المعتصم : البديل الحضاري أكبر متضرر في الملف

قال إن المطلوب هو التعرف على مخططي أحداث 16 ماي تابعنا معكم لفترة، ملف حزب الأمة، إذ رفضت مصالح الداخلية منحكم الترخيص لتأسيسه، ولكن الغريب في الأمر أن الذي رفض منحكم الترخيص بممارسة العمل السياسي، في إطار حزب قانوني، سرعان ما أعطى الترخيص لحزب جديد، كيف كان انطباعكم تجاه هذه المفارقة؟ كنت أتمنى أن أكون في صحة جيدة لأحيطكم بشكل كامل بهذه القضية التي تعتبر القضية الجوهرية في هذا الملف. القصة بدأت حينما رغبنا في تأسيس حزب سياسي حقيقي. في اعتقادي، هناك أحزاب فقرية وأخرى رخوية. من جهتنا، قررنا أن نكون حزبا فقريا عصيا عن التطويع، والاستماع والإذعان لتعليمات وزارة الداخلية، وتوجيهاتها، وكنا حريصين أن نكون حزبا حقيقيا، وهذا يحيلنا إلى نقاش خضناه في حزب الأمة قبل تأسيسه، ما هو الأصل، الأصل هو المجتمع، والدولة ليست سوى إجراء لاحقا، لتنظيم إطار سياسي. كان المجتمع أولا، ثم الدولة كإجراء سياسي تنظيمي اجتماعي، مكلفة بتنظيم هذا الاجتماع. الحزب الذي لا يكون نابعا من المجتمع ومعبرا عن نبضه وتياراته، وتطلعاته ليس بحزب، وبالتالي، رفضنا أن نكون من أحزاب الموافقة والتصفيق،التي لا تفهم سوى لغة واحدة، حينما يأتيها المخزن، تصفق له. هناك فرق بين التوافق كمفهوم والموافقة. نحن من حيث المبدأ في إطار السياقات الموضوعية،مع التوافق، إذا كان هو الخيار الضروري والحتمي، ولكن لسنا مع الموافقة، وهذا قلناه أمام مسؤولي وزارة الداخلية، وعبرنا عنه في حينه، وطولب منا أن نتوجه إلى أحزاب سياسية، وسيأتي اليوم المحدد لنكشف عن هذه الأحزاب التي طلب منا التوجه إليها، بهدف استقطاب هذا المشروع السياسي الجديد الذي كنا نعبر عنه. القصة هي أننا أمام حزب يرفض أن يدخل في الطاعة السياسية لوزارة الداخلية. إذن كيف يجب التعاطي معه؟ خاصة أن حزب الأمة حقق اختراقات، وسمعنا من جهات مختلفة،أن الوزارة المعنية كانت منزعجة من ذلك، ولم تستسغ كيف أن حزبا جديدا تمكن، في ظرف وجيز، أن ينجز اختراقات في عدة قنوات إعلامية وفضائيات، من بينها الجزيرة، والعربية، والمنار، وغيرها من وسائل الإعلام الغربية المحترمة، وكذلك الاحترام والاحتضان الواسع الذي واكب حزب الأمة. ولا يجب أن تفوتني المسألة دون أن أشير إلى التضامن الذي عبر عنه حزب النهج الديمقراطي، المحسوب على اليسار الجذري ، مع حزب الأمة، ولم يكن هناك أي طيف من الأحزاب السياسية والهيئات المدنية، لم ينخرط في حملة التضامن، الحزب، إذن، يزعج بخياراته السياسية والفكرية، وباجتهاده السياسي، أيضا، لأننا نمنح أهمية للفكر والنظرية، ولا نعتبر إمكانية الممارسة الصحيحة إلا بنظرية صحيحة، ولذلك الكثير من التجارب التي تقوم على الهوى والانطباع سرعان ما تصطدم بصخرة الواقع فتنهار. بدأت القصة بتضامن بعض الفرق النيابية، التي لم تتردد في توجيه سؤال في موضوع حزب الأمة، إلى وزارة الداخليةّ، وحضر شكيب بنموسى وزير الداخلية، ليٌجيب، ويوضح للمغاربة، ولممثلي الأمة، أنه استقبل ، فعلا، ثلاثة أشخاص، منهم المرواني، جاؤوا إليه ليطلبوا معلومات حول كيفية تأسيس حزب، إن الأمر يدعو للاستغراب، حقا، واليوم أعترض على تنصيب هذا الرجل رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، لأنه كان وراء منعنا من حقنا في تأسيس حزب سياسي مغربي يريد أن يخدم البلد، ويكون نبضا حقيقيا للمجتمع، ثم لأنه انتهك قرينة البراءة، وسرية التحقيق في ملف ما يعرف بقضية بليرج، وأخيرا لسوابقه في وزارة الداخلية، وقرأت في الصحف عن الأسباب التي أدت إلى إقالته. هل المغرب عاقر عن أن يلد أشخاصا قادرين على تدبير الشأن الاقتصادي والاجتماعي. ليس لدي مشكل مع شخص بنموسى، ولكن الإصلاح له منطق. الإصلاح لا يكون إلا بأدوات صالحة، وثقافة حقيقية للإصلاح. بعد كل المساعي التي قمنا بها، والتي انتهت بهذه الطريقة المأساوية، اعتبرنا أنفسنا وفرنا الشروط القانونية لتأسيس حزب، وانتقلنا لممارسة حقنا، فعقدنا مؤتمرا تأسيسيا، وذهبنا إلى المؤتمر في الموعد المحدد، وكان ثمة من يراهن على فشله، واستعمل أساليب التخويف لترهيب مناضلينا، لكن عدة هيئات حزبية عبرت عن استعدادها لاحتضاننا، لقد تفاجؤوا لمستوى التنظيم، والحضور المكثف، والحضور الإعلامي القوي. بطبيعة الحال بدأت وتيرة محاربة حزب الأمة تتصاعد. أول الأمر أحالوا الملف على القضاء الإداري، وكانت فضيحة حقيقية، أن يقوم وزير الداخلية برفع دعوى ضد مواطن، أراد أن يؤسس حزبا سياسيا،أليست هذه فضيحة، ثم جاءت قضية بليرج المدبرة، ولكن يمكرون ويمكر الله.كان الحديث عن إطلاق السراح، ثم سمعنا تراجعا، وفهمنا أن هناك جهات لم توافق على إطلاق سراحكم؟ماء العينين العبادلة: سبق الحديث عن وجود تيار يعمل بكل ما أوتي من قوة، من أجل أن يُجهض كل المحاولات المحتشمة، بحسب البعض، والجريئة بحسب البعض الآخر، لعقد نوع من المصالحة، وتحقيق الانفراج، كانت هناك محاولات مستميتة لإجهاض هذه المبادرة. فعلا، كان يمكن تسوية الملف، منذ اللحظات الأولى، وبشهادة الجميع، وبالتالي تجنيب المغرب مزيدا من الفضائح، لكن يبدو أن ما يوصف بالحزب الأغلبي، وأنا أسميه ب»المخلبي»، لأنه لديه مخالب يستعملها في كافة الجهات والميادين، انتهت اليوم صلاحيته. للأسف كان يمكن أن تسوى المشاكل منذ البداية، ولكن الأمور لم تسر في هذا الاتجاه، ولا يفوتني، هنا، أن أستحضر ما وقع لجامع المعتصم، وهي واقعة تؤكد بأن التيار المعيق للديمقراطية كان يشتغل، ويسعى ما أمكن، إلى نكء الجراح، ولكن أعتقد أن القدر كان له مسار آخر، فما جرى في العالم العربي، له تداعيات إيجابية جعلتنا نصل، والحمد لله، إلى محطة التحولات الراهنة، التي من ثمراتها الأولى، الإفراج عن جزء من المعتقلين السياسيين، ونتمنى أن يتم الإفراج قريبا عن الأبرياء الذين ما يزالون يقبعون في كافة السجون المغربية.تعرض حزب البديل الحضاري، مباشرة بعد اعتقالكم إلى الحل، هل أنتم متشبثون بمواصلة عملكم السياسي في إطاره، وما هي التدابير التي تنوون القيام بها، في المستقبل القريب؟المعتصم: البديل الحضاري هو أكبر متضرر مما وقع، حزب قائم بهياكله، وبمقراته، تعرض لممارسات فظيعة جدا. صودرت بعض المكاتب بما فيها من محتويات. كان لدينا 35 فرعا، تم استدعاء مسؤولي الحزب في هذه الفروع، وتم ترهيبهم وتهديدهم، بشكل فظيع، في أفق ثنيهم عن مواصلة العمل في مكاتب الحزب. كنا الحزب الأكثر تضررا مما وقع، ورغم، ذلك يصعب علي أن أقول إن البديل الحضاري هو الذي كان مستهدفا. نحن كنا جزءا من المشهد الحزبي. الأخير كله كان مستهدفا، في مقدمته حزب الاتحاد الاشتراكي، وجاءت الانتخابات التشريعية لسنة 2007، لتتم معاقبته، وثاني المستهدفين هو العدالة والتنمية، وثالث المستهدفين هو حزب الاستقلال، طبعا، نحن كنا حزبا يقلق،لأنه صعب على التصنيف. علاقتنا مع اليسار وصلت إلى مستوى التحالف الاستراتيجي، فكان البديل الحضاري عصي عن التصنيف. وبما أننا كنا الحلقة الأضعف في المشهد السياسي، تعرضنا للتضيق والحصار، والحل، رغم أننا كنا نعرض وندافع عن قناعات. وكان من الممكن في العهد الجديد أن ننتقل إلى الديمقراطية،وكانت هناك إشارات نسجلها بإيجابية، لكن، كما قلت، نحن لسنا منعزلين عن العالم من حولنا. إن حدث 11 شتنبر، شكل منعطفا عالميا، وانخرطنا فيه في إطار الحملة العالمية ضد الإرهاب. حملات التضييق بدأت في عهد بوش، مباشرة بعد 11 شتنبر، وليس في 16 ماي، الاعتداءات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء جعلت الشعب المغربي أكثر استعدادا للسكوت عن التجاوزات الخطيرة. كان هناك نوع من التهييء، وهنا يُطرح سؤال عريض، ونحن من حقنا أن نعرف حقيقة ما جرى يوم الجمعة 16 ماي في الدار البيضاء، هو عمل إرهابي نُدينه، عرفنا المنفذين، ولكن نتمنى أن نتعرف عن المخططين. أقول، وأنا لست عدميا، ولكن لا ننسى أن الديمقراطية تعني الشفافية، وهناك من يخاف من الشفافية، وتعني المحاسبة والمساءلة، وهناك من يخاف منهما، وهي روح الليبرالية، أي التنافس الشريف، والناس يحبذون الريع. في لحظة معينة، كان هناك الخطاب الجديد، والحديث عن الحكامة، والمفهوم الجديد للسلطة، لكن ذلك تعرض للهزة بعد 11 شتنبر، وبقوة أكثر بعد 16 ماي. لا تنسوا أننا، في البديل الحضاري، رفعنا شعار»باراكا»، في الحملة الانتخابية لسنة 2007، «باراكا» من الفساد، وقمنا بمبادرة تأسيس جبهة ضد الفساد. هذا كله جعلنا رقما غير مرغوب فيه، وله مكان واحد: الحصار أو السجن،و طبعا نحن ناضلنا طويلا من أجل الحصول على الحق في تأسيس الحزب، إلى أن اضطرت الدولة إلى أن تمنحنا الوصل القانوني، وأحسن ما يمكن أن تقوم به الدولة، اليوم، هو أن تعيد إلينا الاعتبار، وتسمح لنا باستئناف نشاطنا السياسي في إطار حزب البديل الحضاري. لقد شعرنا بالفرحة ممزوجة ببعض الانشغال. أقول بوضوح أطالب بإطلاق سراح الأبرياء، الذين طبخت لهم الملفات، فورا. هناك ناس كانت لهم قناعات فكرية راجعوها اليوم، نحن نريد أن نحصن البلاد ضد التوتر. هناك، بالمقابل، ناس يعتمدون العنف منهجا، وأقول إن من واجب الدولة أن تحمي المجتمع منهم. من هذا المنبر، أقول، من ما يزال يؤمن بالعنف، من واجب الدولة أن تحمي المجتمع منه.

المعتصم : البديل الحضاري أكبر متضرر في الملف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المرواني: اتهامنا بالتشيع مسألة كارثية

السريتي: وزير الداخلية لم يكن مقتنعا بالرواية التي قدمها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات