فك الارتباط بين النيابة العامة ووزير العدل

نقيب هيأة البيضاء قال إن السياسات المتبعة في تنظيم النيابة العامة تتراوح بين عدة تجارب يرى عمر ودرا، نقيب هيأة المحامين بالبيضاء، أن استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، أي عن السلطة التنفيذية، موضوع محير حقا، لأن هذا الاستقلال أصبح ضروريا في العصر الحاضر الذي ازداد فيه الوعي بالحريات العامة الفردية والجماعية، وأضاف ودرا في حوار مع "الصباح" أن استعمال كلمة السلطة يعني إحدى السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.‬ ولعل المنطق الدستوري (الفصل 115) يتماشى مع المقاربة الأخيرة في استبعاد وزير العدل والحريات عن ترؤس جهاز النيابة العامة بالنظر إلى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أصبح يضم في تشكيلته هيآت وشخصيات غير قضائية. من خلال الممارسة المهنية وكذا وجودكم ضمن اللجنة التي كلفت من قبل جمعية هيآت المحامين بالمغرب بصياغة التصورات النهائية حول إصلاح العدالة هل ترون ضرورة قطع التبعية بين النيابة العامة ووزارة العدل؟ إن استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، أي عن السلطة التنفيذية، موضوع محير حقا، لأن هذا الاستقلال أصبح ضروريا في العصر الحاضر الذي ازداد فيه الوعي بالحريات العامة الفردية والجماعية، وازداد فيه الوعي بضرورة استقلال القضاء، باعتبار هذا الاستقلال إحدى الضمانات الأساسية للحريات العامة.غير أن ثمة ضرورات عملية، تجعل من الصعب أن يتحقق استقلال النيابة العامة، بالمعنى المطلوب عن الجهاز الإداري "الوصي" على شؤون العدل والقضاء والوصي كذلك على توفير الأمن العام، بما يتطلبه هذا من أساليب، إن لم نقل من "أسرار خاصة" توجب أن تكون النيابة العامة باعتبارها الجهاز المكلف، بالدفاع عن الحق العام "وضمنه الأمن العام" ذات "تبعية" لجهة إدارية ما وبوجه ما، ترتبط بالدولة أو بالسلطة التنفيذية، أي الحكومة منبثقة من الأغلبية البرلمانية التي تمثل نظريا الشعب، والتي تضع السياسة الجنائية وتقوم بتنفيذها، واعتبارا كذلك أن وزارة العدل هي جزء من السلطة الحكومة.وإذا راجعنا السياسات أو الخطط المتبعة الآن في تنظيم النيابة العامة نجد أنها تتراوح بين عدة تجارب ترى فيها كذلك اتجاها لمراعاة الاحتياج، إلى أن يكون هذا الاستقلال "غير تام"، بمعنى أن لا يصل إلى الاستقلال نفسه الكامل الذي للقضاء الجالس.وبالنسبة إلى بلادنا، فإن هناك طموحا حقوقيا يقوده المجتمع المدني، يدافع عن استقلال النيابة العامة، أو التحرر من تلك التبعية، التي كان معمولا بها في الماضي، وكانت لها عيوبها القانونية والحقوقية والدستورية، التي نسعى اليوم لأن نتحرر منها ومن مفاسدها ونسعى كذلك إلى أن نعيش في مصداقية دستورية، تباعد بيننا وبين الماضي وما كان فيه من تعسفات معاشة ومعروفة. ولكن الدستور الحالي رغم أنه لم يحدد السلطة التي يتبع إليها قضاة النيابة العامة إلا أنه أقر استقلال السلطة القضائية؟اليوم هناك اقتراحات متنوعة مطروحة للنقاش والتداول داخل المجتمع المدني بأحزابه السياسية ومنظماته الحقوقية، نرى فيها اهتماما جديا للتوصل إلى حل مناسب يستمد أصوله وقواعده من التجارب الدولية، ويطمح إلى أن يرتقي بشؤون العدالة في بلادنا الى المكانة التي تستحقها ويستحقها شعبنا، الذي من حقه على دولته، أن توفر له عدالة سليمة، ومثالية ترفع عنه ذلك الغبن الذي عاناه زمنا طويلا.‪وبطبيعة الحال فإن الدستور الجديد، وما سبقه وتبعه من نشاط حقوقي، لابد أن يصل بنا إلى المبتغى المطلوب، الذي ليس من البعيد أو المستحيل، أن نتوصل إليه، إذا غيرنا ما بأنفسنا، وأعطينا لهذا الهدف حقه من الإخلاص المستحق، من المحكومين والحاكمين معا ومن الدولة والشعب. وهذا الإخلاص ضروري لابد أن يكون حاضرا بجانب الأقوال والأفعال التي نسمعها ونراها اليوم.مع ملاحظة أن الدستور الحالي، استعمل كلمة السلطة مما يعني إحدى السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. ولعل المنطق الدستوري (الفصل 115) يتماشى مع المقاربة الأخيرة في استبعاد وزير العدل عن ترؤس جهاز النيابة العامة بالنظر إلى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أصبح يضم في تشكيلته هيآت وشخصيات غير قضائية، كما أضحى يتمتع بوظائف جديدة وعلى الخصوص تلك المتعلقة بإعداد تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة ومعالجتها، ما يخول له وضع التوجهات الكبرى للسياسة القضائية بصفة عامة بما فيها السياسة الزجرية، مع إسناد تنفيذها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض باعتباره عضوا في المجلس الأعلى للسلطة القضائية وسلطة رئاسية لأعضاء النيابة العامة. ألا ترون أنه في حال الإبقاء على النيابة العامة تابعة لوزير العدل يمكن أن يحيد عن القضاة النيابة العامة صفة قاض؟ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن النيابة العامة تتكون القضاة من المنتمين إلى السلطة القضائية، وحملهم صفة القضاء تجعلهم جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية بمفهومها العام، وأن القاضي الواحد يمكن له أن يتدرج خلال مساره المهني بين ممارسة قضاء الحكم وقضاء النيابة العامة ، ومن خلال تصفح المواد التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية، نجد أن المشرع قد أعطى قضاة النيابة العامة وضعية مزدوجة أدت إلى وجود تضارب فقهي حول طبيعة جهاز النيابة العامة هل هو إداري أم قضائي؟ و إذا ما عدنا إلى طبيعة الخلاصات التي وقفت عليها توصيات هيأة الإنصاف و المصالحة، التي نص عليها في الدستور أقرت باعتماد تأهيل العدالة وتقوية استقلاليتها، من خلال فصل وظيفة وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء، وتقوية الضمانات الدستورية لاستقلال المجلس الأعلى للقضاء، وجعل نظامه الأساسي يحدد بقانون تنظيمي يتم بمقتضاه مراجعة تشكيلته ووظيفته بما يضمن تمثيلية أطراف غير قضائية داخله مع الإقرار باستقلاله الذاتي بشريا وماليا، وتمكينه من سلطات واسعة في مجال تنظيم المهنة ووضع ضوابطها وأخلاقياتها وتقييم عمل القضاة وأدائهم وتخويله إعداد تقرير سنوي عن سير العدالة، و مراجعة تنظيم واختصاصات وزارة العدل بشكل يحول دون أي تدخل أو تأثير للجهاز الإداري في مجرى العدالة وسير المحاكمات، ما يوحي ضمنيا ضرورة فك الارتباط بين النيابة العامة ووزير العدل والحريات. أجرت الحوار: ك . م

فك الارتباط بين النيابة العامة ووزير العدل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الديربي نهاية أبريل بملعب محمد الخامس

دراسة في القانون: قراءة لقانونين مهملين حول إلزامية التعليم في المغرب (الحلقة الأخيرة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات