حملة انتخابية بدون مضمون لرئاسيات فرنسا

الصحافة العالمية تنتقد ركاكة المناقشات السياسية بين المرشحين وتغييب القضايا الأساسية في الحملة نشرت صحيفة «ليبراسيون» في عددها الصادر في10 أبريل الجاري تقريراً أعدّته كورديليا بونال ولور إكوي يوضح صورة المعركة الانتخابية الجارية حالياً في فرنسا، كما تعكسها الصحافة الأجنبية، وبخاصة في بريطانيا وألمانيا واليابان والأرجنتين. فمراسلو الصحف الأجنبية ينتقدون ركاكة المناقشات السياسية بين المرشحين، ويتساءلون عن طبيعة هذه المعركة الانتخابية الرئاسية. معركة انتخابية «عجيبة غريبة»، «سطحية وغير مثيرة»، «غامضة»، «تمرّ بجانب الموضوعات ولا تمسّها»، «حملة انتخابية استعراضية».. بعبارات كهذه يصف معظم مراسلي الصحافة الأجنبية المقيمين في باريس حملات المرشحين للرئاسة الفرنسية، ويصبون نقدهم اللاذع على ركاكة المساجلات والمناقشات في ما بينهم. فالصحافي والكاتب الإيطالي المعروف، ألبرتو توسكانو، المقيم في فرنسا منذ 25 سنة، يأسف «لضحالة النقاش وهزال هذه المعركة الانتخابية التي تبدو سوريالية» و»حافلة بالهزل والوعود الافتراضية العجيبة الغريبة». ويُضيف الأديب والصحافي الإيطالي قائلاً: «إن المشهد الاستعراضي يطغى على كل ما عداه في هذه المعركة الانتخابية»، و»القارئ الإيطالي يتفرَّج على هذا الفاصل المسرحي!!».يقول مراسل صحيفة «ذا تايمز» اللندنية، إن ما يجري أمامنا هو «حملة انتخابية من دون مضمون، أو بالأحرى مترعة بالمضامين المتغيرة باستمرار؛ فالمرشحون، كما يراهم المراقبون من الخارج، يتحاشون طرح الموضوعات المهمة كالاقتصاد وأجور العمل، وأوربا». آخرون يطرحون قضايا مثل تقليص العجز العام، وسياسة فرنسا الخارجية، والاضطرابات في ضواحي المدن الفرنسية.. في حين أنهم يرون أن قضايا أخرى مثل الهجرة والطائفية قد أُشبِعت بحثاً.. فأنجليك كريسافايس، مراسلة صحيفة «ذا غارديان» (صحيفة يسار الوسط) من باريس، منذ العام 2006، تقول: «إن الجدال في قضية اللحم الحلال، وانخراط ساركوزي، بعد مارين لوبين ، في هذا الجدال، كان بمثابة صدمة للبريطانيين المعتادين على التعامل مع مثل هذه القضية من منطلَق التعدد الثقافي». كما يعجب لارتفاع حدة نبرة المرشحين في موضوع الهجرة، كلٌّ من إتسويوشي نومورا مراسل صحيفة «طوكيو شِمبون» وماريا لورا أفينيولو ، مراسلة الصحيفة الأرجنتينية «كلارن التي تُعِدُّ دراسة مسهبة عن تصويت العمال في فرنسا لمارين لوبين.ولئن أثار مشهدُ السجال بين المتنافسَين النهائيين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2007 ، وكلاهما كانا جديدَيْن على الرئاسة، ويتمتعان بـ»كاريزما» معيّنة، اهتمامَ الإعلام يومئذ، فإن مشهد السجال في انتخابات العام 2012 يبدو للإعلام أقل تشويقاً وإثارة للاهتمام. فالمرشحان الأوفر حظاً، بحسب المراكز الإحصائية، ليكونا المتنافسَيْن النهائيين هذا العام يسعى كلٌّ منهما إلى»تبديل شخصيته: فساركوزي يريد أن يجعل من نفسه ساركوزي آخر، غير ساركوزي المعروف بعدوانيته، وهولاند يسعى إلى أن يكون غير ذلك الشخص المضحك»، على حدّ ما كتبت ماريا لورا أفينيولو.ويقول برناردو فالّي من صحيفة «ريبوبليكا» الإيطالية: «في البداية، كان ساركوزي يُدهش الناس بحيويته، وكانوا يُعجَبون بحركيته النشِطة.. لكن هذه الصورة بهُتت». أما ألبرتو توسكانو فيقول: «لقد خيَّب ساركوزي أمل الإيطاليين بعدما أدهشهم. فالصورة التي بدا فيها مع أنجيلا ميركل يضحكان ويسخران من إيطاليا برلسكوني، كانت بمثابة مشهد مُذِلٍّ للإيطاليين». وعلى العكس من ذلك، فإن اليابانيين لا يعرفون ساركوزي إلا من خلال لقاءاته المتكررة مع ميركل، على حدّ قول مراسل صحيفة «طوكيو شمبون» اليابانية، إتسيوشي نومورا: «منذ نشوب الأزمة المستحكمة باليونان، بدأ ظهور ساركوزي المتواتر إلى جانب المستشارة الألمانية يجعله معروفاً لدى اليابانيين على أنه من الزعماء الأوربيين». ويستغرب إتسيوشي نومورا أشدّ الاستغراب «صعود ساركوزي في الإحصاءات الاستقصائية الصادرة عن مراكز استقصاءات الرأي العام، مع أن خلاصة حكمه خلال ولايته كانت سلبية». وتفسّر ذلك مراسلة صحيفة «ذا غارديان»، أنجلينا كريسافايس، بقولها إن ساركوزي «يبقى وحشاً سياسياً قادراً على الاستقطاب في جميع الأحوال، في السراء والضرّاء».أما فرنسوا هولاند، الذي يُنظَر إليه على أنه «رجل مؤسسة ودولة»، وإن يعوزه بعض الكاريزما، يبقى غير معروف بما فيه الكفاية على الصعيد الدولي، وإن كان، كما يُقال، منفتحاً على الصحافة الأجنبية، وذلك ما يفسّر كثرة طلب رؤساء تحرير الصحف إلى الصحافيين أن يرسموا الصورة الحقيقية لكل من المرشحين المحتمل فوزهم بالانتخابات الرئاسية... ونزع القشرة الخارجية التي تموّه الوجه الحقيقي لزوج سيغولين رويّال التي نافست ساركوزي في الدورة الأخيرة من انتخابات العام 2007 الرئاسية، فستيفان سيمونز، مراسل الموقع الإعلامي لصحيفة «دير شبيغل» الألمانية على الإنترنت، «شبيغل أولاين يقول «إن ثمة تفاهماً تاماً بين الزوجين المطلّقين اللذين نافسا ساركوزي على الرئاسة، فهُما «يتقاسمان العمل: سيغولين لإثارة عواطف الناخبين، وفرنسوا للبرنامج الانتخابي والموقف الرئاسي».لكن المرشح الذي تحار الصحافة الأجنبية في أمره هو مرشح «جبهة اليسار» جان لوك ميلـنـشــون، لا لأنه احتلّ بسهولة الموقع الثالث بين المرشحين لرئاسة الجمهورية الفرنسية، فحسب، بل لأنه أيضاً يتمتع بمزايا وصفات «الفرنسي الثوري». عندما أفردت له صحيفة «ذا غارديان» ملفاً سيرته ومساره السياسي، كان هذا الملف أحد الموضوعات التي استأثرت بأعلى نسبة من القرّاء على الصعيد العالمي، ورفع من شأن «البلوغ» الذي خصصته المجلة للانتخابات الفرنسية، لكنه في رأي مراسل موقع «شبيغل أولاين» الذي غطّى وقائع المهرجان الانتخابي في مدينة ليل الفرنسية في27 مارس الماضي، تأييداً لميلنشون، هو «خطيب أحمر» تجاوز مثاله الأعلى، أوسكار لافونتين زعيم حزب «داي لنك» (أي اليسار بألمانيا، وهو الرئيس السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي. يراه البعض زعيماً شعبوياً يتلاعب بعواطف الناخبين، بينما يراه آخرون ناطقاً باسم حركة يسارية ألمانية جديدة، الذي يبدو بالمقارنة مع ميلنشون اشتراكياً ديمقراطياً شديد التهذيب». ترجمة: حسين جواد قبيسي, عن مؤسسة الفكر العربي

حملة انتخابية بدون مضمون لرئاسيات فرنسا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شيراك يعلن نيته التصويت لفائدة هولاند

طلال سلامة ضيف "يالا نغني"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات