بن عاشور: تونس في حاجة إلى هيأة من قبيل “الإنصاف والمصالحة”

رئيس الهيأة العليا لأهداف الثورة في تونس شدد على مبدأ العفو من أجل تحقيق الوحدة غداة الثورة التونسية، قبل عياض بن عاشور تحمل مهمة ثقيلة، تتمثل في وضع هيكل قانوني لانتقال ديمقراطي من خلال ترؤس لجنة الإصلاحات السياسية، التي تم دمجها لاحقا مع هيأة الدفاع عن الثورة، فولدت الهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة. منذئذ، ورئيس الهيأة يسهر بحزم واستقامة، ودون الخروج عن قناعاته على السير الجيد للمرحلة الانتقالية، لكي تخرج الديمقراطية رابحة من انتخابات المجلس التأسيسي، أول استحقاق انتخابي شفاف وتعددي في تاريخ البلاد. اقترحت الهيأة العليا المستقلة للانتخابات تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي إلى غاية 16 أكتوبر المقبل، بينما ترغب الحكومة في إجرائه في موعده المقرر سلفا 24 يوليوز المقبل. ما هو موقفكم؟أريد أن أوضح أن الحكومة فقط أوصت الهيأة العليا المستقلة للانتخابات بالتمسك بتاريخ 24 يوليوز. أساند موقف الهيأة التي اخترناها، والتي نثق فيها. إنها تضم شخصيات موثوق فيها، وتتوفر على المعطيات الميدانية الضرورية، وبالتالي يجب الأخذ بعين الاعتبار الخلاصات التي تتوصل إليها. يجب التذكير بأن تاريخ 24 يوليوز تم تحديده سابقا موعدا للانتخابات الرئاسية، وتنظيمها أسهل من تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي. يجب تحسيس الرأي العام بأهمية هذه الخطوة، وأعتقد أن الشعب الذي انتظر 23 سنة لن يمانع في الانتظار بضعة أسابيع أخرى، أو حتى أشهرا. لا يجب التفكير في أن هذا التأجيل هو من أجل مصالح سياسية. بالنظر إلى تنوع مكوناتها (أحزاب، مجتمع مدني، ومستقلون)، هل يمكن اعتبار الهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة الفضاء الأول للتعبير الديمقراطي لما بعد 14 يناير؟نعم، بالفعل، رغم أنها، مبدئيا، لم تكن سوى هيأة تقنية مكونة من قانونيين. رغم الانتقادات، لكنها تظل أول تجربة ديمقراطية حقيقية في تاريخ تونس المستقلة.هل كانت بدايات الهيأة صعبة؟في 17 مارس، كان الاجتماع الأول للهيأة صعبا، إذ كنا نواجه سيلا من الانتقادات. عارضت الأحزاب تمثيلية التجمع ورفضت مقترح القانون الانتخابي الذي توصلت به، مما دفعنا إلى إعادة النظر في تركيبة مجلس الهيأة العليا، من خلال تدعيم تمثيلية الأحزاب والجهات والشباب. ونجحنا في بدء العمل حول القانون الانتخابي الذي حضره القانونيون. كل مراسيم القوانين كانت ثمرة مشاورات أدلى كل واحد فيها بدلوه. يوم 11 أبريل الماضي، تمكنا من تبني نص القانون الانتخابي من خلال أربعة تصويتات متفرقة. كان نجاحا معجزا بالنظر إلى الصعوبات التي واجهتنا في البداية.ما هي أولويات الهيأة العليا؟كانت الأولويات، لغاية الآن، تحضير القانون الانتخابي، ومجموع النصوص المرتبطة بالانتخابات، من بينها مرسوم قانون متعلق بالهيأة العليا المستقلة للانتخابات، وآخر حول القانون الانتخابي، وأيضا، المراسيم الخمسة التطبيقية للقانون الانتخابي، أحدها يحدد الدوائر الانتخابية. بعد ذلك، انتقلنا إلى المرحلة العملية، فكان انتخاب الهيأة العليا المستقلة للانتخابات، في 18 مارس، وهي التي سيعهد إليها تنظيم ومراقبة والإشراف على الاستحقاق الانتخابي. نعمل حاليا على اتفاق جمهوري يحدد مبادئ وقواعد المنافسة الديمقراطية. إنه التزام حول احترام مبادئ الديمقراطية التشاركية: التكافؤ بين الرجال والنساء، المنع التام للعنف بجميع أنواعه (المساومة، الضغط...). هذه الوثيقة هامة جدا. هناك أحزاب متطرفة تعادي حتى الديمقراطية. هذه الأحزاب يجب حظرها. ماهي الصعوبات التي واجهتكم من أجل سن هذا القانون الانتخابي؟إن هذا القانون هو أول قانون ديمقراطي في تونس، ويتعلق بأمر هام: انتخاب المجلس الوطني التأسيسي المكلف بإنجاز دستور الجمهورية الثانية. القانون الانتخابي، في نسخته الأولى، تم تحضيره من قبل القانونيين. وأطلقت نقاشات حول طريقة الانتخاب، والمساواة والقانون 15، المتعلق بعدم أهلية أعضاء النظام السابق، والذي اختلف الرأي العام بشأنه ورفضته الحكومة. وفي الوقت الذي كان فيه توافق حول مبدأ المساواة، كان يجب تحديد ما إذا كان سيكون قاعدة إجبارية أو اختيارية، وقررنا ان تكون إجبارية، ليشكل الأمر سابقة في العالم. ما هي المشاكل المرتبطة بالمادة 15؟كانت تنص هذه المادة على عدم الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي لكل من مارس مهام مسؤولية في التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم في النظام السابق. أزعجت هذه المادة الحكومة، وشرحت للوزير الأول ولوزراء آخرين بأنها خطوة رمزية تهدف إلى جعل هذا الحزب يتحمل مسؤولياته التاريخية. المادة 15 لا تستهدف المناضلين، بل إدارة الحزب. بالنسبة إلى الرأي العالم، فإن الحكومة أعطت الانطباع بأنها تدافع عن حقوق النظام السابق. تمكنا أخيرا من التوصل إلى حل لهذه المسالة، وتم سن القانون الانتخابي.ما هو موقفكم الشخصي من الإقصاء؟المصالحة الوطنية تشكل جزءا من أهدافنا. كثير من مناضلي التجمع الدستوري الديمقراطي، تعرضوا للتهديد والتضليل. الصفح هو سر الوحدة. لكن، يجب محاكمة بعض المسؤولين، خصوصا المتورطين في ارتكاب جرائم. يجب أيضا فتح ملف المسؤولين عن التعذيب، بشكل مستقل عن ملف المسؤولين السابقين في التجمع الدستوري الديمقراطي. ليس فقط على المستوى الجنائي، بل يجب أن يتحدثوا عن هذه الجرائم ويطلبوا العفو أمام هيآت من قبيل هيأة «الإنصاف والمصالحة» في المغرب. يجب الاستماع إلى الضحايا وعائلاتهم، وإجبار المجرمين على تحمل مسؤولياتهم، على الأقل في ما يتعلق بالاعتراف بجرائمهم. يجب أيضا تغيير الممارسات البوليسية، وإفهام قوات الأمن بأن الأمور تغيرت، وأنه ليس بإمكانها استعمال الأساليب نفسها، مثل التحرش وتحريف الأقوال وغيرها.كيف عشتم 14 يناير الماضي؟ شكل هذا التاريخ أهمية خاصة بالنسبة إلي، لسببين، إذ كان يوم زواج ابنتي، وتحول الاحتفال العائلي إلى احتفال وطني انتهى بترديد النشيد الوطني. كانت لحظة خاصة.كيف تقيمون السنوات 23 لحكم بن علي؟بشكل موضوعي، كانت هناك بعض الإصلاحات الإيجابية، مثل تلك المتعلقة بقانون الأسرة، لكن قلة ذكائه جعلت السلبية تطغى على كل المنجزات. وهذا ما يظل راسخا في الذاكرة الجماعية.هل تجب محاكمة بن علي؟نعم، يجب أن يتحمل مسؤولية أفعاله. على الحكومة استعمال جميع الوسائل الديبلوماسية وعلاقات الصداقة مع المملكة العربية السعودية من أجل تسلم بن علي، مع ضمان عدالة حقيقية، دون وحشية، لكي يحاكم هذا الرجل، المسؤول عن المشاكل التي يعرفها مجتمعنا، في تونس. أي نوع من الأنظمة على الدستور أن يعتمد؟ برلمانية أو رئاسية؟ وكيف يمكن تجنب مزالق عدم الاستقرار (في الحالة الأولى) وتشخيص السلطة (في الحالة الثانية)؟النظامان متساويان. الأفضل بالنسبة إلى تونس هو نظام مختلط، يجمع بين إيجابيات النظامين، ويضمن استقرار البلد وتوازن السلطات. كيف ترون تونس خلال سنتين؟بلد استطاع أن يحقق الانتقال نحو الديمقراطية.عن مجلة «جون أفريك»صفاء النوينو

بن عاشور: تونس في حاجة إلى هيأة من قبيل “الإنصاف والمصالحة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صالح يعالج بالرياض واحتفالات بصنعاء

مهرجان القصة القصيرة يحتفي بمبارك ربيع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات