المدينة القديمة بالبيضاء… رحلة بحث عن حشيش نادر

الحملات الأمنية أجبرت المروجين على الفرار واللجوء إلى أحياء جديدة يُنصح زوار المدينة القديمة بالبيضاء، خلال شهر رمضان، بتعطيل حاستي الشم والسمع إلى حين أذان صلاة المغرب، وفي حالة الاخلال بذلك يتحمل الصائم رائحة تبعات شهية من «شباكية» وزيتون يسيل ما تبقى من لعاب الصائم، أو يسمع ما طاب له من سب وشتم «المترمضنين».أحداث يومية متشابكة داخل المدينة القديمة، وعلاقات اجتماعية غريبة، وديكور مثير حيث الأزقة الضيقة والمتشعبة تتخللها حركة سير فريدة من نوعها.. إنها المدينة القديمة التي عجز المخرجون السينمائيون عن سبر أغوارها الشيقة، حتى أن بيضاويين أصيبوا بحمى التعلق بها فتراهم يواظبون، يوميا، على زيارة دروبها والغوص في متاهة أزقتها.يحيط بالمدينة القديمة، جنوبا، البحر، وشمالا أحياء المدينة العصرية، وهي ميزة جعلتها فضاء تجاريا بنكهة خاصة جدا، إذ تشتهر بمطاعم تقدم وجبات اللحم الشهية، ومحلات تجارية أخرى لبيع الألبسة التقليدية.يتفكه أحد سكان البيضاء قائلا «إن من لا يعرف المدينة القديمة عليه أن يراجع ألف مرة خريطة البيضاء»، فهي من الأحياء الساحرة بعلاقات سكانها ومحلاتها التجارية وعمران منازلها الآيلة للسقوط، حتى يخيل لزائر أن الحي عبارة عن لوحة تشكيلية كبيرة لرسام انبهر بالألوان والإضاءة.وطبعا لم تسلم المدينة القديمة من «لعنة» المخدرات، مثلها مثل باقي أحياء البيضاء، بل أصبحت قبلة للمستهلكين بعد أن استوطنها تجار أشداء أحكموا قبضتهم على دروبها، واختاروا الاستقرار بها، قبل أن تفطن إليهم المصالح الأمنية وتجثت نشاطهم، خلال هذا الشهر.الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساء ولا شيء يدل على أن هذه الليلة استثنائية، إلا بعض الاستعدادات للإفطار، وبعض المسرعين الذين يحملون خبزا في آخر لحظة، في حين بدأ الزبناء يتوافدون لتناول وجبة الإفطار بالمقاهي، وآخرون ينتظمون في طوابير أمام محلات «الشباكية» والخبز.إنها طقوس رمضان بالمدينة القديمة، فمع اقتراب عقارب الساعة معلنة موعد الإفطار يهب آلاف البيضاويين إلى «قلعة» المدينة القديمة، حيث تنتعش حركة غريبة، لا يدرك كنهها إلا الضالعون في دروبها الضيقة وعلاقات شبابها.يفرض شهر رمضان على الصائم عادة الإمساك عن الأكل والشرب وغيرهما، إضافة إلى الإمساك عن تناول الخمور، إلا أن للمدمنين طرقا أخرى لإرواء ضمئهم خلال هذا الشهر، حين يقبلون على المخدرات بشكل كثيف وينتعش «العرض والطلب»، وتتعدد الحملات الأمنية، وتزدهر تجارة الحشيش بالأحياء الشعبية.اختار سعيد (شاب في منتصف عقده الثاني) اقتناء كمية صغيرة جدا من الحشيش من المدينة القديمة، إذ خبر دروبها لكثرة تردده عليها، علما أنه يقطع كيلومترات للوصول إليها، فيوميا يشد الرحال من الحي المحمدي إلى وسط المدينة قصد الظفر بحشيش جيد، في نظره.وقف سعيد فجأة على ناصية زقاق ضيق، وتغيرت ملامح المارة ونظرات بعض الشباب، ثم دلف بخفة إليه باحثا عن منزل مروج للمخدرات، ومن فتحة حديدية سلم مبلغا ماليا واستلم المخدرات، في سرعة تكشف أن المروجين اتخذوا كل الإجراءات الاحتياطية لتفادي الوقوع في قبضة رجال الأمن، والمفتوحة عيونهم عن آخرها.اعترف سعيد أن ترويج المخدرات بالمدينة القديمة أصبح نادرا جدا، فأمام الحملات الأمنية بالمنطقة اضطر أغلب المروجين إلى الفرار إلى أحياء جديدة أو ضواحي البيضاء بعدما كسدت «تجارتهم». خالد العطاوي

المدينة القديمة بالبيضاء… رحلة بحث عن حشيش نادر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مواجهات حامية بين الأمن وتجار المخدرات

مآسي المدمنين على المخدرات في رمضان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات