رجال السلطة… استمرار المظهر التقليداني للمخزن

الوالي والعامل والقائد والشيخ والمقدم عيون السلطة التي لا تنام شكل النقاش الدائر حاليا حول تبعية الولاة والعمال لرئيس الحكومة أم للملك بعد التعيينات الأخيرة في الإدارة الترابية، فرصة لتأويل الدستور إما ديمقراطيا في اتجاه ربط ممارسة الحكومة لمسؤولياتها بالمحاسبة، أو إعادة انتاج الممارسات الدستورية السابقة التي كانت تمنح لرجال الإدارة الترابية المعينين من قبل الملك ، شرعية مستقلة عن الحكومة، تقوم على أساس الولاء للدولة بدلا من الجهاز التنفيذي الخاضع للمحاسبة. ويستمد هذا النقاش شرعيته من السياق العام الذي واكب الإعلان عن دستور يوليوز 2011، وهو سياق اتسم بحراك الشارع المطالب بإصلاحات سياسية ومؤسساتية جذرية تعيد لمفهومي التمثيلية والمسؤولية مدلولهما في تدبير الشأن العام، بمعنى أن وزارة الداخلية التي ظلت عصية على «التطويع» من قبل كل الوزراء الأولين الذين تعاقبوا على الحكومات السابقة، ينبغي أن يتم تحجيمها بمعاملتها مثل باقي الوزارارت، سواء من حيث صلاحياتها أو تدبير مواردها البشرية، أو من حيث ضبط ولجم تدخلات وقرارات عمالها وولاتها في كل المناطق التي يشرفون على تدبيرها الأمني والترابي، خاصة حين نعلم أن مؤسسة الوالي أو العامل تستمد أصولها من إرث تقليداني سلطاني يجعل من ممثل السلطة في الإقليم أو العمالة أو الجهة «عين السلطان» التي لا تنام، كما قال الراحل الحسن الثاني في نهاية السبعينات، وبالضبط في سنة 1977 بصدور ظهير العمال ورجال الإدارة الترابية. وتبقى مؤسسة القائد والشيخ والمقدم تدور في فلك هذه الثقافة المخزنية العتيقة، رغم تحديث وسائل عملها وأطرها البشرية، ما يجعلهم فوق المحاسبة أمام أي جهة كانت، في قراراتهم وتدخلاتهم المسكونة بالهاجس الأمني، إلا أمام السلطة المركزية الممثلة في الملك ورغم توالي الحديث عن المفهوم الجديد للسلطة، وإقحام وجوه جديدة، تتمتع بالكفاءة وبتكوين عصري، في تدبير الإدارة الترابية، إلا أن الممارسات التقليدانية، تظل نفسها في تعامل مؤسسة الولاة والعمال مع مهامهم وفي علاقتهم بالمواطنين والأحزاب والجمعيات في مناطق نفوذهم، إذ يتدخل ممثل السلطة المحلية في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، وتخضع كل المصالح بالمنطقة لإمرته، بما فيها المجالس المحلية المنتخبة وباقي المرافق الحكومية في دائرة النفوذ التابعة لممثلي السلطة. كما أن كل الإمكانيات المادية واللوجيستية يتحكم فيها العامل والوالي، يمنحها لمن شاء ويمنعها عمن شاء دون وجوب تعليل القرار، إضافة إلى احتكار ممثل السلطة لكل الرخص الممنوحة في السكن أو إنجاز مشاريع مهما بلغت قيمتها المالية، ما يفسر أن الوالي والعامل ظل طيلة عقود خلت فوق مساءلة الحكومات، وصدرا أعظم ممثلا للسلطان في منطقة نفوذه، وولاؤه للملك أولا قبل أن يكون لرئيسه المباشر. فهل تتغير هذه المنظومة الغارقة في تقاليد المخزن، مع الدستور الجديد والحكومة الملتحية؟ سؤال يبقى بنكيران المخول الأول للإجابة عليه، خاصة إذا علمنا أن الوالي والعامل أصبحا ممثلين للحكومة لا الدولة كما كان سائدا من قبل، كما أنهما مطالبان بتنفيذ السياسة الحكومية في مناطقهما، رغم استمرار تعيينهما من قبل الملك بمبادرة من رئيس الحكومة واقتراح من وزير الداخلية، فضبط الإدارة الترابية من قبل الحكومة هو الذي بمقدوره أن يجعلها سلطة تنفيذية مسؤولة وممارسة لصلاحياتها كاملة.رشيد باحة

رجال السلطة… استمرار المظهر التقليداني للمخزن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنعبد الله: سنعبئ 20 ألف هكتار خلال خمس سنوات

المغرب يكرس توجهه في تعزيز حقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات