دراسة في القانون : دور التشريع والقضاء في حماية حق الشغل بالمغرب(4/5)

القضاء الإداري لا يحكم بإرجاع الموظف إلى العمل ومن أهم المكاسب التي سجلت لفائدة الطبقة العاملة من خلال نصوص مدونة التجارة في باب صعوبات المقاولة :بطلان أي سداد كلي أو جزئي لأي دين سابق عن الأمر القاضي بالوقف المؤقت للإجراءات، تسهيلا لإبرام اتفاق التسوية الودية لا يدخل فيه الديون الناجمة عن عقد العمل سواء تعلقت هذه الديون بالأجور أو بالتعويضات وهو ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 555 من مدونة التجارة ؛يتولى السنديك إعداد الحل ويقترح إما مخطط للتسوية يضمن استمرارية المقاولة أو تفويتها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية، ويجب أن تعرض هذه الاقتراحات على القاضي المنتدب داخل أجل 4 أشهر تلي صدور حكم فتح المسطرة، ويمكن أن يجدد مرة واحدة عند طلب السنديك طبقا للمادة 579 من مدونة التجارة.تقرر المحكمة بعدها إما استمرار قيام المقاولة بنشاطها أو تفويتها أو تصفيتها قضائيا، وذلك بناء على تقرير السنديك وبعد الاستماع لأقوال رئيس المقاولة والمراقبين ومندوبي الأجراء، علما أن هذه القرارات المصاحبة للاستمرارية المذكورة وحسب مضمون الفقرة الأخيرة من المادة 592 من مدونة التجارة إذا كانت ستؤدي إلى فسح عقود العمل، فإنه يجب تطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل .السماح بتفويت المقاولة، لأن في ذلك إبقاء على النشاط أو الاستغلال حفاظا على كل أو بعض مناصب الشغل، ويراقب القاضي المنتدب العروض المقدمة إليه ويميل إلى العرض الذي يوفر أطول مدة للشغل.لا تفتح مسطرة التصفية القضائية، إلا إذا تبين أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، وحتى في هذه المرحلة إذا اقتضت المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية جاز للمحكمة أن تأذن بذلك لمدة تحددها إما تلقائيا أو بطلب من السنديك أو وكيل الملك.إن الهاجس الاجتماعي والاقتصادي كان حاضرا لدى المشرع عند صياغة الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وبذلك يكون المشرع قد أحاط وبعناية خاصة الأجراء في المقاولة على مستوى حماية حقهم في الشغل، بعدما كان يهتم بكتلة الدائنين في النظام السابق « نظام الإفلاس «.وتشكل المادة 288 من القانون الجنائي المغربي مظهرا آخر لدور التشريع في حماية حق الشغل، ذلك أن المادة المذكور- التي طالما نادت النقابات المهنية بإلغائها – تعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين، وبغرامة من مائتين إلى خمس آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من عمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرارية فيه، أو حاول ذلك مستعملا الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس متى كان الغرض منه الإجبار على رفع الأجور أو خفضها أو الإضرار بحرية الصناعة أو العمل.وإذا كان العنف أو الإيذاء أو التهديد أو التدليس، قد ارتكب بناء على خطة متواطئ عليها، جاز الحكم على مرتكب الجريمة بالمنع من الإقامة من سنتي إلى 5 سنوات. ومؤدى هذا أن حق الإضراب لئن كان حقا يكفله الدستور بالرغم من غياب نص تنظيمي، فإن فهذا الحق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمس بحق المبادرة الخاصة التي كفلها الدستور لرب المقاولة وبحق الأجراء غير المضربين في الشغل .وتجدر الإشارة في ختام هذا المحور الذي خصصناه لدور التشريع في حماية حق الشغل إلى التذكير بإرادة المشرع الدولي من خلال الاتفاقيات الدولية العامة كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 والاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 أو من خلال الاتفاقيات والتوصيات المتخصصة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، والتي تدعم في مجموعها حق الشغل للأجراء، ونستدل على ذلك بالمادة 6 من الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي نصت في فقرتها الأولى على ضرورة أن تتخذ الدول الأطراف في الاتفاقية بعد إقرارها لحق الإنسان في العمل الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق من الضياع، وأن من ضمن هذه الخطوات اعتماد برامج وسياسات ووسائل للإرشاد والتدريب الفني والمهني من أجل تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وثقافي مضطرد وبالتالي يمكن القول أن المادة 23 من مدونة الشغل تستمد وجودها من المادة 6 من الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .أما على مستوى منظمة العمل الدولية OIT فيكفي التذكير بالاتفاقية الدولية رقم 158 حول الإعفاء لسنة 1982 والتي عرفته بأنه إنهاء عقد العمل بمبادرة من صاحب العمل (المادة 3)، وتطرقت إلى تحديد المبرر المقبول للإعفاء ( المادة 4)، ونصت على تمكين الأجير من حق الدفاع على نفسه إذا تقرر إعفاؤه لأسباب مرتبطة بالسير والعمل (المادة 7)، وكذا حقه في رفع دعوى قضائية ضد قرار الإعفاء التعسفي أمام هيأة قضائية أو تحكيمية (المادة 8)، وبخصوص الإعفاء الاقتصادي نصت الاتفاقية على ضرورة إطلاع ممثلي العمال واستشارتهم في الموضوع (المادة 13).وقد صادق المغرب على الاتفاقية الدولية رقم 158 وذلك بموجب ظهير رقم 15/88/4 بتاريخ 28 ماي 1993 وخلت حيز التنفيذ بتاريخ 7 أكتوبر1993.المحور الثاني : دور القضاء في حماية حق الشغل في المقاولة المغربيةيلعب القضاء دورا رياديا في حماية الحقوق واستقرار المعاملات سواء تعلق الأمر بالقضاء الاجتماعي أو التجاري أو الجنائي، علما أن الدور نفسه موكول للقضاء الإداري، لكن بالنسبة لمن تربطهم علاقة نظامية مع الإدارة (الموظفين) في إطار المبدأ العام الذي يجعل القاضي الإداري يحكم ولا يدير، بمعنى يصرح بعدم مشروعية القرار الإداري القاضي بعزل الموظف، دون أن يحكم بإرجاعه إلى العمل كما هو الحال أمام القضاء الاجتماعي .وسنتناول هذا المحور من خلال مستويين اثنين نخصص الأول لدور القضاء الاجتماعي والتجاري ( قضاء الأعمال ) في دعم وحماية حق الشغل، على أن نخصص المستوى الثاني للحديث عن دور القضاء الجنائي لحماية الحق نفسه. أولا : أي دور لقضاء الأعمال في حماية حق الشغل بالمقاولة المغربية؟لقد كانت هناك محاولة على عهد وزير العدل السابق الدكتور العلمي المشيشي، تروم خلق محاكم للأعمال متخصصة تجمع القضاء الإجتماعي والتجاري، إلا أن هاته المحاولة على أهميتها أجهضت في مهدها لأسباب مجهولة. وحماية حق الشغل في العمل المأجور أو التابع يظل حكرا على جهتين قضائيتين متخصصتين هما القضاء الاجتماعي والقضاء التجاري.1/ دور القضاء الاجتماعي في حماية حق الشغل لدى الأجراء .سنبرر هذا الدور من خلال الأحكام الصادرة عن القضاء الاجتماعي سواء على مستوى محاكم الموضوع أو على مستوى محكمة النقض.بقلم: يونس العياشي, نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرةدكتور في الحقوق

دراسة في القانون : دور التشريع والقضاء في حماية حق الشغل بالمغرب(4/5)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف تجار كوكايين وشيرا وأقراص مهلوسة بالبيضاء

سطات تحتضن الدورة الرابعة لمهرجان لوتار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات