المواطنون يطمحون في قضاء مستقل بعيد عن التعليمات

كيف يسلط وزير العدل سيفه الدستوري والقانوني على رقاب القضاة العدل أساس الملك. ولعل أكثر ما ينتظره المواطنون من دستور الملك محمد السادس توطين هذا المبدأ الكوني في التربة المغربية، حتى يصبح القضاء، بالفعل، نصير المظلومين وحضنا دافئا للإحساس بالأمان وسيفا مسلطا على رقاب الظالمين. وربما من أجل ذلك، تنبه جلالة الملك في خطاب 9 مارس الماضي، إلى أهمية دسترة القضاء مؤسسة مستقلة، رغم تنصيص دستور 1996 على استقلال سلطة القضاء عن باقي السلط الأخرى كما ورد في الفصل 82 الذي ينص على أن «القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية"، وبالتالي، فإن المطلوب، اليوم، بالنسبة إلى عدد من المواطنين الانتقال من مرحلة الكلام العام إلى تقوية الأساس المرجعي لاستقلال القضاء، وحذف كل الشوائب التي تفرمل استقلاله وتجعل بعض القضاة لاينامون الليل إلا إذا رنت هواتفهم وطرطقوا آذانهم جيدا للتعليمات والأحكام الجاهزة.إن أغلب المواطنين الذين يتطلعون، بشغف كبير، إلى يونيو المقبل للاطلاع على التعديلات الدستورية المترقبة قد لا يفهمون كثيرا في التفاصيل وكيف ينبغي مثلا أن يكون القضاء سلطة مستقلة، لكن زملاء عبد اللطيف المانوني في اللجنة الخاصة يدركون أن أي تنزيل لمبدأ «العدل أساس الملك» يقتضي فيما يـــــــقتضيه:- تقوية الضمانات الدستورية لاستقلال القضاء، وخاصة تقوية اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء ومراجعة تشكيلته وإعادة النظر في وضعية وزير العدل نائبا للملك بصفته رئيسا فعليا لهذا المجلس.- مراجعة ظهير 1974 بمثابة قانون، الذي وضع في فترة تعد استمرارا لحالة الاستثناء التي دخلها المغرب في سنة 1965، والمتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الذي أهدر عددا من الضمانات التي يشير إليها الدستور، وكرس تحكما كبيرا لوزير العدل في المصير المهني لهؤلاء، سواء فيما يخص ترقيتهم، أو نقلهم، أو تأديبهم، أو عزلهم، أو تمديد تقاعدهم.‬- إصلاح المجلس الأعلى للقضاء ليصبح مؤسسة حقيقية مستقلة عن وزارة العدل لها سلطات فعلية حتى ترقى إلى مؤسسة ضامنة لاستقلال القضاء والقضاة، ومتمتعة باستقلال إداري ومالي. ويتطلب هذا الإصلاح جعل النظام الأساسي للمجلس محددا بقانون تنظيمي وتقوية صلاحياته وجعله المقرر الأساسي في الحياة المهنية للقضاة وفي إدارة شؤون القضاء والسهر على ضوابطه وأخلاقياته وإعادة النظر في تشكيلته، مع ضمان تمثيلية أطراف غير قضائية داخله.ويعتقد عدد من القضاة والمحامين أن النصوص القانونية الحالية تترك ثغرات كبيرة تمكن السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل من المساس باستقلال القضاء، ومن ذلك رئاسته للمجلس الأعلى للقضاء نيابة عن الملك (الفصل 86 من الدستور)، وحصره، سنويا، لائحة الأهلية لترقي القضاة بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء (الفصل 23 من النظام الأساسي لرجال القضاء)، كما يمكنه هذا النظام، ودون الرجوع إلى المجلس الأعلى للقضاء، أن ينتدب، بقرار عند الحاجة، قاضيا بدعوى ملء فراغ في قضاء الحكم، أو التحقيق، أو النيابة العامة بإحدى المحاكم وذلك لمدة ثلاثة أشهر في السنة يمكن تجديدها بموافقة القاضي المعني بالأمر (الفصل 57 من النظام الأساسي لرجال القضاء).إضافة إلى ذلك، يمكن لوزير العدل، وبدون استشارة المجلس الأعلى للقضاء، توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه، وذلك في حالة إذا ما توبع هذا الأخير جنائيا، أو ارتكب خطأ جسيما، ويمكن أن يشمل التوقيف عدم صرف الراتب طوال مدة التوقيف (الفصل 62 من النظام الأساسي لرجال القضاء)، كما جرى في حالة القاضي جعفر حسون التي تم توقيفه نهائيا من مزاولة القضاء.فضلا عن ذلك، فإن العقوبات التأديبية من الدرجة الأولى تصدر ضد القضاة بقرار من الوزير بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء وتشمل عقوبات الإنذار والتوبيخ وتأخير الترقية والحذف من لائحة الأهلية (الفصلان 60 و59 من النظام الأساسي لرجال القضاء ). يوسف الساكت

المواطنون يطمحون في قضاء مستقل بعيد عن التعليمات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الـبـيـضـاء: الـتـعـلـيـم والـصـحـة وفـصـل الـسـلـط والـعـدالـة

انتظارات المواطنين من الإصلاح الدستوري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات