تفاصيل الإفراج عن المعتقلين السياسيين

المعتقلون السياسيون الخمسة أكدوا في ندوة صحافية استمرار نضالهم من أجل إطلاق باقي المعتقلين كانت الساعة تقارب الثانية عشرة ظهرا من مساء أول أمس (الخميس. بدأت تتقاطر على مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عائلات المعتقلين السياسيين التي توصلت، في ساعة متأخرة من ليلة (الأربعاء)، بنبأ الإفراج عن ذويها. احتشد الجميع قبالة المقر، الذي غيرت تسميته من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان. كانت عملية الدخول تضبط من قبل حراس أمن خاصين. أما أطر وموظفو المجلس، فكانوا على أهبة من أمرهم، ينتظرون قدوم إدريس اليازمي، رئيس المجلس، ومحمد الصبار، أمينه العام.طلب من العائلات أن تستقبل المعتقلين السياسيين المفرج عنهم في مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وليس أمام السجن المحلي بسلا، فانضبط الجميع لهذا الأمر، وتحركت لغة «الهواتف»، فكان الجميع يتتبع خطوات المعتقلين أولا بأول. لم تتنفس زوجات المعتقلين (محمد المرواني ومصطفى المعتصم ومحمد الأمين الركالة والعبادلة ماء العينين وعبد الحفيظ السريتي) الصعداء، إلا بعد تأكدن من مصادر كانت مرابطة أمام بوابة السجن، أن المعتقلين وضعوا أقدامهم خارج الباب الحديدي، واستقلوا سيارات فارهة كانت في انتظارهم هناك. عدسات الكاميرات لم تهدأ في التقاط صور المعتقلين السياسيين الخمسة الذين منهم من فضل ارتداء لباس عصري، أو لباس رياضي. بعد لغة الهواتف، انطلقت لغة البكاء والدموع. عناق حار بين أقارب المعتقلين الذين تأكدوا أن مسألة العفو حقيقية، وأن خميس 14 أبريل يختلف عن خميس 17 مارس الذي شاعت فيه أخبار إطلاق سراح، إلا أن ظن العائلات خاب، وعادت بخفي حنين. رغم الشكوك التي راودت البعض، خصوصا أن ممثلي وسائل الإعلان أخبروا بأن المجلس الوطني بصدد عقد ندوة صحفية، إلا أن مجيء مسؤولين في وزارة العدل إلى السجن صباح أول أمس وكذا مشاهدة الصبار هناك زاد من تأكيد إمكانية الإفراج. عناق ودموع بعد الساعة الثانية عشرة، كان الجميع على أتم الاستعداد لاستقبال المعتقلين. حلت سيارة تقل محمد المرواني، رفقة الحافظ الإدريسي، المعتقل على خلفية ملف السلفية الجهادية، ثم بعده وصل عبد الحفيظ السريتي والأمين الركالة، ليصل العبادلة ماء العينين ومصطفى المعتصم اللذان ركبا جنبا إلى جنب. رفع المعتقلون السياسيون شارات النصر، وهتف حاضرون بعبارة «الله أكبر» قبل أن ترتفع الأصوات بالشعارات، وتخلل هذه الفترة، عناق حار وبكاء. إنها دموع الفرح التي خيمت ولم تترك المجال لأي تعبير. في تلك اللحظة، تيقن الجميع أن المعتقلين السياسيين الخمسة، على خلفية ملف بليرج، عانقوا الحرية بعد مضي ثلاث سنوات وأزيد من شهرين. تعذر على المفرج عنهم ولوج القاعة التي ستحتضن الندوة الصحفية، الجميع يسارع ليقدم التهاني للمفرج عنهم. فأبناء المعتقلين كانوا في الموعد، تخلفوا عن الدراسة لأنهم سيعيشون لحظة حرموا منها لسنوات. ارتمى كل واحد من هؤلاء في حضن والده، واستمتع بعدسات الكاميرات وبالصور التي كانت تلتقط من هنا وهناك. شباب 20 فبراير حضروا الحفلحضر قياديون في حزب العدالة والتنمية والبديل الحضاري وحزب الأمة، أما الحقوقيون، فاختلفت بهم الأسباب، إذ منهم من رفض ولوج مقر المجلس الوطني، وفضل الانتقال إلى مقر هيأة المحامين، حيث قررت هيأة دفاع المعتقلين السياسيين الخمسة تخصيص استقبال خاص لهم. وقبيل انطلاق الندوة الصحافية، وفي غمرة الاستقبال، تسلل شباب 20 فبراير إلى مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رغم محاولة التصدي لهم من قبل حراس الأمن، إلا أن تدخل محمد الصبار أعاد الهدوء، وتمكن هؤلاء الشباب من حضور الندوة الصحافية، إلا أنهم ظلوا يرددون شعارات، وهو أمر لم يقبله الصبار واليازمي اللذان ناشدا شباب 20 فبراير بالكف عن ترديد الشعارات على اعتبار أن «المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة رسمية، وأن اللحظة تاريخية، ولا يمكن أن ينكرها إلا جاحد»، يوضح الصبار.وقال الصبار «إن الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين كان بعفو ملكي، وأن الأمر شمل 190 حالة، و14 أبريل سيبقى يوما تاريخيا للمجلس وللبلد ولمناصري حقوق الإنسان». من جهته، حاول إدريس اليازمي، رئيس المجلس، أن يقنع الحضور بأن اللحظة بمثابة «محطة للابتهاج، وأن الأساس أنه عمت الفرحة وعادت الابتسامة إلى العائلات»، مضيفا «نحن مع حرية التعبير وتوجد قاعة في المجلس تحمل اسم الراحل إدريس بن زكري الذي كان دائما يقول إن المصالحة ليست بالإجماع، بل بالتدبير السلمي». ورغم إلحاح الصبار على أن «العفو يدخل في إطار تحقيق انفراج سياسي وتعزيز الثقة في ظل ورش الإصلاحات الدستورية الذي انطلق في البلاد»، إلا أن هذا الكلام لم يثن الشباب عن رفع شعاراتهم. ووجه مصطفى المعتصم، رئيس حزب البديل الحضاري، تحية خاصة إلى الشباب ووصفهم ب»صغار الأمة، لكنهم كبارها». وبعد أن وجه عبارات الشكر والتقدير إلى أعضاء هيأة الدفاع وإلى المنظمات الحقوقية والصحافة المستقلة وإلى الأحزاب التي ساندت معتقلي ملف بليرج، قال «سنكون مع شباب 20 فبراير في أول لقاء». استقبال حار للمعتقلين بنادي المحامين مباشرة بعد الندوة الصحافية التي عقدت في مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حج المعتقلون السياسيون الخمسة وعائلاتهم وأغلب الحضور إلى مقر هيأة المحامين غير بعيد عن المكان المذكور. هناك، خصص استقبال حار، فالوجوه الحقوقية التي رفضت الالتحاق بالمجلس الوطني، سجلت حضورها في هيأة المحامين. فإلى جانب أعضاء من هيأة الدفاع، جلست خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المنصة. غصت القاعة بأقارب وأصدقاء العائلات، وكشف خالد السفياني، من هيأة الدفاع، أن المعتقلين السياسيين رفضوا مغادرة السجن إلا بعد الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، علما أن المجلس الوطني أشار إلى أن العفو سيشمل جميع الملفات، وأن الحالات ستعالج بشكل تدريجي، الشيء الذي أغضب عائلات من لم يشملهم العفو، على اعتبار أن طي الملف يجب أن يكون شاملا وكليا دون تجزيء. ووسط هتافات الشباب الذين شددوا على أن «الشرفاء ها هم والجلادين فينا هوما»، وقف محمد المرواني، الذي بدا يقاوم ما نال منه السجن، وقال «كنا نتمنى أن يكون من بيننا باقي المعتقلين، فنحن رفضنا هذا المنطق، وأنا مستعد لأعود إلى السجن من أجل إطلاق سراح باقي المظلومين». وأضاف المرواني «إننا خرجنا من السجن لنشتغل، بل إننا نعتبر السجن مجرد حادث شغل سياسي»، مشبها ما تعرض له شبيها بمن كان يمارس السياسة «ودهسته سيارة المخزن، فالاعتقال لا يخيفنا، ولن يخيفنا وسنستمر في النضال إلى غاية تحقيق عيش أفضل للشعب المغربي». في كل مرة، كانت القاعة تهتز لكلام المرواني الذي لم يفته أن يوجه الشكر إلى هيأة الدفاع والجمعيات الحقوقية والأحزاب وكافة القوى «التي آمنت منذ البداية ببراءتنا، ولم تصدق الرواية الرسمية التي روجت لها وزارة الداخلية». أما العبادلة ماء العينين، القيادي في العدالة والتنمية، الذي لم يقو على الوقوف، فقال «إنها فرحة غير مكتملة، لأنه مازال أبرياء في السجون»، وزاد قائلا «سنستمر في نضالنا السياسي مع الشرفاء حتى لا يبقى أي مظلوم أو معتقل سياسي خلف القضبان». وفي السياق نفسه، اعتبر الركالة، نائب أمين عام حزب البديل الحضاري، أن «الفرحة لم تكتمل، لأنني تركت في السجن معتقلين سياسيين أبرياء»، وفي إطار الدعم الذي خصص للمعتقلين السياسيين الخمسة، أوضح الركالة أن هيأة الدفاع لم تتقاض سنتيما واحدا طيلة السنوات الثلاث الماضية، «بل إن أعضاء هيأة الدفاع كانوا ينفقون من أموالهم الخاصة في سبيل براءتنا»، يكشف مصطفى المعتصم الذي شدد بحرارة على ما قام به النقيب بن عمر والسياسي بنسعيد آيت ايدر، الذي كان يشرف على التنسيق على لجنة التضامن في هذا الملف. قال «إننا سنستمر في مواجهة الفساد حتى ندخل نادي الديمقراطية».أما عبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار، فاعتبر أن دخوله إلى السجن كان بسبب وجود «عدد من المجرمين الذين كانوا يبسطون نفوذهم وسيطرتهم على الساحة السياسية، وأملنا أن نعيش لحظة مشرفة وأن يخرج باقي الأبرياء من السجون لبناء دولة القانون وأسمى ما فيها دستور ديمقراطي». نادية البوكيلي

تفاصيل الإفراج عن المعتقلين السياسيين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العفو يخلف ردود فعل متباينة في صفوف السلفية

لجنة تتفقد أوضاع الإذاعات الجهوية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات