وزارة العدل مازالت متحكمة في المشهد القضائي

الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب قال لـ "الصباح" إن مشروع التنظيم القضائي يهرب بعض اختصاصات الجمعية العامة لفائدة المسؤولين القضائيينن أجرت الحوار: كريمة مصلي تعرف مكونات العدالة في الوقت الراهن نقاشا حقيقيا بشأن مشروع التنظيم القضائي للمملكة، حول ما حمله من تغييرات. اختارت «الصباح» أن تحاور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب الذي أكد على أهمية المشروع وعلى النقاط الإيجابية التي حملها دون أن يفوته الحديث عن بعض السلبيات التي تتطلب إعادة النظر. في ما يلي نص الحوار: عرف مشروع التنظيم القضائي للمملكة اتهامات عدة للوزارة الوصية في عدم إشراك الفاعلين، هل تم إقصاؤكم كذلك؟ مسودة مشروع القانون رقم 38-15 المتعلق بالتنظيم القضائي للملكة كانت من إعداد وزارة العدل والحريات، وعندما تم نشر هذه المسودة الأولى شهر نونبر 2014 تقدمنا بمذكرة مفصلة ضمناها ملاحظاتنا حولها شكلا ومضموما، تلتها بعد ذلك دعوة من وزير العدل لمناقشة المذكرة وبالفعل تم عقد هذا الاجتماع الذي دام ساعات مع وزير العدل شخصيا ونالت ملاحظاتنا المعبر عنها في المذكرة الكتابية استحسان الوزير وأطر الوزارة، وفق ما عبر عنه في هذا اللقاء، وطبعا كانت هناك عدة نقاط خلافية خاصة مسألة القضاء المتخصص وطريقة تدبير الجمعيات العامة للمحاكم وحدود صلاحيات المسؤولين القضائيين بالمحاكم وغيرها ذلك من النقاط .وأثناء الاجتماع فسرنا للوزير أن الكثير من مقتضيات هذا القانون، غير تلك التي لها علاقة باستقلال القضاء، لا تهمنا إلا من الزاوية الحقوقية وتدعيم الاختيار المؤسساتي للدولة وليس الزاوية المهنية الضيقة، مثل قضية دفاعنا عن بقاء القضاء الإداري المتخصص وضرورة تتويجه بإحداث مجلس الدولة وفق ما جاء في أحد الخطب الملكية سنة 1999، فهذه المواضيع وإن كانت تمثل اختيارا تشريعا للدولة والمجتمع ولا تهمنا بشكل مهني مباشر، إلا أننا نطالب بها ونتبناها من زاوية الحقوقية التي هي أيضا من أهدافنا في نادي قضاة المغرب. في نظركم أين تكمن أهمية مشروع قانون التنظيم القضائي للمملكة بالنسبة للمواطنين ؟ مشروع قانون التنظيم القضائي يعد من حيث أهميته رابع مشروع رئيسي منذ قرن من وجود المحاكم العصرية بالمغرب، فبعد ظهير 12 غشت 1913 في فترة الحماية ثم المرسوم الملكي المؤرخ في 3 يوليوز 1967 عقب قانون التوحيد والتعريب والمغربة، فظهير 15 يوليوز 1974 إثر ما عرف بالإصلاح القضائي، جاء المشروع الحالي في ظرفية خاصة تميزت بارتقاء دستور 2011 بالقضاء سلطة قائمة الذات ومستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ، كما سعى إلى إعادة النظر في تنظيم تشريعي أرهقته كثرة التعديلات وأخرجته عن روحه بسبب جملة من التجارب التي كان التنظيم القضائي المغربي حقلا لها، كما أن قانون التنظيم القضائي للمملكة هو القانون الذي يهتم بتحديد المبادئ التي يقوم عليها هذا التنظيم القضائي وتنظيم عمل الهياكل القضائية ببلادنا و تأليف المحاكم بشتى أنواعها وسير عملها إدريا . ومن هذا المنطلق فإنه من القوانين المهمة جدا لاتصاله أولا بالتنظيم الهيكلي للمحاكم وكيفية تقديمها للخدمة القضائية لفائدة المواطنين وقربها منهم جغرافيا ونوعيا، وثانيا لإمكانية أن يشكل هذا القانون ضربا لمبادئ استقلال القضاء المنصوص عليها في الدستور وفي القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية،. لهذه الأهمية كنا نود لو أن المشرع الدستوري ارتقى به إلى مرتبة النص التنظيمي ، وذلك حتى يخضع لرقابة المحكمة الدستورية أو المجلس الدستوري حاليا عوض أن يكون من القوانين العادية التي تصدر عن البرلمان دون هذه المراقبة التي تحصن النصوص القانونية أكثر وهي ضمانة لفائدة المواطن المتقاضي طبعا. ولماذا إذن، لم يعط النادي أهمية كبيرة لهذا القانون على خلاف القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية ؟ قدم النادي كما سبق القول، مذكرة مفصلة إلى وزارة العدل ونشرها لاحقا بموقعه الرسمي ليطلع عليها عموم الرأي العام، فقط ربما اعلاميا لم يظهر موقف النادي بشكل كبير في هذا القانون وهذا راجع إلى سبب تزامن خروج مسودة هذا القانون مع صخب مناقشة القانونين التنظيمين المتعلقين بالنظام الأساسي للقضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اللذان أخدا منا كل جهدنا تقريبا لأهميتهما في عملية استقلال القضائية، لكن مع ذلك قمنا بدورنا في الملاحظة وتقديم رأينا للجهات المختصة، بحيث قام العديد من الزملاء أعضاء النادي بكتابة مقالات في الصحافة تهم هذا القانون أو بعض مواضيعه، كما أن أعضاء اللجنة القانونية للنادي منكبون حاليا على تحيين مذكرة النادي لوضعها أمام البرلمان تكريسا للسنة التي أسسنا لها في النادي وهي الانفتاح الإدارة والسياسيين في مناقشة القوانين التي تهم القضاء حتى نسهم بدورنا في إيصال المشاكل التي تعاني منها المحاكم والتي يعد المشتغلون داخلها أعرف الناس بأحوالها إلى جانب الفاعلين الآخرين في المجال. ما هي أهم الملاحظات التي سجلتموها بخصوص هذا المشروع؟ طبعا المشروع تضمن بعض الإيجابيات، وإن كان كانت الغاية من الملاحظة ليس هو رصد الإيجابيات، لأنه وبمفهوم المخالفة فما لم يتم رصده سلبية فإنه من المفروض أن يكون ايجابيا ومقبولا، لكن أهم هذه الإيجابيات في نظرنا تبقى من ناحية الشكل أننا أصبحنا الآن أمام مدونة متكاملة للتنظيم القضائي تم الدمج في طياتها كل النصوص المتفرقة هنا وهناك كالأحكام المتعلقة بتنظيم قضاء القرب والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية، كما تم التفصيل في تنظيم الجمعيات العامة بالمحاكم وشروط وكيفية انعقادها واختصاصها لأن هذه التفاصيل لم تكن موجودة ما جعل الكثير من المسؤولين القضائيين بالمحاكم يسيطرون عليها وتصبح واقعا وكأنها غير موجودة مع بعض الاستثناءات، كما أن إحداث جمعية عامة في محكمة النقض نتيجة المطالبات المتكررة لنادي قضاة المغرب وحده، وهذا طبعا سيسجله له التاريخ القضائي، يعد ثورة كبيرة بالمقارنة مع ما كان عليه الأمر، التي من المفروض أن يجعلها المشرع نموذجا يحتذى به لبقية المحاكم الدنيا باعتبار مكانتها والنضج المفروض في القضاة العاملين بها، وغيرها من الاعتبارات، لكن العكس في ما مضى كان هو الحاصل، حيث لم تكن لمحكمة النقض أي جمعية عامة وإنما فقط مكتب به عدد من الأعضاء يقرر في التنظيم الداخلي للمحكمة، كما أن النص على دور محكمة النقض في توحيد الاجتهاد القضائي ثم النص أيضا على وجود حالة تنازع المصالح، سببا من أسباب تجريح القضاة يعد مبدأ مهما جدا، مع تسجيل ملاحظة أن موضعه هو المسطرة المدنية .لكن طبعا المشروع ما زالت به بعض الشوائب تحتاج إلى مراجعتها أمام البرلمان، عند مناقشته والتي ننبه إليها في النقط التالية، ابتغاء لتجويد النص التشريعي لا أقل ولا أكثر، ومنها عدم تبنيه لتأسيس قضاء إداري مستقل على رأسه مجلس الدولة، كما سبق أن جاء في خطاب ملكي يعود إلى 1999 وفق مقاربة تراعي التطور الحقوقي والمؤسساتي للبلاد، وبقاء السلطة التنفيذية حاضرة بقوة في المشهد القضائي، خاصة على مستوى إحداث المحاكم والمراكز والأقسام المتخصصة بها، حيث نص المشروع على أنها تنشأ بمرسوم حكومي بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية والحال أن هذا الاختصاص هو اختصاص أصيل للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويمكن في إطار التعاون بين السلطات كما ينص على ذلك الدستور أخذ رأي الحكومة لا العكس، وكان من المقبول ربما مرحليا أن يكون الأمر بقرار مشترك، الحضور نفسه للسلطة التنفيذية نجده على مستوى التدبير المالي والإداري للمحاكم وهذا حتما سوف تنتج عنه مشاكل قريبة في المستقبل وإمكانية كبيرة للتدخل في القضاء. وهناك تهريب بعض اختصاصات الجمعية العامة لفائدة المسؤولين القضائيين ومكتب المحكمة ، ثم إضافة أخطاء جسيمة لعمل القاضي في المادة 15، مع أن المجلس الدستوري جعلها حصريا في المادة 97 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة مصححا الخطأ الذي سبق للبرلمان أن اقترفه بهذا الشأن. تطوير القضاء المتخصص من سلبيات مشروع التنظيم القضائي أنه يتيح إمكانية إحداث غرف وأقسام تابعة للمحاكم الابتدائية، تبت في قضايا القضاء المتخصص في المادتين الإدارية والتجارية، بمجرد مرسوم صادر عن رئيس الحكومة، وهذا من شأن إقراره أن يضيع تجربة بالمغرب ممتدة لأزيد من عشرين سنة، وشكلت على امتداد هذه الفترة مكسبا للقضاء المغربي، رغم كل ما يمكن أن يقال عنه، حيث أشاد به المهنيون من مساعدي العدالة والمؤسسات الدولية وساهم بالدفع بترتيب المغرب عالميا في برنامج ممارسة أنشطة الأعمال Doing business، بالنسبة إلى المحاكم التجارية مثلا، ونعتقد أن سبب إنشاء هذه المحاكم المتخصصة ما زال قائما، إذ أن حاجتنا للاستثمار سواء الداخلي منه، أو الخارجي ما زالت ملحة وستبقى كذلك، لأن هذا كان أحد الأسباب التي أدت إلى إنشاء المحاكم التجارية، كما أن الحاجة ملحة أكثر لتطوير القضاء التجاري وتوسيعه، لأن المغرب لن يجني أي شيء من تقليص القضاء المتخصص، بل بالعكس سيضيع تجربة فريدة في العالم العربي كان من الممكن تطويرها والاستفادة منها عوض تشتيتها في أقسام وغرف داخل المحاكم العادية.

وزارة العدل مازالت متحكمة في المشهد القضائي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وفاة حامل في مروحية للصحة

"سيام" ضمن خمسة ملتقيات الأكثر شهرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات