فرنسا تضع حدا للساركوزية في يوم تاريخي

الجالية المغاربية والإفريقية تنفست الصعداء بعد التعاطي الإنساني لليسار مع أسئلة الهجرة بفوز فرانسوا هولاند في الرئاسيات الفرنسية تكون فرنسا طوت صفحة ما ظل يعرف لسنوات «بالساركوزية» مدشنة عهدا جديدا، مع رجل جديد، وبمنهجية عمل جديدة و تعاط آخر مع الأسئلة التي تنتظر فرنسا خلال خمس سنوات المقبلة.قدر جميل هذا الذي حمل شخصية سياسية اشتراكية إلى الإليزيه بعد أن كان يبدو للعديد من المتتبعين أنه مستحيل أن يحقق فرانسوا هولاند ما حققه مساء أول أمس (الأحد)، ليعيد للاشتراكيين واليسار الفرنسي عامة الثقة بالنفس وينجح في أن يقدم نموذجا، ليس بالنسبة إلى رفاقه في الحزب فقط، وإنما في الحياة السياسية الفرنسية برمتها، بأن كل شيء يبدأ من الإرادة الذاتية.انطلق صغيرا، ولربما وحيدا يوما ما، بحثا عن الطريق الذي يؤدي إلى الإليزي، ووصل كبيرا. أصبح سيد الإليزيه في سادس ماي 2012. سيقود بلدا كبيرا من حجم فرنسا، وبدون شك بمنطق آخر افتقده حكام هذا البلد في السنوات الأخيرة بفعل ضغوط اليمين المتطرف ومسايرة اليمين التقليدي لطروحاته، بل وظهور ما يعرف بتيار اليمين الشعبي ضمن صفوفه يلبس رداء الأغلبية اليمينية ويفكر بمنطق اليمين المتطرف.ابن منطقة «نورموندي» التي يشهد لسكانها بهدوئهما وحسن تعاملهما مع الآخرين، عرف كيف يتحدث لغة اليسار التقليدية والتي اعتقد محللون أنها لم تعد تؤدي معناها أمام تصاعد نجم المتعصبين في الدول الأوربية عموما. لغة توحيد صفوف الفرنسيين باختلاف مشاربهم الثقافية والذهاب معا نحو آفاق أخرى من أجل النجاحات والازدهار.هذا السياسي الإطار والذي تحمل الأمانة العامة سابقا في الحزب الاشتراكي، لم يكن حتى أقرب مقربيه من حزب الوردة، في فترة من الفترات، يثقون في إمكانياته أو أنه سيتمكن فعلا من إقناع الفرنسيين يوما في أنه قادر على أن يقود فرنسا لولاية رئاسية، بل الأصعب من ذلك إزاحة شخصية سياسية كبيرة من على كرسي الإليزيه كساركوزي.أول نجاح لسيد الإليزيه الجديد كان هو أنه عرف كيف يوحد من حوله صقور الحزب الاشتراكي، بل صفوف اليسار باستثناء الصف الرايكالي منه. وتوحيده لهذا الصف السياسي ساعده كثيرا في أن يمر إلى المهم في حملة انتخابية في انتخابات رئاسية، وهي إقناع الفرنسيين ببرنامجه ومواجهة منافسيه الفكرة بالفكرة، وفي بعض الأحيان الكلمة بالكلمة.طوسة: الجالية العربية تنفست الصعداءالجالية العربية انتظرت كثيرا هذا الفوز لما لسياسة اليسار من نفحة إنسانية عند تعاطيه مع سؤال الهجرة، ويقول الإعلامي والمحلل السياسي المغربي مصطفى طوسة بهذا الشأن، «هناك حقيقة لايرقى إليها أي شك هي أن الجاليات العربية المسلمة في فرنسا تنفست الصعداء مع فوز فرانسوا هولاند و ذلك لسبب بسيط ان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وفي حملته المحمومة في عملية استقطاب أصوات اليمين المتطرف وسحب البساط الإديولوجي والسياسي من تحت أقدام مارين لوبن، حول هذه الجالية إلى كبش الفداء وحملها عبء و مسؤولية الأزمة الخانقة التي تضرب كيان المجتمع الفرنسي».ويتابع رئيس تحرير إذاعة مو نتكارلو الدولية في السياق نفسه، «خطاب ساركوزي حول العربي بصفة عامة والمسلم بصفة خاصة إلى حبل يعلق عليه كل التناقضات التي يتخبط فيها الفرنسيون. وبعكس ذلك أبرز فرانسوا هولاند خلال حملته الانتخابية وجه الرجل الذي يضع على رأس أولوياته استراتيجية التعايش السلمي والهادئ بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي الشيء الذي خلق نوعا من الطمأنينة في أوساط الفرنسيين من أصل عربي أو مسلم».الدبلوماسية الفرنسية في عهد هولاندإن كان سيحصل تغيير في السياسة الدولية لباريس بعد وصول اليسار إلى الحكم، يقول طوسة، «في حقيقة الأمر لا أحد يتوقع تغييرا جذريا في السياسة الخارجية الفرنسية باستثناء تغيير في الأسلوب وطريقة التعاطي مع الملفات والأزمات الدولية».ويزيد مواصلا في الاتجاه نفسه «على سبيل المثال هولاند يريد انسحابا فوريا من أفغانستان، وسيعلن ذلك في قمة شيكاغو الأطلسية المقبلة، فهو لا يحبذ اللجوء الى الخيار العسكري ضد إيران ويفضل منطق العقوبات. ولا يريد تدخلا عسكريا ضد سوريا إلا تحت مظلة الأمم المتحدة».كما أنه «مستعد لرفع الفيتو الفرنسي على انضمام تركيا الى الاتحاد الأوربي. في مقترحاته الستين تعهد بالعمل على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. أما بخصوص دول المغرب العربي لا أحد يتوقع منعطفا حادا في سياسة فرنسا تجاه هذه المنطقة، لأن الرئيس الفرنسي الجديد حريص على إقامة أجود العلاقات مع المغرب و باقي دول المنطقة»، يوضح طوسة.حصحاص: هزيمة منتظرة لساركوزييرى صحافي فرانس 24 هشام حصحاص أن «هزيمة ساركوزي كانت متوقعة، لأن الفرنسيين ضاقوا ذرعا من سياسة ساركوزي في كل المجالات خلال خمس سنوات. ففي الاقتصاد حدث ولا حرج. البطالة تفشت بشكل مهول والأحياء والضواحي تعرف بطالة تصل إلى 60 في المئة أحيانا في أوساط الشباب، إضافة إلى الإقصاء والتهميش والتمييز ضدهم رغم حصول هؤلاء الشباب من أصول عربية وإفريقية على شهادات جامعية».أما سياسيا واجتماعيا، يضيف هذا الإعلامي،»فساركوزي تبنى مجموعة من الأفكار التي كانت تعتبر خطا أحمر من خلال هجومه على الإسلام وقضايا الهجرة والأمن. مثل هذه المواضيع كانت وقود حملته الانتخابية لأن الرجل خلال 5 سنوات لم يحقق أي إنجازات تذكر، وبالتالي كان عليه أن يجد كبش فداء لخداع الناخبين».«لكن هؤلاء لم يقعوا في الفخ، وكانت هزيمته بمثابة عقاب له ولسياساته التي قسمت فرنسا إلى مواطنين صالحين وغير صالحين.أما هولاند فمنذ البداية حمل ساركوزي وحذره من اللعبة الخطيرة التي كان يلعبها من أجل استمالة أصوات الناخبين، وخاطب الشعب الفرنسي بكل أطيافه السياسية والعرقية،و قال بأن فرنسا لكل الفرنسيين بغض النظر عن أصلهم وعرقهم، وأكد ضرورة محاربة التمييز والعنصرية، وإن حكومته ستولي أولوية كبيرة للضواحي وللشباب»، يقول حصحاص.ويؤكد الصحافي المغربي «أن هولاند ليس لديه عصا سحرية، ولن يحل كل المشاكل، ولكن على الأقل الرجل مختلف عن ساركوزي ولم يعرف عنه عداءه لا للعرب ولا للإسلام كدين أو ثقافة». بوعلام غبشي (باريس)

فرنسا تضع حدا للساركوزية في يوم تاريخي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صحافية.. سيدة الإيليزي الجديدة

"ريسما" تعين يان كايير رئيسا جديدا لمجلس المراقبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات