كيف تقرأ التجاذب بين العدالة والتنمية والداخلية قبل موعد الانتخابات؟ أظن أن التجاذب قبل الانتخابات سواء بين مكونات الأغلبية والمعارضة أو بين أحد الأحزاب ووزارة الداخلية أصبح أمرا عاديا، مع كل استحقاق انتخابي، لأن كل طرف يحاول تحصين جهته، والدفع بالخصم سواء كان حزبا أو وزارة إلى تقبل مطالبه، من أجل تقوية حظوظه في الانتخابات. وبلغت السجالات في بعض الأحيان إلى مستوى التهديد بمقاطعة الانتخابات، والغياب عن بعض اللقاءات بين الداخلية والأحزاب. وفي هذ الصدد، يمكن إدراج التجاذب الحاصل حاليا بين "بيجيدي" وحصاد، وأظن أن التأخر في الإعلان عن القوانين الانتخابية، من قبل الداخلية، أمام كثرة المقترحات والتعديلات التي تطالب بها بعض الأحزاب، قد تكون وراء تخوف العدالة والتنمية من إعادة النظر في التقطيع الانتخابي، أمام انتقاد المعارضة تأخر الداخلية والحكومة في إقرار القوانين التي يجب أن تكون جاهزة، قبل مدة ، لضمان التحضير العقلاني للانتخابات، كما يعكس هذا التجاذب عدم رضا "بيجيدي" عن التوجه الذي سارت فيه الداخلية بقبول تخفيض العتبة، باسم توسيع المشاركة وإدماج مختلف الحساسيات السياسية في البرلمان المقبل. لوحظ أن الداخلية تعاملت بحزم مع "بيجيدي" بخصوص منع مهرجاناته في عدد من المدن. هل الهاجس الانتخابي وراء قرار المنع؟أظن أن مثل هذه الإجراءات تخدم أجندة الخصوم السياسيين للعدالة والتنمية، بل هناك من يقرؤها بأنها محاولة لتقزيم حزب بنكيران والحد من توسعه الجماهيري الذي يهدد باكتساح في الانتخابات المقبلة.ولاحظنا كيف أن الداخلية لجأت في وقت سابق، إلى منع رئيس الحكومة من عقد مهرجانات في ساحة عمومية بمبررات أمنية. لذلك، أعتبر أن منع عدد من الوزراء أو القياديين من تنظيم لقاءات في الساحات العمومية ليس جديدا. وارى أن الأغلبية يجب أن يتسع صدرها وتعطي النموذج في احترام القانون، والتعامل الإيجابي مع قرارات الداخلية، باعتبارها الجهة الوصية على الانتخابات، ولا أظن أن محمد حصاد وزير الداخلية يتخذ مثل هذه الإجراءات دون إخبار أو التنسيق مع رئيس الحكومة. مع اقتراب رمضان، قررت الداخلية منع توزيع القفة والمساعدات الإحسانية، خشية الاستغلال السياسي لها في ظرفية انتخابية. كيف تفسرون اللجوء إلى هذا الإجراء الذي يستهدف الأذرع الإحسانية للحزب الإسلامي؟ أظن أن منع التعامل بالقفة الرمضانية من قبل النشطاء السياسيين، مسألة عادية، إذا تم النظر إليها من زاوية القواعد السياسية التي تفرض منع الاستغلال السياسي للعمل الخيري الإيجابي، من قبل بعض الأحزاب أو السياسيين. ولا أرى ضررا في مثل هذا الإجراء الذي سيساهم في توفير شروط أفضل للتنافس الحقيقي وتكافؤ الفرص بين الفرقاء السياسيين، في النزال الانتخابي المقبل.وأؤكد أن للعدالة والتنمية من القوة التنظيمية والقواعد الجماهيرية، لكي يتغاضى عن استغلال هذه المناسبة الدينية، لرفع رصيده الانتخابي، واستقطاب ناخبين جدد، كما أنه سبق أن قدم تنازلات سابقة باسم الحرص على المصلحة العامة، وأظن أن الأحزاب السياسية يجب أن تركز على مناقشة البرامج والقضايا التي تشغل بال المغاربة، عوض الدخول في حروب هامشية، لا تخدم المصلحة العامة التي يجب أن تسود في الخطاب السياسي.أجرى الحوار : برحو بوزياني (*) أستاذ باحث في جامعة الحسن الثاني