حرب الفتاوى من الدين إلى السياسة

أخطر ما يتهدد التطور الطبيعي هو منطق الوصاية على المجتمع تحججا بالدين وتوظيفه في خدمة أجندات سياسية حرب الفتاوى ظاهرة غريبة عن المجتمع المغربي، فهي تطورت وتغلغلت في أوساط المجتمعات المشرقية، في السعودية ومصر وغيرها. فتحولت معها أرواح الناس إلى لعبة في أيدي بعض علماء الدين، وتحول هدر دم المختلفين في الرأي والأفكار إلى سلاح دمار شامل يتهدد هذه المجتمعات. الفتاوى سلاح المحافظين في وجه الحداثيين، يحدث هذا في كل المجتمعات، وحتى البلدان الأوربية في القرون الوسطى عانت هذه الوضعية، قبل أن يبعد الفكر المتنور الكنيسة عن السياسة ، ويحاصر العقل كل ما من شأنه تعطيل تطور المجتمع.يقع يومياً، أن يخلط الشيوخ بين الديني والسياسي، ويعطون صورة قاتمة حول إمكانية الأنظمة في توظيف الدين لخدمة أجندات سياسية. هذا ما يحدث في كثير من البلدان العربية، وهذا ما جعل الدين مثلا ورقة رابحة في الانتخابات في كثير من البلدان، بل إن بعضهم ذهب إلى حد توظيف الفتوى في تغليب كفة مرشح على آخر حين اعتبر أن التصويت له واجب، وهو الذي يرفع شعار "الإسلام هو الحل"، وقبلها رفع السلاح باعتباره الحل أيضا.في مصر حسمت الفتاوى الكثير من السجالات والنقاشات الفكرية، وانتقلت من الفكر إلى السياسة حين بدأت الانتخابات الرئاسية. ولعلها الشعارات وحدها التي تفي بالغرض، فالإخوان المسلمون التي جعلت من العملية السياسية والتغيير عبر الانتخابات هدفا رئيسيا لها ورفعت في سبيل ذلك شعارات كبيرة من قبيل" وراء كل صندوق شهيد" و" أعطنا صوتك لنصلح الدنيا بالدين". وكان من أشهر هذه الفتاوى في مصر إبان الانتخابات، تلك التي أطلقها الأمين العام لـ"لجنة الدعوة الإسلامية" في الأزهر الشيخ عمر بسطويسي، بتحريم التصويت في الانتخابات لمصلحة فلول الحزب «الوطني» المنحل في الانتخابات الحالية، كما أصدر شيخ «الطريقة العزمية» محمد علاء الدين ماضي أبو العزايم، فتوى بأن «التصويت للسلفيين في أي انتخابات هو هدم لمصر».الفتوى تقتل أيضا، وأصبح للفتاوى وسطاء يطلبونها عند الحاجة ولغاية تحقق مصالح شخصية وليست مقاصد شرعية، كما أن خوض بعض الفتاوى في قضايا هامشية يجعل منها «شو إعلامي» أكثر منها ضرورة دينية. لقد ظل الإفتاء بيد رجال الدين، وحرص بعضهم أن يجعله وسيلة للاسترزاق والارتقاء الاجتماعي، كما هو الشأن بالنسبة إلى مفتي السلطة في كثير من البلدان العربية. غير أن الأمور بدأت تخرج عن نطاقها الطبيعي، وحتى ما عدوا في عداد السلطة، في لحظة معينة، تحولوا اليوم إلى مناهضين لاستقرار سلطة الدولة، بإصدار فتاوى تثير مشاعر الناس، وتحرضهم على القتل من خلال هدر دماء الناس، فقط لأنهم اختلفوا في بعض التفاصيل الفقهية أو عبروا عن آراء ليست بالضرورة مطابقة لرأي الفقيه.يرى الكثير من المتتبعين للشأن الديني أن أخطر ما يتهدد المجتمعات اليوم، هو منطق الوصاية التي يقوم به البعض، تحججا بالدين، وأن هذه الوصاية تشكل خطرا على الناس فرادى وجماعات، لأنها تمسهم في العمق وتخلق حالة افتتان بينهم.إحسان الحافظي

حرب الفتاوى من الدين إلى السياسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خطاب القتل وسفك الدماء حي لا يموت

فان غال يرحب بتعيينه مدربا لهولندا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات