المغرب وإسبانيا… بعيدا عن “البروباغندا”

تقارير لوسائل إعلام إسبانية أشارت إلى وجود دعم أمريكي للمغرب في الأزمة مع مدريد بقلم: د.شراط محمد رشد * تعمل إسبانيا جاهدة بواسطة وسائل إعلامها وسياسييها، على تشتيت انتباه الرأي العام الدولي عن السبب الوحيد خلف المشكل مع المملكة المغربية حاليا، وهو استقبال مدريد، بشكل سري، لزعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي. بعد حوالي أسبوع من تحذير الرباط من تصاعد الأزمة المستمرة بين البلدين في حال اختيار الجارة الشمالية إبعاد زعيم "البوليساريو"، "بنفس الغموض" الذي دخل به إلى الأراضي الإسبانية، أعربت سفيرة المملكة في مدريد، كريمة بنيعيش، عن استنكارها لما اعتبرتها "تصريحات غير ملائمة" و"وقائع مغلوطة" قدمتها وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا، خلال مؤتمر صحافي، وقالت فيها إن زعيم "البوليساريو" إبراهيم غالي، "سيغادر إسبانيا، عندما تتحسن حالته الصحية، ويرتفع سبب وجوده في البلاد، أي وضعه الصحي الدقيق". واعتبرت الدبلوماسية المغربية أن الأزمة الحالية "كشفت الدوافع الخفية ومخططات بعض الأوساط الإسبانية، التي ما زالت تلح على الرغبة في الإضرار بالمصالح العليا للمملكة منذ استرجاع الصحراء المغربية في 1975". مكتسبات جيو إستراتيجية تثبت تصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية، أن المسؤولين الإسبان لم يستوعبوا بعد تصريح ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، عندما قال إن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، فالمقاربة الواقعية للعلاقات الدولية لا تعترف بعدد المشاهدات والتلاعب بمشاعر المواطنين عن طريق "البروباغندا»، بل تعترف فقط بالمكتسبات الجيو سياسية والجيو إستراتيجية. وما يؤكد جهل الجارة الشمالية للمكانة المرموقة للمغرب حاليا في الساحة الدولية، لهجة الدهشة في حديثها عن التحالف بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية. إذ أشارت تقارير عديدة لوسائل الإعلام الإسبانية في الأيام الأخيرة بشأن الأزمة بين الرباط ومدريد، إلى أن هناك دعما أمريكيا للمغرب في هذه الأزمة، مما يزيد من تعقيد شؤون حكومة بيدرو سانشيز، حسب صحيفة "الباييس". وربطت هذه التقارير الدعم الأمريكي للرباط على حساب مدريد بالعديد من العوامل التي تشير إلى تقارب أمريكي مغربي كبير، مقابل تباين العلاقات بين إسبانيا والولايات المتحدة، سواء خلال فترة دونالد ترامب، أو الرئيس الحالي جو بايدن. وحسب التقارير نفسها، فقد تمكن المغرب من تعزيز تحالفه مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، عندما عانت العلاقات الإسبانية الأمريكية جمودا بسبب بعض التوتر نتيجة سياسة ترامب الضريبية على الواردات من الاتحاد الأوربي إلى أمريكا، والتي كان الإسبان من بين أكبر ضحاياها. تكهنات حول دعم أمريكي ولم تنس وسائل الإعلام الإسبانية الإشارة إلى "الحادث العسكري" غير المسبوق الذي وقع في مارس الماضي، عندما نفذت القوات الأمريكية والمغربية مناورات جوية عسكرية مفاجئة بالقرب من جزر الكناري، في إطار تدريبات "مصافحة البرق"، دون علم مدريد، وتم تسريب تسجيل صوتي يظهر مراقبي الحركة الجوية الإسبان متفاجئين بتحليق طائرات عسكرية مغربية وأمريكية بالقرب من المجال الجوي لجزر الكناري. واستفسرت الصحافة الإسبانية حينها عن أسباب عدم إبلاغ مدريد بهذه المناورات العسكرية المغربية الأمريكية، رغم أنها أجريت بالقرب من أجوائها، ما دفعها إلى التلميح إلى وجود علاقات فاترة بين مدريد وواشنطن، وزاد بيان لرئيس الحزب الشعبي المعارض، بابلو كاسادو، في الأيام الأخيرة، جرعة "التكهنات" التي تشير إلى وجود دعم أمريكي للمغرب ضد إسبانيا في تقارير إسبانية، ذكرت أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، لايجيب على مكالمات بيدرو سانشيز، وربطتها بالأزمة الأخيرة مع المغرب. علاقات فاترة مع إدارة بايدن كما أشارت التقارير ذاتها إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة، لم تتواصل مع الحكومة الإسبانية، سواء في اتصال مباشر بين بايدن وسانشيز، أو بين وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن بنظيرته الإسبانية، منذ تولي الإدارة الجديدة لمقاليد الحكم في البيت الأبيض، عدا اتصالا وحيدا بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وإيما أبارسي، كبيرة المستشارين الدبلوماسيين لرئيس الحكومة الإسبانية، لطمأنة مدريد على إبقاء القاعدة العسكرية في إسبانيا. ودفعت هذه المعطيات الصحافة الإسبانية إلى الإشارة إلى أن مدريد فقدت الكثير من علاقاتها الجيدة مع واشنطن، بخلاف المغرب الذي استطاع تقوية علاقاته بها، مضيفة بأن عدم تراجع إدارة بايدن عن قرار مغربية الصحراء الذي تم توقيعه في عهد دونالد ترامب، أحد العوامل التي تزيد تأكيد التقارب الأمريكي المغربي. المغرب حليف أمريكي ضد داعش ولفهم قيمة المغرب دوليا يمكن لإسبانيا، البحث في تقرير الحكومة الأمريكية الرسمي حول المغرب ل 2019، والمنشور والمتاح في موقعها الرسمي، والذي يمكن تلخيصه فيما يلي: 1 المغرب مشارك نشط في التحالف العالمي لهزيمة داعش والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب: لدى الولايات المتحدة والمغرب تعاون قوي وطويل الأمد في مكافحة الإرهاب، وواصلت حكومة المغرب إستراتيجيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب التي تتضمن تدابير أمنية يقظة، وتعاونا إقليميا ودوليا، وسياسات لمكافحة التطرف. يعتبر المغرب مشاركا نشطا في التحالف العالمي لهزيمة داعش. وهو أيضا عضو في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ويشغل حاليا منصب الرئيس المشارك للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب مع كندا. 2 المغرب متميز في أمن الحدود بما في ذلك مضيق جبل طارق : ظل أمن الحدود على رأس أولويات السلطات المغربية. وتتولى المديرية العامة للأمن الوطني المسؤولية الأساسية عن إجراء عمليات التفتيش على الحدود في موانئ الدخول، وتعمل شركات الطيران الخاصة بانتظام مع الولايات المتحدة لاكتشاف وردع الأفراد الذين يحاولون العبور بشكل غير قانوني والتعامل مع المسافرين المدرجين في قائمة المراقبة. تتمتع سلطات المطارات المغربية بقدرات ممتازة في كشف الوثائق المزورة، وبالإضافة إلى ذلك، تقوم الشرطة وضباط الجمارك والدرك الملكي بتشغيل نقاط تفتيش متحركة وثابتة على طول الطرق في المناطق الحدودية وعند مداخل المدن الكبرى وتقوم وحدات البحرية وخفر السواحل المغربية بمراقبة المياه الساحلية الواسعة للمغرب، بما في ذلك مضيق جبل طارق، واعتراض طريق المهاجرين غير الشرعيين. 3 المغرب حليف رئيسي من خارج الناتو: المغرب يشغل حاليا منصب رئيس مشارك للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب مع كندا وقد استضاف المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في يونيو 2019، وهي ورشة عمل إقليمية تركز على إفريقيا حول "مبادرة تحسين القدرات لكشف ومنع سفر الإرهابيين من خلال تعزيز الكشف عن الإرهاب وتبادل المعلومات"، وهي مبادرة شارك المغرب في رئاستها مع الولايات المتحدة الأمريكية. كما شارك المغرب في ورش عمل بقيادة الأمم المتحدة حول كشف ومنع سفر الإرهابيين إذ يعتبر المغرب حليفا رئيسيا من خارج الناتو. وقد استضاف المغرب تمرين الأسد الإفريقي السنوي وشارك في تدريبات إقليمية متعددة الأطراف. كما أن للمغرب تعاونا قويا مع الشركاء الأوربيين، خاصة بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، لإحباط التهديدات الإرهابية المحتملة في أوربا. ويؤكد التقرير أن التوتر مع الجارة الشرقية بسبب تشبثها بدعم الكيان الوهمي، هو العقبة الوحيدة لمكافحة الإرهاب بالمنطقة. حقيقة المشكل الدفين يمكن تلخيص المشكل لدى إسبانيا وجنرالات الجزائر بتفكيرهم الذي يعود للسبعينات، حيث كان أعداء المغرب يحاولون التأثير على تطوره بورقة البوليساريو، وهذا تفكير متقادم بالمنظور الواقعي الحالي. فالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية تعيش ازدهارا غير مسبوق، إذ أن ميناء الداخلة وباقي البنيات التحتية، تجعل من الجنوب المغربي، محطة ربط اقتصادية عالمية للاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين. * (باحث في السياسة)

المغرب وإسبانيا… بعيدا عن “البروباغندا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طفولة محطمة وأرواح مفقودة

إحالة مروجي "قرقوبي" بالجديدة

مقالات ذات صلة