد إلى «حسن الأخلاق»، لمحاربة بعض المظاهر الاجتماعية، تؤطره القوانين الجنائية، ويخضع لمسطرة قانونية. غير أن المرونة التي يتصف بها هذا المفهوم، قد تجعل تقدير بعض المظاهر المسيئة للنظام العام، في غير محله، وهنا يصبح استخدام القانون فيه تجاوز للقانون برمته، لأن القانون لا يساير في بعض الحالات، تطور المجتمع وبروز ظواهر اجتماعية تكون حبيسة «الحشمة»، لسنوات طويلة، دون أن تخدش، بالضرورة، الحياء العام.من الناحية القانونية، تناولت مجموعة القانون الجنائي المغربي، بعض مظاهر الإخلال بالنظام العام، وانتهاك حرمة الآداب العامة. وبالقدر الذي منحت فيه هذه القوانين للشرطة القضائية، سلطة الإيقاف والحجز والمتابعة، بقيت فكرة النظام العام وعلاقته بالأخلاق العامة، تغرق في العموميات، في بعض القضايا ذات العلاقة باستعمال الأماكن العمومية، أو بالتحريض على أعمال منافية للأخلاق العامة، فبعض هذه التجاوزات المنصوص عليها، قانونا، تقع على خط التماس مع الحريات العامة، وتشكل تضييقا على الحريات الفردية بالنسبة إلى الجنسين. ولعله التطور الحاصل في المجتمع، والتغيير الذي تعرفه منظومة القيم، هو الذي جعل بعض النصوص القانونية متجاوزة، باعتراف المشرع نفسه في ديباجة مجموعة القانون الجنائي المغربي.إن فكرة الآداب العامة، التي تستند تدخلات أجهزة الدولة في كثير من الأحيان، يقصد بها كتلة الأسس الأخلاقية، التي يقوم عليها نظام المجتمع، ويعتقد الناس أنها واجبة الاتباع في علاقاتهم، لا يجوز الخروج عنها وكل مس بها يكون بمثابة مس بكافة أفراد هذا المجتمع. و»لما كانت هذه الفكرة تشمل مجموع المصالح والقواعد الأخلاقية التي يقوم عليها نظام الجماعة، فهي تتصل بنظام المجتمع وتمس كيانه، ولذلك فإن الفكرة تدخل في إطار النظام العام بمعناه الشامل». وفكرة الآداب العامة، فكرة «مرنة تتغير بتغير الزمان والمكان كما تتأثر بالتقاليد الموروثة والعادات والدين، شأنها في ذلك شأن فكرة النظام العام».إحسان الحافظي اعتقال رواد حانة بالعرائش يثير المخاوف تتفاعل قضية إغلاق حانة بالعراش واعتقال روادها وصاحبها في أوساط الحقوقيين وهيآت المجتمع المدني الذي اعتبرت القرار شططا في استعمال السلطة وتجاوزا للقوانين المنظمة للقطاع، واعتداء على الحريات الفردية للمواطنين الذين يرتادون أماكن عمومية مرخصة. واقتحمت قوات الأمن حانة نجمة البحر ليلة الخميس 22 ماي الجاري، جاء بناءا على شكاية تقدمت بها سيدة تشتكي فيها من الضجيج الذي يصدر من الحانة. وحسب شهود عيان، فإن عناصر من الأمن بالزي المدني ركنت سيارتين للأمن أمام باب المطعم، وثالثة أمام الباب الخلفي، واقتحمت المطعم أوقفت روادها ضمنهم امرأتين، بمن فيهم فنان (ممثل) معروف إطار في وزارة التعليم، ورجل أعمال استقر في المدينة بعد أن عاش في انجلترا، واستثمر أمواله في العرائش، وأساتذة، ورجال أعمال.ي.س

الأخلاق العامة… فزاعة الدولة لحفظ النظام العام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرويسي : النساء مهددات بالاعتقال في أي لحظة

3 أسئلة : الحريات الفردية تحتاج نقاشا عميقا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات