شبح أحداث 1981 يطارد حكومة بنكيران

الدولة تتأهب وتطالب المعارضة بـ"التعقل" تجنبا للدخول في سيناريو التأجيج السياسي لم يفت رئيس الحكومة أن يذكر بالأزمة التي استبقت تنزيل برنامج التقويم الهيكلي سنة 1981. وكان عبد الإله بنكيران يتحدث عن قرار الزيادة في الأسعار، محاولا تارة تخفيف مخاوف المغاربة من تداعيات الزيادة على قدراتهم الشرائية، وتارة أخرى التهديد بأن الدولة ستتعامل بصرامة مع كل زيادة تنشأ عن الرفع في أسعار المحروقات ، دون الرجوع إلى السلطات الوصية.بنكيران "يقامر" بالاستقرارسارع بنكيران إلى خرجة إعلامية لتبرير الزيادة في أسعار المحروقات، وحاول بين الفينة والأخرى أن يقدم تصورا لإصلاح صندوق المقاصة، وعدم تهويل التداعيات السلبية للزيادة، فتخلى عن جبة المدافع عن مصالح الشعب ليلبس معطف المدافع عن التوازنات المالية للدولة، مشيرا إلى أن تعويض الخصاص المالي لم يستثن أصحاب رؤوس الأموال الذين يطاردهم رئيس الحكومة لاستعادة بعض أموال الضرائب. موقف رئيس الحكومة، لقي انتقادات من داخل حزب العدالة والتنمية، قبل أن تعارضه أحزاب المعارضة البرلمانية، فكثير من أقطاب الحزب رأت في قرار رفع أسعار المحروقات، ضربا للقدرة الشرائية للناخبين الذين صوتوا لصالح العدالة والتنمية، بما يمس شعبية الحزب وهو على أبواب الانتخابات، في حين "يقامر" عبد الإله بنكيران، بشعبيته ورأس مال الحزب، دفاعا عن مصلحة الوطن، أو هكذا يقول. الرافضون قرار الزيادة، يرون أنها قد تكون مفهومة لو أنها تعلقت بخطة تروم الإصلاح، غير أن رفض الحكومة إقرار الضريبة على الثروة في قانون المالية الأخير، جر عليها الكثير من المتاعب والغضب، سيما أن أن إقرار هذه الضريبة كان من شأنه أن يفضي إلى در أموال على ميزانية الدولة، تقيها من جيوب المواطنين، في ما يشبه "مقامرة" بالاستقرار الداخلي.الدولة ترفع حالة التأهبالزيادة في ثمن المحروقات، رفعت حالة التأهب بمختلف مصالح الإدارة الترابية، والتقارير تقاطرت على مصالح الداخلية، بشأن ردة فعل الناس حول هذه الزيادة، سيما أن سيناريو أحداث 1981 بدأ يطارد الحكومة، وإن ظلت ردود الفعل محدودة. بالمقابل، تراهن الدولة على "تعقل" المركزيات النقابية حتى لا يتأجج الوضع، سيما بعد أن أبانت مسيرة "الكرامة" التي دعت إليها الكنفدرالية والفدرالية الديمقراطية للشغل، قدرة كبيرة لأحزاب اليسار على التعبئة مرة أخرى لأجل النزول إلى الشارع، قدرة ساهم فيها تحديدا الاتحاد الاشتراكي الذي عبأ وعاد ليقود مسيرة "القوات الشعبية". الأحزاب المعارضة رأت في القرار "تعديا" جديدا على شرائح واسعة من المجتمع، وتراجعا عن تصريحات سابقة للوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، نجيب بوليف، قال فيها أيام المعارضة بمجلس النواب، مهاجما سلفه الاستقلالي، نزار البركة. تصريحات بوليف أيام المعارضة قال فيها "خاص الحكومة تجيب حلول باش تجابه الإكراهات الخارجية"، مضيفا "الحكومة مفيدة مللي كتجي لمحاين وكتعاون الشعب ديالها"، وهاجم الحكومة في موضوع صندوق المقاصة وقال "منين كتجيبو لفلوس (صندوق المقاصة) ياك من ضرائب المواطنين. راه ما كتعملوش فيهم الخير". الوزير وجد نفسه، اليوم، رهينة تصريحاته في مجلس النواب، سيما أنه من اتخذ قرار الزيادة في أسعار المحروقات هذه المرة، دون أن يشمل القرار إقرار خطة تروم إصلاح صندوق المقاصة.مخاوف من سيناريو يونيو 1981 سياسيا، ذكرت الزيادة، المرتفعة نسبيا، مقارنة بنظيرتها في عهد الحكومة السابقة، بأحداث 20 يونيو سنة 1981. فالروايات تعددت بتعدد الأحداث واختلفت بين الضحية والجلاد. فالضحايا لهم قصتهم مع أحداث الاختطاف والاعتقالات التي تلت الأحداث، وللأمن روايته حول مظاهر التخريب والعنف اللذين لجأ إليهما متظاهرون من أجل التعبير عن احتجاجهم على الزيادة في أسعار المواد الأساسية، وللدولة رؤيتها الخاصة، أيضا، لشهداء «كوميرا» الذين انتفضوا ضد الخبز. قبل عشرين يونيو 1981، كانت الأجواء قد توترت بما ينذر باحتقان اجتماعي كبير، وكانت الحركات الاحتجاجية تتنامى ضد قرار الحكومة الزيادة في الأسعار، سيما في المواد الأساسية واسعة الاستهلاك. انتبهت الدولة إلى أجواء الاحتقان فتراجعت عن بعض الزيادات غير أن الأمر لم يكن كافيا، فبدأت الاضطرابات داخل مجموعة من القطاعات بشكل متتال. سبقت الدعوة إلى الإضراب العام الإنذاري للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، دعوة مركزية نقابية أخرى، وهي الاتحاد المغربي للشغل، إلى إضراب على مستوى مدينة الدار البيضاء، كان قرار الإضراب على سبيل المزايدة النقابية غير أنه وفر أجواء الإضراب العام الذي ستدعو إليه نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان لها صادر بتاريخ سابع يونيو 1981، أشعل فتيل المواجهة، وجاء في مقدمة البيان «ينتهي اليوم الأجل الذي حددته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل للحكومة قصد التراجع عن الزيادة الأخيرة في أسعار المواد الأساسية، من سكر وزيت وخبز ودقيق وحليب وغيره»، هذه الزيادات أقرتها الحكومة في 28 ماي 1981.إحسان الحافظي

شبح أحداث 1981 يطارد حكومة بنكيران

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المحروقات... الحل السهل لمواجهة الأزمة

محاربة الفساد...شعار موقوف التنفيذ

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات