قانـون المـالية وضعف المسـاءلـة البرلمانية

ورش الإصلاح يقتضي تكريس المراقبة البرلمانية وترشيد النفقات بتحسين أداء الأجهزة الإداريةيثار النقاش حول إصلاح قانون المالية، كلما اقترب موعد الحكومة لتقديم المشروع. فكثيرة هي الدراسات التي اهتمت بهذا الموضوع، منها مركز الدراسات والأبحاث في الحكامة والسياسات العمومية، إذ يعتبر أن "إصلاح القانون التنظيمي للمالية، يسعى بشكل عام إلى ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﺸﺮوط اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ والاقتصادية والاجتماعية الكفيلة ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻧﺪﻣﺎج ﻧﺎﺟﻊ ﻟﻠﻤﻐﺮب ﻓﻲ المحيط اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺮف تحولات ﻫﺎﻣﺔ، وﻣﺮاﻋﺎة اﻟﺘﺰاﻣﺎت المغرب ﺗﺒﻌﺎ لاتفاقية اﻟﺸﺮاﻛﺔ ﻣﻊ الاتحاد الأوربي، وإحداث ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﺒﺎدل الحر ﻣﻊ أمريكا ودول أﺧﺮى.إن اﻹﺻﻼح ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ، يروم تحقيق أهداف محددة، تتمحور حول بعدين أساسيين، وفق الدراسة التي أعدها المركز. البعد الأول، يرتبط بتكريس قيم الشفافية والمراقبة، والولوج للمعلومة من طرف المؤسسة التشريعية، أما البعد الثاني، فيهم ترشيد النفقات العمومية، عبر تحسين أداء الأجهزة الإدارية، ونظم توزيع الاعتمادات وتصريفها قطاعيا. منطق النتائج بدل منطق الوسائلوبهذا، فإن ورش إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية في الجانب المتعلق بترشيد النفقات العمومية، ينطلق من التأكيد على ضرورة التنصيص، وبشكل واضح في القانون التنظيمي للقانون المالي، على اعتماد "منطق النتائج"، على اعتبار أنه الوحيد الكفيل بخلق ثورة حقيقية في نمط تدبير المالية العمومية والانتقال به من منطق تدبيري بيروقراطي، مبني على تدبير اعتمادات عبر صرفها وفق جداول زمنية واستهلاكية، إلى منطق أكثر عقلانية يضع في صلب اهتمامه تحقيق نتائج وأهداف، وليس استنفاد نفقات واعتمادات، كما هو عليه الحال بمنطق الوسائل. ويعتبر المركز أن منطق النتائج لا يمكن أن يستقيم في ظل المقاربة المحاسباتية الضيقة التي تطبع قوانين المالية، والتي تظل حبيسة أرقام ومبالغ و اعتمادات، دون أي أفق أو بعد تنموي وشمولي ومتكامل. وضع يفرض تحسين البنية المحاسباتية لقانون المالية، لتمكينه من تجاوز المقاربة القطاعية التي يخضع لها، واعتماده تصورا حكوميا شموليا يسهل سن سياسات عمومية أفقية مندمجة يتم تنسيقها على مستوى الحكومة كجهاز. في هذا الاتجاه، وتكريسا للمقاربة الشمولية في تدبير البرامج الحكومية، يعتبر تقرير "مركز الدراسات والأبحاث في الحكامة والسياسات العمومية"، إدراج ميزانيات المؤسسات العمومية في مجال القانون التنظيمي للقانون المالي أصبح شيئا ضروريا من أجل تحقيق الالتقائية المنشودة في التدبير العمومي للبرامج وماليتها.إن إصلاح القانون التنظيمي للمالية، حسب التقرير نفسه، "يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ملاءمة مقتضياته مع فصول الدستور الجديد ، والذي ينص صراحة في الفصل 77 على الحفاظ على توازن مالية الدولة، وذلك عبر ترجمة روح الفصل المذكور في مقتضيات القانون التنظيمي، عبر التأكيد على اعتماد قواعد مالية جديدة من أجل تعزيز التوازن المالي، عبر القطع مع ممارسات سابقة كتحويل اعتمادات الاستثمار من سنة إلى أخرى، أو إدراج نفقات تدبيرية في ميزانية الاستثمار". أداء برلماني ضعيف في مراقبة المال العاموفي سياق تكريس قيم الشفافية والمراقبة (المبدأ الثاني)، يقول التقرير إن "الواقع يفرض العمل على وضع أسس علاقة أكثر توازنا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، في أفق تمكين البرلمان من سلطة حقيقية في مراقبة المال العام، وتدبير الميزانية". ويعتبر المركز أن هذه "السلطة يمكن أن تستمد من خلال توسيع مجالات تدخل وتأثير المؤسسة التشريعية، في مناقشة ومراقبة تنفيذ الميزانية". تحقيق هذا الهدف، يقتضي إغناء المعطيات المقدمة للبرلمان، وتبسيطها وتسهيل الولوج إليها من طرف النواب، عبر تمكينهم من تقارير تفصيلية حول جوانب مازال يلفها الغموض في القوانين المالية، والمتعلقة بتفاصيل تنفيذ تلك القوانين والنتائج المتوقعة، حتى يتسنى مقارنة الأهداف بالوسائل المرصودة. تحسين تدخل البرلمان في مراقبة المالية العمومية، ومساءلة السلطة التنفيذية بخصوصها، يقتضي وفق التقرير، "تطوير شكل تقديم الميزانيات القطاعية وتحويلها من ميزانيات وزارية محضة، إلى ميزانيات برنامجية تتوخى تحقيق أهداف مرتبطة ببرنامج أو مخطط معين، هذا دون إغفال ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المدى المتوسط والبعيد في تدبير ميزانية الدولة، وتمكين المشرعين من كل المعطيات التي تمكنهم من متابعة تقدم المشاريع والمخططات القطاعية الممتدة على أكثر من سنة مالية". لقد أقر الدستور على المسؤولية المشتركة للبرلمان والحكومة في السهر على الحفاظ على توازن مالية الدولة ، رغم أنه خص الحكومة بحق رفض المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، بعد بيان الأسباب، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي. إحسان الحافظي

قانـون المـالية وضعف المسـاءلـة البرلمانية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المعارضة تهاجم مشروع قانون المالية وتصفه بالضعيف

البعد الاجتماعي في مشروع قانون المالية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات