الحق في الصمت… مكسب المحاكمة العادلة

تثير مسألة البحث التمهيدي من خلال مراحلها المختلفة والإجراءات المرتبطة بها قانونيا وواقعيا الكثير من الملاحظات وعلامات الاستفهام، سيما عندما يتعلق الأمر بمدى توفر الأجواء التي تطبع البحث على ضمانات حقوق الإنسان التي من شأنها التغلب على التجاوزات والخروقات، أو على الأقل التقليل منها ومحاصرتها. وفـي هذا السياق جاءت المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية الصادر في 3 أكتوبر 2002 والتي عدلت في أكتوبر 2011 بعدما تعززت بمقتضيات الفصل 23 من الدستور الجديد. ولإضفاء طابع الالتزام بضمانات حقوق الإنسان كما نصت على ذلك المواثيق الدولية ذات الصلة والقانون الدولـي الإنسانـي، حاول المشرع المغربـي استحضار ذلك في تعديله لمجموعة من مواد المسطرة الجنائية ومنها المقتضيات الخاصة بالمادة 66 ، والتي تشكل مكتسبات من شأنها بعث الاطمئنان في نفسية المشتبه فيه، خاصة عندما أوجب مجموعة من الحقوق، كمعرفته أسباب ودوافع اعتقاله، وإلزام الضابطة القضائية بتدوين ذلك في سجل نظامي معد لهذا الغرض، ويخضع لمراقبة النيابة العامة بطريقة منتظمة،أو عندما أضاف لها حق المشتبه فيه التزام الصمت والاستفادة من المساعدة القانونية كما حدد ذلك الفصل 23 من الدستور، فأصبح الأمر ذا طابع دستوري، وهو ما يفهم من المادة 66 . ويرى المهتمون أن ما يجب الانتباه إليه هو حق المشتبه فيه في محاكمة عادلة تمر من البحث التمهيدي، إذ أن المادة66 أكدت على حق المتهم في أن يطلع على سبب أو دواعي اعتقاله، وهو ما يمثل نوعا من حصر الجريمة المتابع بها، إذ ألزم القانون الضابطة القضائية بأن تدون في سجل الاعتقال هذا السبب تفاديا لتغييره وهو سجل يتم تحت رقابة النيابة العامة، وهذه ضمانة جوهرية أوكل المشرع إلى النيابة العامة مراقبتها، بالإضافة إلى مسألة حق الصمت وعدم البوح بأي اعتراف وإنكار المتهم لضابط الشرطة القضائية وهذا الحق يمكن للمحامي عند زيارته للمشتبه فيه أن ينصحه بالاستمرار على الإصرار عليه أو أن يعدل عنه إلى الجواب عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية، مادام أنه لم يعد بالإمكان إكراه المتهم على الجواب عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية وفي غياب دقة النص يرى المهتمون أن مرحلة الصمت تنتهي بحضور المحامي فقط كما هو الشأن في التشريعات المقارنة، إذ يصرح المقبوض عليه بأنه لن يتكلم إلا بحضور دفاعه، ويعتبر المهتمون أن المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية التي تعززت بالفصل 23 من الدستور الجديد تشكل رافعة هامة في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، وتتيح الكثير من الضمانات التي كانت مفتقدة في السابق، إلا أنها عند تنـزيلها للتطبيق على أرض الواقع تثير العديد من الإشكالات، وتكشف عن الكثير من الاختلالات، وهو ما يستحق طرح الموضوع للنقاش العلمي والقانونـي الذي يستحضر إكراهات السرعة والفعالية بالنسبة للبحث التمهيدي ومقومات بناء عقلية تحترم حقوق الإنسان، وتوفر ضمانات المحاكمة العادلة منذ البدء. كريمة مصلي

الحق في الصمت… مكسب المحاكمة العادلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

314 مليون درهم متأخرات لدى زبناء "فوكاريم"

منحتا مجلس المدينة والجامعة أهم موارد الفريق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات