خلفيات انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي

مصادر برلمانية اعتبرت أن القرار مفاجئ ومتتبعون يرون أنه يحمل مناطق ظل متعددة فوجئ المغاربة، كالعادة، بقرار التفاوض حول إجرءات انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي كما أعلن ذلك، أول أمس (الثلاثاء) بالرياض، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، فيما رحب بيان لوزارة الخارجية المغربية بالمبادرة معلنا في الإطار ذاته «تشبث المملكة المغربية الطبيعي والثابت بالطموح المغاربي وبناء اتحاد المغرب العربي». بيان وزارة الخارجية يحمل حسب متتبعين الكثير من اللبس، فهو من جهة لم يحدد طبيعة الانضمام ودواعيه في هذا الوقت بالذات، كما يتحدث عن التزام المغرب بالاستمرار في اتحاد المغرب العربي، وهو ما تفسره مصادر دبلوماسية بأن قرار الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بوابة لانفراج ممكن في المغرب العربي، إلا أنها لم تستبعد أن يكون تفضيل الخليجيين للمغرب على الجزائر راجع إلى وجود شكوك حول صلة الأخيرة بإيران، عكس المغرب الذي قطع علاقاته مع نظام أحمدي نجاد وحارب المد الشيعي بتنسيق مع السعودية، التي تخوض حربا استخباراتية وإعلامية ضد إيران منذ مدة، كما لم تستبعد المصادر ذاتها، رعاية أمريكا لهذا الحلف العسكري الخليجي المنفتح على المغرب.واعتبرت مصادر برلمانية أنها فوجئت بهذه الخطوة، في وقت كان فيه من اللازم أن تتولى وزارة الخارجية إصدار بيان قبلي، على الأقل، تشرح فيه حيثيات الاتصالات الجارية منذ مدة، بين المغرب ودول الخليج بشأن «عضويته» بمجلس التعاون الخليجي، مع فتح استشارات واسعة حول دواعي ورهانات انضمام المغرب إلى تجمع إقليمي، قد يبدو غريبا في نظر البعض، طالما أنه لا يقوم على أي أساس جغرافي أو تاريخي مشترك.وفي الوقت الذي يعتبر فيه محللون، أن دعوة أنظمة الخليج المغرب إلى الالتحاق بها في حمأة الحراك الذي يعرفه الشارع العربي، هدفه أمني بالأساس لحماية لأنظمة الملكية بالمنطقة، وأنه بوابة لخارطة طريق جديدة، ترعاها أمريكا، لإعادة النظر في التجمعات الإقليمية بالمنطقة، اعتبر آخرون أن المغرب غير معني ب «درع الخليج» العسكرية، وأن البعد الجغرافي يجعل انضمام المغرب إلى هذه القوة العسكرية أمرا صعبا، كما أن تأسيس سوق خليجية مشتركة وعملة موحدة، لا يعني المغرب في شيء، وبالتالي فالاستفادة الممكنة للمغرب من دول الخليج لا تتعدى سقف الحصول على البترول بثمن امتيازي، إضافة إلى الاستثمارات الخليجية في المغرب التي أنقذته سابقا، حسب محللين اقتصاديين، من شبح تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاده الذي يعول أكثر على عائدات السياحة.المصادر ذاتها تعتبر أن الخيار الاستراتيجي للمغرب الذي ربما يقف وراء «التحاقه» بمجلس التعاون الخليجي، قد تكون له تبعات سلبية على أي انفراج ممكن في العلاقات المغربية الجزائرية ، في وقت ينتظر فيه الجميع أن يتحقق حلم إعادة فتح الحدود بين البلدين في وقت قريب، كما أن تركيز بيان مجلس التعاون الخليجي على مبدأ التشابه في الأنظمة بين دول الخليج والمغرب والأردن، يجعل هذا القرار المفاجئ، حسب متتبعين، يأخذ مسارا غير طبيعي منذ بدايته، لأن أسسه ودواعيه ظرفية وأمنية بالأساس، وقد تكون عائقا أمام نجاح فرضية أي «تكامل ممكن» بين المغرب وأنظمة الخليج. القرار الدبلوماسي في المغرب كان دائما موضع نقاش حول طبيعته ومرتكزاته التي ينبغي أن تكون «شعبية»، حسب تعبير المصادر ذاتها، و هو ما يجري به العمل في دول ديمقراطية أخرى، كانت وما تزال تستفتي شعوبها في قرارات خارجية مصيرية، من قبيل الانضمام إلى عملة موحدة أو سوق مشترك كما حدث ذلك في دول أوربا الشمالية لما رفضت الدنمارك وبريطانيا... الانضمام إلى العملة الموحدة داخل الاتحاد الأوربي. وزارة الخارجية في المغرب تتحرك داخل جزيرة معزولة سواء في الحكومة أو البرلمان الذي لا يلجأ إليه إلا من أجل الحصول على غطاء «بروبغندا الإجماع» الموجه للاستهلاك الخارجي، وهو ما قد لا يستقيم والفترة الحرجة التي تمر منها البلاد، خاصة أن القرار الدبلوماسي له تبعات داخلية أكيدة، اقتصادية كانت أم سياسية، وفي حالة من هذا النوع، نجد أن وزارة الخارجية اتخذت قرارين هامين ومصيريين دون الرجوع إلى الداخل، انطلقا أولا برحلة قادت الطيب الفاسي إلى عواصم دول غربية من أجل التعريف بالمسار «الإصلاحي» للخطاب الملكي ل9 مارس، وثانيا توج بانخراط المغرب «المفاجئ» في حلف باريس المناهض لنظام معمر القذافي وثالثا بالعضوية في مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يعني أن «الحراك» الدبلوماسي لا يساير حراك الشارع المغربي. رشيد باحة

خلفيات انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إلغاء الامتحانات التجريبية في الثانويات والوطنية "قاب قوسين"

أحزاب ترفع شعار "ديكاج" في وجه رجال السلطة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات