ليس من شيءٍ يجمع العرب، ويجتمع عليه شمْلُهم، مثل قضيةٍ كبرى تبعث التضامن في نفوسهم، وتولّد الشعور لديهم بالانتساب الى الأمّة الواحدة، وتُضْعِفُ منازع الخلاف والفُرقة، ومشاعر التباغض والتكايُد بينهم، أو تغلّب علاقات المصلحة المشتركة عليها في أقل القليل. تلك كانت سيرتُهم في التاريخ منذ ابتداء دعوة الإسلام حتى أكتوبر 1973، حين كانت الأحداثُ الجِسام تمتحن وجودَهم ومصيرَهم، فيهتدون إلى ما يذلِّل امتحاناتها، ويغالب مخاطرها باستنفار عوامل الوحدة والتضامن فيهم. وهُمْ ما وَهَنُوا ودبَّ الخلاف في كيانهم واستُضعِفوا إلا متى ذهلوا عن الجوامع بينهم