إعفاء عامل سيدي بنور… بداية التحول

شكل إعلان وزارة الداخلية، في مارس الماضي، إعفاء عامل إقليم سيدي بنور، سابقة في التاريخ السياسي للمملكة، إذ يؤشر إلى تحول في تعامل دوائر القرار مع موظفين سامين من طينة الولاة والعمال، مما منح الطابع الاستثنائي لهذا «الحدث»، أنه أُعلن عنه رسميا وعلنيا، إذ صدر في موضوعه بلاغ رسمي من وزارة الداخلية ، وهو أمر غير مألوف في المغرب، إذ كان العزل في الفترات السابقة، يخضع لترتيبات معينة، ولا يتم الإعلان عنه رسميا، كما كان يتم بخلفيات لا يعلمها إلا المقربون من دوائر صناع القرار. إعلان الداخلية عن إعفاء عامل سيدي بنور جاء مرفقا بالسبب، إذ يتعلق الأمر بالمساس بشرف عضو في الحكومة وإخلاله بواجب التحفظ المفروض على موظفي وأعوان الدولة، لكن بعيدا عن السبب، فإن الدلالة الأساسية لحادث العزل تتجلى في أن الولاة والعمال، وإن كانوا موظفين سامين، فإنهم ليسوا فوق القانون، وبالتالي، ينبغي أن يتحملوا مسؤولية الأخطاء التي يرتكبونها. وتكمن الدلالة الثانية في ربط المسؤولية بالمحاسبة، إذ أنه في الفترات السابقة كان من النادر أن يخضع الولاة والعمال إلى المحاسبة والمساءلة، مهما كانت درجة الأخطاء والمخالفات التي تصدر عنهم، مما منح لهم الانطباع بأنهم فوق القانون، ويمكن أن يتصرفوا باعتبارهم مواطنين “استثنائيين”. الأمر تغير في ظل مغرب العهد الجديد، ودستور فاتح يوليوز، وهذه هي الإشارة التي تريد الدولة أن تبعثها إلى من “يهمهم الأمر”. لقد تداولت الصحف على نطاق واسع خبر عزل عامل سيدي بنور بسبب سلوك غير لائق صدر منه في حق عضو في الحكومة. ولو صدر منه السلوك نفسه قبل عشرين أو ثلاثين سنة، لكان، ربما، أعفي من هذا الإجراء التأديبي. لكن عامل سيدي بنور أدى ثمن “سقطة” سجلت عليه في زمن أصبح الكل يطالب بمساواة الجميع أمام القانون، وتنفيذ مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وهو درس للولاة والعمال، يفرض عليهم التقيد بحدود اختصاصاتهم وصلاحياتهم وعدم تجاوزها. في السياق ذاته، دخل المغرب مع الدستور الجديد صيرورة جديدة ميزتها ترسيخ مسلسل الدمقرطة وحقوق الإنسان، وتكريس مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات. ومنح الدستور الجديد دفعة قوية إلى الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأعطى الحكومة صلاحيات واسعة في التداول بشأن تعيين الولاة والعمال، إلى درجة أن رئيس الحكومة أصبح بإمكانه أن يتحفظ على تعيين عامل أو وال، وهي سابقة سجلها عبد الإله بنكيران بكثير من الارتياح والتفاؤل، وقد اعتبرها مؤشرا واضحا على التطور الذي يحققه المغرب على هذا المستوى. وكان بنكيران أكد دور الحكومة في الحركة الأخيرة للولاة والعمال، إذ قال إن من اقترح أسماء الولاة والعمال هو وزيره في الداخلية، امحند العنصر، وأنه وضع ثقته فيه. ونبه، خلال حضوره إلى مجلس النواب في إطار الجلسة الشهرية الدستورية منتصف ماي الماضي، إلى أنه لا يعرف الولاة والعمال، ومؤكدا أنه ضد الانتقام من البعض منهم، ممن لعبوا دورا معارضا للعدالة والتنمية في الاستحقاقات الماضية. وأضاف أنه حريص على مصلحة البلاد، وعبر عن تحفظه على تعيين وال واحد،وهو أمر لم يكن مألوفا في السابق.جمال بورفيسي

إعفاء عامل سيدي بنور… بداية التحول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

2013 سنة السكن المتوسط

حوادث انهيار المنازل تدق ناقوس الخطر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات