المدارس الرياضية… طريق المواهب

هدفها إعادة الاعتبار للرياضة القاعدية وتجاوز ضعف إمكانيات الجامعات وتهييئ الخلف جاءت الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول الرياضة في أكتوبر 2008 لتدق ناقوس الخطر، حول تراجع الرياضة القاعدية وشبه اندثار للمدارس الرياضية المحدثة بالدورية الوزارية رقم 8882 ل 21 غشت 1953، والتي كانت اللبنة الأولى في تحضير أبطال المستقبل، وأحد أبرز أوجه العمل المباشر لوزارة الشباب والرياضة في المجال الرياضي.وفي سنة 2009، أعيد النظر في هيكلة وتنظيم المدارس الرياضية، انطلاقا من توصيات الرسالة الملكية، وعملت الوزارة وتحديدا مديرية الرياضات على إعطائها صورة مغايرة، بعد إحساسها بأهمية هذه المدارس في اكتشاف المواهب والتنقيب عن الأبطال الذين سيشكلون مستقبلا عصب رياضة المستوى العالي والنخبة، بتنسيق مع الجامعات الرياضية، التي سيكون لها دور أساسي في صقل مواهبهم، ورفع مستواهم التقني والبدني لتمثيل المغرب في المحافل الدولية.وتبقى الإشارة إلى أن الوزارة تراهن على تحقيق العديد من الأهداف من خلال إعادة الاعتبار إلى المدارس الرياضية سنبرزها في هذا الربورتاج. الفضاء والتكوين تتوفر جميع المنشآت الرياضية الموجودة تحت إشراف وزارة الشباب والرياضة على مدارس رياضية، ويتعلق الأمر بالمسابح ومراكز القرب والقاعات الرياضية ودور الشباب وحماية الطفولة، ويستفيد منها الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة، إذ تعمل الوزارة في بداية كل موسم على نشر دورية في جميع النيابات التابعة لها لفتح المنشآت الرياضية في وجه العموم، وتقدم لهم تأطيرا في المستوى وتأمينا طبيا وفضاء للممارسة ويستجيب لجميع الشروط المعمول بها مقابل تعويض سنوي لا يتعدى 50 أو 100 درهم، باستثناء المسابح التي تصل كلفتها إلى 1500 درهم سنويا بالنظر إلى كلفتها، علما أنها تعد أقل تكلفة مقارنة بالمسابح الخاصة، ويمكن الاستفادة منها لستة أشهر مقابل 900 درهم و500 درهم للشهر.وتوفر لهم الوزارة أيضا مكونين حاصلين على شهادات معترف بها من قبل الدولة، خاصة الشباب والرياضة والتربية الوطنية، ويستفيدون من حصتين أسبوعيا الأولى يوم الأربعاء والثانية يوم السبت، بالإضافة إلى المباريات التي يخوضونها في إطار المنافسات.ويستفيد حاليا من المدارس الرياضية 40 ألف طفل، إذ تتوفر الوزارة على 495 مدرسة في جميع التراب المغربي، وتقدم للمستفيدين تكوينا في العديد الأنواع الرياضية ويتعلق الأمر بكرة القدم وكرة السلة وكرة اليد وألعاب القوى والجمباز والكرة الطائرة وتنس الطاولة وتايكواندو والجيدو وغيرها من رياضات فنون الحرب، علما أن العديد من هذه الأنواع الرياضية تمارس في دور الشباب والأطفال.وتلزم وزارة الشباب والرياضة جميع أطرها الساهرين على تكوين المستفيدين بانخراطهم في العمل على تطبيق البرامج الأسبوعية، ولعب دور فعال في تنشيط الحركة الرياضية المحلية، وسعيها أثناء الحصص الإعدادية لهم على ترسيخ الثقافة الرياضية المبنية على قيم التآزر والتعاون وروح الفريق.وقررت الوزارة إصدار دليل موحد للحركات الرياضية التي يجري تلقينها إلى المستفيدين من المدارس الرياضية «دليل بيداغوجي للمؤطرين» والهدف منه تلقين الممارسين تكوينا موحدا وشاملا، والحد من ظاهرة التكوين العشوائي، واعتماد معايير تقنية موحدة في جميع الرياضات.كما تعمل الوزارة على تنظيم دورات تكوينية للمؤطرين من أجل رفع مستواهم التقني، وسبق لها أن نظمت دورات تكوينية في كرة السلة، وستعمل مستقبلا على تنظيم دورات مماثلة لمؤطري كرة القدم وكرة اليد. تنظيم المنافسات كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإن الدورية التي تحدد من خلالها الوزارة الهدف المتوخى تحقيقه في الموسم الرياضي من قبل المدارس الرياضية التي تشرف عليها، تتضمن أيضا برنامج المنافسات، والأنواع الرياضية التي سيتبارى فيها المستفيدون.وتنطلق المنافسات ما بين فاتح و15 فبراير من كل سنة عن طريق إجراء منافسات على صعيد كل نيابة في أربعة أنواع رياضية، ويتعلق الأمر يكرة القدم ذكور وكرة السلة ذكور وإناث وكرة اليد ذكور وإناث وألعاب القوى ذكور وإناث في مسافة 60 و600 متر والقفز الطولي وسباق التناوب.وبعد نهاية المنافسات على صعيد كل نيابة، تنطلق التصفيات الجهوية بعد 15 فبراير من كل سنة، ويشارك فيها منتخب كل نيابة المشكل من أفضل الممارسين والمتفوقين في التصفيات الأولية، وذلك عن طريق مواجهة باقي النيابات الموجودة في كل جهة وتنتهي في نهاية مارس.أما بالنسبة إلى النهاية والتي تجرى على الصعيد الوطني، وتحتضنها بوزنيقة باعتبارها الوحيدة التي تتوفر على مركز بمواصفات عالمية ويمكنه استيعاب الكم الهائل من الأطفال المشاركين وتتبعهم على المستوى الرياضي والطبي والتغذية والإيواء، وكانت تجرى سابقا في يونيو من كل سنة، غير أن الوزارة ارتأت إجراءها هذا الموسم في أبريل الجاري بالموازاة مع العطلة البينية الأخيرة، من أجل عدم حرمان الأطفال من دراستهم، ويشارك فيها 1200 طفل.وارتأت وزارة الشباب والرياضة تنظيم المنافسات في ابن سليمان، بعدما أصبحت مدينة متكاملة تتوفر على جميع المنشآت الرياضية اللازمة لإجراء المنافسات في الأنواع الرياضية المذكورة، والتي تعززت أخيرا بإحداث مركز ألعاب القوى الذي يتوفر على حلبة مطاطية بمواصفات دولية.وتطمح مديرية الرياضات إدراج 16 نوعا رياضيا أولمبيا في المدارس الرياضية المذكورة، غير أن ذلك لا يمكن عمليا بالنظر إلى ضعف الطاقة الاستعابية للمنشآت الرياضية ، وهو أمر يصعب تنفيذه، علما أن الوزارة تنفق 120 مليون سنتيم من أجل تنظيم البطولة الوطنية.كما أصبحت رياضة السباحة مستقلة بذاتها، وتنظم المنافسات بعيدا عن باقي الرياضات الأربع المذكورة، وأصبح لها بطولة خاصة بها تسمى «دوري التحدي». الـتـنـسـيـق مـع الـجـامـعـات إذا كانت المدارس الرياضية ثمرة الإشراف المباشر للوزارة على الشأن الرياضي، فإن الجامعات الرياضية تقوم بالإشراف غير المباشر للوزارة على الرياضة الوطنية، وانطلاقا من هذا المعطى، فإن المدارس الرياضية تقوم بالدور الذي يصعب على الجامعات القيام به، بالنظر إلى إمكانياتها المحدودة في هذا الشأن، سيما أنها لا يمكنها الاهتمام بالرياضة القاعدية بشكل مستمر ومسترسل، إذ أن ذلك يتطلب نفسا طويلا، غير أن اهتمام الجامعات بشكل كبير منصب على رياضة النخبة وعلى تحقيق النتائج.وبالنسبة إلى الرياضات المتنافسة في إطار المدارس الرياضية، تحضر الجامعات المسؤولة عن ألعاب القوى وكرة القدم وكرة اليد وكرة السلة، لمتابعة المسابقات النهائية، واستقطاب أفضل الممارسين لإلحاقهم بمراكز التكوين التابعة لها، وبالتالي تعد هذه العملية آخر محطة للمدارس الرياضية التي تعمل على وضع أفضل الممارسين رهن إشارة الجامعات المعنية، غير أن الأخيرة ملزمة أيضا بتتبعهم ومتابعة تكوينهم من أجل صقل مواهبهم ورفع مستوى تنافسيتهم، وتحضيرهم لتمثيل المغرب في المنافسات الدولية.غير أن التنسيق مع الجامعات الرياضية لا يتم بصورة متكاملة، إذ يتطلب انخراط الأخيرة في العمل التي تقوم به المدارس الرياضية، من أجل الوقوف على طريقة إعداد الأطفال قبل مرحلة الدخول في المنافسات، سيما أن الأندية الرياضية بالجامعات المذكورة مطالبة باعتماد أطر تتوفر على مستوى عال من التكوين، وذلك لبلوغ نتائج إيجابية والاستفادة أكثر من المواهب الصاعدة. أهـداف الـمـدارس الـريـاضـيـةحددت وزارة الشباب والرياضة العديد من الأهداف بعد إعادة إحداث المدارس الرياضية، إذ تعتبرها أساس كل نشاط رياضي على المدى القصير، وفرصة لاستغلال الوقت الثالث للأطفال على المدى المتوسط والتنقيب عن الأطفال المواهب والعمل على إدماجهم في المنظومة الرياضية المحلية على البعيد.وتتوخى الوزارة من وراء ذلك معالجة الهدر الرياضي في المغرب، بحكم أن ثلاثة ملايين و500 ألف طفل لا يمارسون الرياضة، بالنظر إلى قلة الساعات المبرمجة لهم في مادة التربية البدينة والرياضة في المؤسسات التعليمية.لكن الوزارة تعمل سنويا على تحديد هدف معين تعمل على تحقيقه طيلة الموسم الرياضي، وفي سبيل تحقيق ذلك، فإنها تنظم لقاء في ثلاثة أيام بمشاركة جميع المسؤولين عن الشأن الرياضي على مستوى النيابات التابعة لها ويتعلق الأمر ب 75 مندوبية موزعة على جميع التراب الوطني، والهدف منه مناقشة المشاكل التي واجهتها في الموسم الرياضي الماضي والتحضير للموسم الرياضي المقبل، وتتم من خلاله صياغة البرنامج ووضع الهدف الذي يتلاءم مع البعد السياسي والرياضي للوزارة، علما أن الهدف الأسمى هو الاهتمام بالرياضة القاعدية، تنفيذا لتوصيات الرسالة الملكية الموجهة إلى لمشاركين في مناظرة الصخيرات.وبالنسبة إلى السنة الجارية كان هدف الوزارة هو تأكيد حق المواطن في ممارسة الرياضة وتوسيع قاعدة الممارسة، والتي عن طريقها يمكن اكتشاف المواهب وتنظيم العديد من التظاهرات الرياضية. كما كان هدفها أيضا تطوير وتعميم الممارسة الرياضية وخلق دينامية رياضية محلية وجهوية والتنقيب وانتقاء الأطفال الموهوبين وتتويج المجهودات المبذولة على الصعيد المحلي والجهوي.وشكل الزحف العمراني ومواجهة غياب منشآت رياضية وانعكاسها على الممارسة الرياضية بصفة عامة أحد أهم الأهداف التي تسعى الوزارة إلى تجاوزها في الوقت الراهن، إذ كان لذلك الأثر الكبير على تواضع مساهمة الحركة الرياضية الأولمبية، وقلة المبادرات الوطنية الرائدة، ويتعلق الأمر بتنظيم التظاهرات الرياضية ذات البعد الوطني التي توفر تنافسية كبيرة، علما أن المدارس الرياضية اعتبرت في فترة قبل تسعينات القرن الماضي مشتلا لرياضتي كرة القدم وألعاب القوى. إنجاز: صلاح الدين محسن

المدارس الرياضية… طريق المواهب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حالة انتحار جديدة في صفوف رجال الأمن

المغرب ينتظر 100 ألف زائر خلال مونديال الأندية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات