نظام وحدة المدينة … مقدمـات فشـل ذريـع

الباحث زين الدين أكد أن التجربة فشلت في تحقيق الحكامة وتأهيل المدن أبانت حصيلة 15 سنة من اعتماد نظام وحدة المدينة عن محدودية هذه التجربة التي طبقت في ست مدن كبرى، كانت أغلبها من نصيب العدالة والتنمية، ما جعل البعض يتساءل عن الخلفية السياسية التي تحكمت في نقل تجربة طبقتها فرنسا في ثلاث مدن فقط، والتخلي عن نظام المجموعة الحضرية. ويتساءل العديد من الفاعلين السياسيين اليوم حول مآل التجربة وضرورة إخضاعها لتقييم عميق لتسجيل اختلالاتها، والتي كرست فوارق مجالية داخل الجماعة الحضرية، من خلال تركيز كل الإمكانيات المالية والتقنية في يد القائمين على تدبير مجلس المدينة، وتهميش دور المقاطعات. فأي حصيلة لهذه التجربة، ولماذا فشلت في تحقيق الأهداف التي رسمتها الدولة عند انطلاق التجربة، وما طبيعة الاختلالات التي طبعتها، وأي مسؤولية للنخب السياسية وسلطة الوصاية في ما آلت إليه حصيلة 15 سنة؟ أسئلة كبرى حملناها إلى الباحث محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية الحقوق بالمحمدية، الذي أكد أن السلطات حين قررت خوض تجربة وحدة المدينة في 2003، كان الهاجس الأكبر وراء القرار، هو تجاوز الاختلالات التي راكمها النظام السابق، من حيث هدر الموارد المالية وتشتيتها على المقاطعات، والفشل في تحقيق المشاريع الكبرى المهيكلة في المدن الكبرى. وأوضح زين الدين أن نظام وحدة المدينة كان الهدف منه هو تحقيق الانسجام والتنسيق بين مختلف المتدخلين، وتثمين الإمكانات البشرية والمالية للمجالس الجماعية الخاضعة له، وتعزيز الحكامة والتدبير العقلاني للموارد البشرية والمالية للجماعات الترابية. وأكد أن النظام المقتبس من التجربة الفرنسية، لم يحقق الأهداف المنتظرة منه، وسجل بشهادة المنتخبين والفاعلين السياسيين فشلا ذريعا، بسبب النواقص التي واكبته في المدن الست التي خضعت له، مشيرا إلى غموض الرؤية ومحدودية مستوى المتدخلين وطبيعة أسلوب التدبير الذي نهجته المجالس المنتخبة، والذي أبان ضعفا في كفاءة النخب المسيرة، وافتقارها إلى الخبرة في تدبير ميزانيات بملايير الدراهم، وضعف الإلمام برهانات التنمية والتدبير الترابي. ومن نتائج هذه التجربة الفاشلة، حالة عدم الانسجام والصراع بين المجلس والمقاطعات، وهدر الميزانية الهزيلة المخصصة للمقاطعات في التسيير، عوض تقديم الخدمات للمواطنين. والأكثر من ذلك، أن تجربة التدبير المالي أبانت عن ضعف التنسيق وعدم تحديد الأولويات، في ظل تراكم المهام على بعض المستشارين، الذين باتوا موزعين بين مجلس المدينة والمقاطعة، ما أثر على التدبير وضعف الحكامة. وعوض الانشغال بالتخطيط للمدينة وفق رؤية إستراتيجية، بات المنتخبون منهمكين في التدبير اليومي المحكوم بالإكراهات الضاغطة والتخبط في ملفات فشلوا في تدبيرها من قبيل النظافة والماء الكهرباء والتجهيزات التحتية. "بروفايلات" دون المستوى يرى الباحث في القانون الدستوري، من موقع المتتبع لبعض التجارب، أن "البروفايلات" التي ترشحها الأحزاب لتدبير شؤون المدن سواء في المجالس أو المقاطعات، تكاد تكون دون مستوى المهام المنوطة بالمنتخبين، وهو ما يضطر سلطة الوصاية إلى التدخل من أجل الحد من تداعيات ضعف التكوين والخبرة، أو من خلال تأسيس شركات للتنمية تسند إليها مهام تدبير بعض القطاعات الحيوية، وتحفيز الاستثمار بالمدينة، ومعالجة اختلالات سوء التدبير، وهو ما يسائل التجربة ودور المنتخبين في ظل عودة تحكم العامل أو الوالي، في تعارض تام مع منطق اللاتمركز والديمقراطية التشاركية. وخلص الباحث زين الدين إلى أن تجربة وحدة المدينة وعلى غرار تجربة الجهات، قد آلت إلى الفشل، وأدخلت تدبير المدن الست في مأزق حقيقي، بات يتطلب إعادة النظر من أجل تصحيح المسار، وخلق مناخ جديد يساعد على تحقيق الجاذبية الترابية والتنافسية الاقتصادية، وتقديم خدمات القرب الأساسية، وهي العملية التي تتطلب وضع نظام وحدة المدينة تحت مجهر الفحص والتقييم الدقيقين، لاستخلاص العبر، قبل الانتخابات المقبلة. برحو بوزياني

نظام وحدة المدينة … مقدمـات فشـل ذريـع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدكالـي يستنسـخ "التعاقـد"

لغات التدريس تؤخر ورش ميثاق التربية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات