دراسة: قضاء الأسرة والاختصاص الاستعجالي

يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها ينص الفصل الثاني من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي بعد تغييره وتتميمه بمقتضـــى ظهير 1.04.24 على ما يلـــي:«تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة». هذه المادة قد حددت بصفة حصرية اختصاص أقسام قضاء الأسرة، والمشـرع عندمــا استعمل كلمة «أقسام قضاء الأسرة» فهو اعتبر هذه الجهة القضائية قسما مستقلا بكـــل ما تعني كلمة الاستقلال ويسعى هذا التوجه، دون شك، في أفق إحداث محاكم مستقلة تختص في النظر في القضايا المحددة في الفصل الثاني المذكور على غرار إنشاء المحاكم المختصة الإدارية منها والتجارية.وقد وجد هذا الاختيار سنده في الخطاب الملكي ليوم 10 أكتوبر 2003 الذي تضمـن عبارة «قررت إنشاء قضاء الأسرة بصفة مستقلة» وكان ذلك بمناسبة إقرار مدونة الأسرة. وينص أيضا الفصل الثاني المنظم للمحاكم الابتدائية على ما يلي:«يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمـــة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة».فبمقتضى هذا النص فان اختصاص البحث والحكم في القضايا المتعلقة بما هـو محدد في الفقرة التي سبقتها يبقى لأقسام قضاء الأسرة دون سواها، وبذلك كرســت هذه الفقرة استقلالية اختصاص قضاء الأسرة عن باقي اختصاص المحاكم الابتدائيـة.وبما أن اختصاص قضاء الأسرة جاء محددا، فهل هذا الاختصاص يشمل أيضا الأمور الفرعية التي يقتضي البت فيها بصفة مستعجلة؟ على اعتبار أن النزاع معروض على الجهة نفسها، كما هو الشأن مثلا في تقديم طلب استعجالي يرمي إلى تحديد الجهة التي لها الحق في الاحتفاظ بالمحضون إلى حين البت في موضوع النزاع المتعلق بمن له الحق في حضانته، أو تقديم طلب استعجالي يرمي إلى الأمر بمنع نقل المحضون أو السفر به إلى حين البت في النزاع، وغيرها من الأمور التي ينبغـي البـت فيها على وجه الاستعجال، والتي يعود الاختصاص فيها عادة إلى قاضي الأمور المستعجلة، أي لرئيس المحكمة أو من ينوب عنه فيها، ويكون لها ارتباط وثيق بموضوع النزاع المعروض على قضاء الأسرة.فالتساؤل المطروح هو هل ينبغي تقديم هذه الطلبات أمام قاضي المستعجلات بصفة عامة ؟ أو انه ينبغي تقديمها أمام رئيس قضاء الأسرة ؟ أي الجهة المعروض عليها النزاع بصفته قاضيا للأمور المستعجلة ينوب عن رئيس المحكمة فيها. أعتقد أن الجواب على هذا التساؤل قد حسم فيه القانون نفسه الذي منع علـى أقسام المحاكم الابتدائية البحث أو النظر في الأمور التي يرجع فيها الاختصاص إلى قضاء الأسرة، فان منع البحث أو البت فيها يشمل أيضا كل القضايا الفرعية التي ينبغــي البت فيها على وجه الاستعجال بأوامر استعجالية إلى حين البت في موضوع النزاع.وقد سار قضاء الأسرة بمحكمة الرباط منذ إنشاء قضاء الأسرة في هذا الاتجاه، وكان سنده في ذلك النصوص القانونية المذكورة، وكان رائدا في هذا الموضوع، فقد تفاعل تفاعلا ايجابيا مع نية المشرع في إحداث قضاء متخصص في أفق إنشاء محاكم الأسرة مستقبلا، وكان حريا بان تحذو جميع أقسام الأسرة في باقي محاكم المملكة حذوه وتسير في نفس الاتجاه الذي يعطي لقضاء الأسرة المكانة التي أريد له أن يكون فيها ويكرس بذلك استقلاليته في أفق إنشاء محكمة متخصصة، ويعمل أيضا على تسهيل وتقريب القضاء من المتقاضين، لأن البحث والبت في ما يختص به قضاء الأسرة يقتضي النظر في كل الأمور الفرعية، بما فيها الإجراءات التحفظية التي يمكن أن تقدم لرئيس المحكمة في إطار الأوامر المختلفة، وكذا كل ما يتعلق بتنفيذ الأحكام الصادرة في الموضوع حتى لا يكون المتقاضي مضطرا إلى الانتقال بين مركز قضاء الأسرة والمحكمة الابتدائية الأصل التي تبعد عنها أحيانا بمسافة طويلة كما هو الشأن في مدينة الرباط، وبذلك يقوم قضاء الأسرة بدوره بفعالية واستقلالية كاملة تأمين تكريسا للغرض الذي احدث من أجلـــه. عبد الرحيم بن بركة: النقيب السابق لهيأة المحامين بالرباط

دراسة: قضاء الأسرة والاختصاص الاستعجالي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قضية كوشام تفجر تناقضات جديدة أمام الجامعة

طلبة بطنجة يتظاهرون للمطالبة بإيقاف قاتل زميلهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات