اليسار… تاريخ إخفاقات في الوحدة والاندماج

قال ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إن اندماج حزبي العمالي والاشتراكي في الاتحاد الاشتراكي تعتبر لبنة أولى في تجاه لم شمل العائلة الاتحادية، ومن بعدها كل القوى المحسوبة على اليسار.ونجح ادريس لشكر في ما أخفق فيه عدد ممن سبقوه من القادة الاتحاديين والتقدميين ، أي في إقناع عماء أحزاب يسارية خرجت من رحم الاتحاد الاشتراكي بضرورة تجاوز الخلافات السياسية والأنانييات المفرطة والتغلب على الذات من أجل إعادة بناء حزب اشتراكي قوي.ولعب السياق التاريخي الراهن المطبوع بتداعيات الربيع العربي وتولي القوى المحافظة مسؤولية تدبير الشأن الحكومي لصالح مبادرة الوحدة التي أطلقتها قيادة الاتحاد الاشتراكي، والتي تمكنت من تعبئة بعض قوى اليسار وإقناعها بأهمية الانخراط فيها باسم مواجهة زحف الأصولية الإسلام السياسي. والسؤال المطروح هو هل تنجح مبادرات توحيد اليسار مستقبلا، في ظل المتغيرات السياسية الجارية في أكثر من بلد عربي، ومنها المغرب الذي عاش تجربة الربيع العربي بطريقته؟وبادرت عدد من الأحزاب السياسية المحسوبة على اليسار منذ الانتخابات التشريعية لسنة 2007، إلى الدعوة إلى ضرورة الوحدة ولم شمل الصف التقدمي والديمقراطي. وشكلت تلك الانتخابات مؤشرا واضحا على تراجع الوزن الانتخابي لأحزاب اليسار، إذ لم يحل الاتحاد الاشتراكي سوى في الرتبة الخامسة بـ38 مقعدا. وحرك التراجع الانتخابي المُلفت لأحزاب اليسار مبادرات الوحدة، خاصة بعدما تكرس خط التراجع الانتخابي لليسار في الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي جرت في نونبر 2011، والتي مكنت حزب العدالة والتنمية من قيادة الحكومة بعد حصوله على الرتبة الأولى (107مقاعد)، وبالتالي جعلته مؤهلا لقيادة الحكومة الحالية، وهي أول حكومة يقودها حزب إسلامي. في السياق نفسه، قرر الاتحاد الاشتراكي العودة إلى المعارضة بعد أزيد من 13 سنة قضاها في تدبير الشأن الحكومي، وذلك احتراما لنتائج الاقتراع ولإرادة الناخبين. ويتعين على الحزب أن يستغل فترة عودته إلى المعارضة لإعادة ترتيب بيته الداخلي تعزيز موقعه السياسي، من خلال معالجة داء الانقسام الذي عانى منه طويلا، والذي تسبب في تراجعه الانتخابي، واستعادة تياراته وفصائله التي فقدها في فترات مختلفة. وشكلت انتكاسة اليسار وتراجعه والصعود اللافت للإسلاميين إلى الواجهة مسنودين بسياق الربيع العربي، الخلفية الأساسية لكل الدعوات المنادية بتوحيد اليسار التي تكثفت في الفترة الأخيرة بفعل المد المتزايد للإسلام السياسي، الذي أصبح يطبع المرحلة السياسية الراهنة، ليس فقط في المغرب بل في كل الدول العربية دون استثناء. مبادرة الوحدة التي انخرطت فيها أحزاب الاتحاد الاشتراكي والعمالي والاشتراكي لا تخرج عن هذا النطاق، وإن كان الطابع الذي يميزها أنها تخص العائلة الاتحادية وليس عائلة اليسار، وهو ما يضمن لها نسبة معقولة من النجاح. إن تسارع وتيرة المبادرات الرامية إلى توحيد اليسار، لم يسايره نجاح في هذا المسعى، إذ لم تتمكن قوى اليسار من بلوغ غاية التوحد، أو حتى التنسيق المتقدم في مواقفه السياسية، بسبب معيقات ذاتية، مما كرس واقع التشرذم الذي طبعه على مدار عقود من الزمن.بعد انتخابات 2007، أعلنت خمسة أحزاب يسارية انخراطها في مبادرة تنسيق وتوحيد العمل في أفق استعادة ديناميته وتعزيز موقعه في الحقل السياسي والانتخابي، ويتعلق الأمر بأحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية والحزب العمالي والحزب الاشتراكي. كانت هناك إرادة قوية في السير نحو التوحد، وانخرطت هذه المكونات في اجتماعات منتظمة، وظلت دعوات التوحيد تظهر وتختفي بحسب المناسبات، وكل ما كانت الهزات السياسية أكبر، كالفشل الانتخابي كلما تحركت بشكل ملفت، وبعدها لا شيء.بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية التي جرت في نونبر الماضي والتي مكنت حزب العدالة والتنمية من تسجيل انتصار في عدد المقاعد (فاز بـ107 مقاعد)، شكل الحدث منعطفا جديدا في الحياة السياسية الوطنية، إذ برزت دعوات التوحيد مجددا وبشكل أقوى في صفوف اليسار. ج . ب

اليسار… تاريخ إخفاقات في الوحدة والاندماج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نجوم العالم تلتقي في موازين

الاندماج ليس موجها ضد العدالة والتنمية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات