حمقى الشوارع … الدولة تتحمل المسؤولية

تثار مسؤولية الدولة حين وقوع أضرار، سواء انصبت على أشخاص أو ممتلكات خاصة، تسبب فيها مختلون عقليا، وهو ما ترجمه القضاء الإداري في عدد من الأحكام التي ألزم فيها الدولة بالتعويض بعد ثبوت تسبب المختل في ضرر بالشارع العام، وفق ما ذهب إليه ظهير صادر في 10 أبريل 1959، حمل السلطة الإدارية مسؤولية إيداع المختلين مؤسسات الأمراض العقلية، حفاظا على السكينة. أكثر من ذلك أن المختل العقلي، ناقص المسؤولية الجنائية، ما دفع المشرع إلى فرض تدابير خاصة في حال ارتكابه جنحة أو جناية. وضمن الحالات التي سبق لإدارية البيضاء أن قضت فيها بتعويض لمتضرر تعرض لاعتداء من قبل مختل عقليا بالشارع العام، تلك التي أوردت فيها تعليلا يلزم الدولة بالتعويض استنادا إلى مسؤولية السلطة الإدارية، التي يقع عليها عبء مراقبة الفضاءات العمومية ونقل المختلين إلى مؤسسات للعلاج. وعللت المحكمة حكمها بقاعدتين مؤطرتين، الأولى أوردت فيها الإطار القانوني، إذ اشارت إلى أن السلطة المحلية تعتبر مسؤولة عن إيداع المختلين عقليا مؤسسات الأمراض العقلية، حفاظا على السكينة العامة، وفقا للظهير رقم 1ــ58ــ295 الصادر بتاريخ 10/04/ 1959. أما القاعدة الثانية فأكدت فيها المحكمة أن ثبوت تعرض الضحية لاعتداء جسدي في الشارع العام من قبل أحد الأشخاص المختلين عقليا، يحمل السلطة الإدارية مسؤولية الحادث بسبب إحجامها عن إيداع المتسبب في الاعتداء مؤسسة للأمراض العقلية. وبنت المحكمة قرارها على المسؤولية التقصيرية في مراقبة الفضاء العام والقيام بالواجب الملقى على السلطة المحلية، إزاء هذه العينة من الأشخاص، التي تحتاج إلى رعاية نفسية وترتكب الأفعال المضرة دون إدراك، كما قدرت التعويض حسب الاضرار وقناعتها بما سببه فعل الاعتداء للضحية. وتحل وزارة الداخلية محل ممثل السلطة الإدارية، التي كان تقصيرها سببا في الواقعة. وتكرر المطلب نفسه في قضايا مماثلة، ضمنها قضية السائحة البلجيكية التي رفعت دعوى للتعويض، بعد أن تبين أن مهاجمها بـ"شاقور" في كورنيش أكادير مطلع 2022، مختل عقليا تم إيداعه المستشفى الخاص بالأمراض النفسية والعقلية. وهو الشخص الذي تسبب في قتل سائحة فرنسية في تزنيت بالطريقة نفسها، قبل أن يتوجه إلى أكادير ويهاجم السائحة البلجيكية. وبنت السائحة البلجيكية مطالبتها بالتعويض، على الظهير نفسه الذي يحمل الدولة، مسؤولية الأعمال المضرة التي يتسبب فيها المختلون. أكثر من ذلك، فإن المختلين يحظون بحماية قانونية، تلزم تمتيعهم بها، إذ يفرض إيداعهم في مؤسسة للعلاج، ولا يسجنون في حال ارتكاب جريمة إلا بعد تعافيهم، وهو ما سبق لمحكمة الاستئناف الإدارية أن ترجمته في قرار قضائي حمل رئيس الحكومة السابق، أداء تعويض لفائدة أسرة مختل وضع في زنزانة بالسجن عوض مؤسسة للعلاج. والمعني بالأمر كان متابعا في حالة اعتقال بجناية إضرام النار عمدا، إذ أن وقائع القضية تشير إلى أنه كان يعاني اضطرابات عقلية، ومع ذلك تم إيداعه مؤسسة سجنية لمدة ثلاث سنوات، ما حرمه من العلاج والرعاية الصحية والطبية في وضع حاط بالكرامة الإنسانية، إلى أن تدهورت حالته الصحية بشكل كبير. وأكدت حيثيات الحكم، أن عدم تلقيه العلاج تسبب في تدهور حالته الصحية بالسجن، وأن وثائق الملف تؤكد أن الوفاة لم تكن طبيعية، بل كانت بسبب التقصير في القيام بالواجب القانوني تجاه السجين، سيما أنه كان يعاني مرضا عقليا يحتاج إلى العلاج الفوري، وأن خطأ الاحتفاظ به داخل المؤسسة السجنية من تاريخ 12 نونبر 2013 إلى 11 يوليوز 2016 ، يجعل الدولة في شخص رئيس الحكومة، تتحمل كامل المسؤولية عنه، وفقا لما هو منصوص عليه في الفصلين 20 و31 من الدستور ومختلف المعاهدات والمواثيق الدولية، ليصدر حكم قضى بتغريم الدولة 100 ألف درهم لفائدة أسرة الضحية. المصطفى صفر

حمقى الشوارع … الدولة تتحمل المسؤولية

ظهير يلزم السلطة بنقلهم للعلاج وأحكام ضد الداخلية لتعويض ضحاياهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نواب‭ ‬غاضبون‭ ‬بسبب‭ ‬مدارس‭ ‬فرق‭ ‬البطولة

العلاج ... "حلم" مرضى وأسرهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات