مدونة أخلاقية للرقي بعمل البرلمان

الملك يحمل البرلمانيين مسؤولية جعل البرلمان فضاء للحوار البناء ومدرسة للنخب السياسية تُدشن الحكومة سنتها التشريعية الثانية على إيقاع استمرار الأعطاب التي تعانيها، ومنها غياب الوسائل البشرية واللوجستية الضرورية لكل عمل برلماني مسؤول وجاد، وفي ظل استمرار ظاهرة الغياب البرلماني، وبالاعتماد على طرق تقليدية متجاوزة ومُملة في المراقبة (الأسئلة الشفوية) وتغليب كفة الحكومة في مجال التشريع على حساب مكونات المؤسسة التشريعية، وأساسا المعارضة. في هذا السياق الذي يتسم بتوالي الانتقادات إلى البرلمان، جاء الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية التاسعة، ليضع النقط على الحروف، ويقارب في الصميم الإشكالية المحورية التي يطرحها البرلمان، والمرتبطة أساسا بالأداء.دعا جلالة الملك محمد السادس إلى بلورة مدونة أخلاقية تستهدف، في العمق، رفع أداء المؤسسة التشريعية، وتعزيز أدوارها ووظائفها الرقابية والتشريعية. أكد جلالته أن البرلمان مدعو إلى إعداد مدونة أخلاقية ذات بعد قانوني تقوم على ترسيخ قيم الوطنية، وإيثار الصالح العام، والمسؤولية والنزاهة، والالتزام بالمشاركة الكاملة والفعلية في جميع أشغال البرلمان. وشدد جلالة الملك على تكريس مكانة المعارضة بما يُعزز دورها الذي خوله إياها الدستور، مبرزا أن مدونة الأخلاق ينبغي أن تحترم الوضع القانوني للمعارضة البرلمانية ولحقوقها الدستورية. وأبرز جلالته أن الهدف الأسمى هو جعل البرلمان فضاء للحوار البناء ومدرسة للنخب السياسية. من هذا المنظور أصبحت الأحزاب السياسية أمام مسؤولية الإسهام الفعلي في اختيار النخب المؤهلة للقيام بوظائفها بشكل مُشرف داخل البرلمان.الأخير أصبح بدوره أمام تحدي إعداد مدونة أخلاقية لن تكون مجرد شعار أو مبادئ عامة، بل ستُحدد الإطار العام الذي ينبغي أن يلتزم به البرلماني في ممارسة وظائفه، ومنها أساسا، التقيد بقيم المسؤولية والجدية في العمل والمواظبة على الحضور، والإسهام الفعلي في التشريع والمراقبة، الذي ظل طيلة الولايات التشريعية السابقة حكرا على عدد محدود من البرلمانيين، فيما الأغلبية تؤثث الفضاء شكلا دونما أي إسهام يُذكر في عمل المؤسسة البرلمانية. مدونة الأخلاق الخاصة بالبرلمان ستكون بمثابة حل للمشاكل التي تعانيها هذه المؤسسة، ومنها التحلي بالمسؤولية و تكثيف الحضور، في أفق رفع مستوى الأداء.معضلة البرلمان المغربي، إلى وقت قريب، أن غالبية أعضائه كانوا يلجونه ليس للعمل السياسي والتمثيل الفعلي للأمة على مستوى إثارة القضايا التي تشغل بال المواطنين والدفاع عن مصلحة المغرب، بقدر ما كان الحصول على صفة برلماني بكل ما تحمله من امتيازات، ومنها بالخصوص الاختباء وراء الحصانة التي تضمنها لهم. ظهرت بوادر التغيير، حديثا، إذ بدأت فئة "النفعيين" تتراجع مقابل ظهور نخبة سياسية جديدة مثقفة ومؤهلة أكثر للقيام بأدوار المؤسسة التشريعية.واتسمت السنة التشريعية الماضية بدخول نخبة "برلمانية" جديدة تتشكل غالبيتها من المثقفين والأكاديميين المنتخبين، وكذا الشباب والنساء الذين ولجوا البرلمان عن طريق الكوطا. هناك من يرى أن هؤلاء الشباب والنساء أغنوا النقاشات داخل المجلس، وبالتالي رفعوا إيقاع العمل البرلماني، مؤكدين أن تجديد الوجوه البرلمانية من شأنه أن يخلق الدينامية داخل البرلمان، ويرفع إيقاع العمل، ويقود بالتالي إلى الرقي بالمؤسسة التشريعية إلى مستوى الانتظارات. من جهة أخرى، هناك حاجة إلى أن يحدث تغيير على مستوى الرقابة التي ما تزال تنحصر في الأسئلة الشفوية بالطريقة "المتوارثة" التي لم يطأها أي تجديد، وغياب تفعيل الآليات الأخرى في المراقبة، أو ضعف الاعتماد عليها مثل لجان تقصي الحقائق. وتبرز الحاجة، كذلك، إلى تحفيز البرلمانيين على الحضور في أفق وضع حد للغياب البرلماني، ومنحهم الإمكانيات والوسائل اللازمة للاضطلاع بمهامهم على النحو المطلوب، ولا شك أن مدونة الأخلاق ستعالج العديد من الإشكاليات المطروحة أمام البرلمان، إذا ما تم احترامها. جمال بورفيسي

مدونة أخلاقية للرقي بعمل البرلمان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مدونة السلوك... هل تكفي لبناء ثقة المواطن في البرلمان؟

التفاصيل الكاملة لملف الإبراهيمي ومن معه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات