استعمال المال في الانتخابات

تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لاحظ تحولا نوعيا في الفساد الانتخابي في المجتمع شهد استعمال المال في الانتخابات الأخيرة تحولا نوعيا بسبب تشديد الدولة المراقبة على المرشحين وأعوانهم، وكل من يدور في فلكهم من عينات اجتماعية تشتغل يدا عاملة خلال المواسم الانتخابية، إذ لاحظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره الأخير حول ملاحظة استحقاقات 2011 ، أن الشوائب والاختلالات التي تم تسجيلها خلالها، وإن كانت لا تمس بمصداقية ونزاهة العملية الانتخابية في عمومها، إلا أنها تبقى ذات دلالة رمزية قوية، من ذلك أن استعمال المال الذي تحول إلى هبات وهدايا، حسب واضعي التقرير. واعتبر التقرير أن استعمال المال اتخذ صفة جديدة في انتخابات 2011، مقارنة مع الانتخابات التشريعية لسنة 2007، ويعود السبب في ذلك إلى تشديد المراقبة على استعمال الأموال في الانتخابات، لذا لوحظ انخفاض الخروقات المتعلقة بالاستعمال المباشر للأوراق النقدية في استمالة الناخبين، رغم بروز حالات تم الكشف عنها أخيرا وتتعلق، على سبيل المثال لا الحصر، بحالة اعتقال نائب برلماني بأزيلال بعد اعتراف أحد سماسرته، بتسلم المال منه وتوزيعه على ناخبين، مقابل مسك شيك ضمانة من لدن وكيل اللائحة، الذي رفض تسليمه إلى السمسار بعد ذلك، وقرر الأخير فضحه بعد أن أخلف البرلماني وعده له بتشغيل أحد أقاربه.مثال من هذا النوع، يوضح بجلاء أن استعمال المال، أو ما يعرف بالرشوة الانتخابية، وإن كان تراجع مقارنة مع عقود خلت اتسمت بسيطرة المال والسلطة على المشهد الانتخابي، يظل حاضرا بأشكال وأسايب شتى ومتعددة، سواء تعلق الأمر بتسخير المال والهدايا والهبات أو تسخير وسائل الدولة والجماعات المحلية من طرف المنتخبين في الحملات الانتخابية، وكمثال على ذلك بونات البنزين والدقيق المدعم، أو توزيع مواد البناء، كما حدث لأحد مرشحي الانتخابات التشريعية في ضواحي مراكش، إذ ضبطت السلطة عاملا بإحدى الجماعات القروية يوزع مواد بناء على المواطنين بتكليف من رئيس الجماعة، الذي يعد في الآن ذاته مرشحا للانتخابات. والحالات التي ضبطتها وزارة الداخلية في هذا الشأن كثيرة ومتعددة، إذ تم الوقوف على عدد من الملفات المماثلة من قبيل تمويل المرشح لحفلات الزواج والقيام بعميات ختان جماعي للأطفال، أو تنظيم قوافل طبية عبر تسخير جميعات تابعة للمرشح للقيام بأنشطة خيرية في ظاهرها، وتخفي وراء مظاهر تدليسية انتخابية.وهو ما يعني أن الترسانة القانونية وآليات الزجر غير كافية للحد من أخطبوط الفساد الانتخابي لوحدها، طالما أن بنية المجتمع يسهل اختراقها بالمال والمآدب والهدايا ورمي العار، كما يحدث في بعض القرى، لاستمالة الناخبين، وهي عادات وتقاليد بالية يدافع عنها المجتمع نفسه، إذ لا يرى جزء مهم منه في الانتخابات سوى لحظة لقضاء المصالح الفئوية وتحقيق المآرب الذاتية والعائلية، خارج اعتبارات الشفافية والنزاهة التي تشغل بال جزء من الطبقة السياسية والدولة، وبالتالي فإن تبيلغ المرتشي عن جريمة الراشي في الجنح الانتخابية، لا يتم إلا بهدف تصفية الحسابات بعد الإخلال بالوعود. وقد تكون السلطة في الكثير من الأحيان على علم بأن هذا المرشح أو ذاك يستعمل المال في الانتخابات، إلا أن ضبطه متلبسا يصبح عملية صعبة، طالما أن الأمور لا تتم بشكل مباشر بين المعني بالأمر والناخبين، بل عبر وسطاء، نساء وأطفال وسماسرة صغار، يتم استغلال وضعيتهم الاجتماعية الهشة في اقتحام البيوت من أجل توزيع الأموال والهدايا على المواطنين، وغالبا ما يتم تداول أخبار مفادها أن حملة هذا المرشح أو ذاك فاقت الخمسة ملايير، خصصت جلها للمآدب وأداء أجور اليد العاملة في الانتخابات، إضافة إلى توزيع الحقائب المالية في آخر لحظة على كبار السماسرة لتوزيعها، مع حمل بعضهم على التوقيع على شيكات ضمانة حتى لا تذهب هذه الأموال إلى جيوبهم.واقع من هذا القبيل، يعني أن الرشوة الانتخابية ما تزال متفشية داخل المجتمع، وإن حدت من وتيرتها آليات المراقبة القضائية وشددت عقوبتها القوانين الانتخابية. رشيد باحة

استعمال المال في الانتخابات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

3 أسئلة: الرشوة تخرب السياسة

أخطبوط الرشوة يبسط سلطانه على كافة القطاعات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات