إمارة المؤمنين تبطل مناهج صناعة الإرهاب

تنقيح المقررات الدراسية لمنع تداول التأويلات المغذية للفهم الخاطئ للإسلام في خطوة استباقية لتنامي الفكر المتطرف مع تنامي تفكيك الخلايا الإرهابية المرتبطة بالتيارات السلفية الجهادية، "داعش" تحديدا، بدأ البحث في البنية الثقافية المشجعة لتوجه الكثير من الشباب نحو التطرف. وقد جاء التفكير في المناهج الدراسية بالمؤسسات التعليمية، بالموازاة مع استراتيجية متكاملة تقوم على مقاربة أمنية وسوسيو اقتصادية مندمجة، تبنتها الدولة في مواجهة الإرهاب منذ هجمات 16 ماي 2003 على مواقع بالدار البيضاء. الرهان على تنقيح المقررات الدراسية، وسيما مادة التربية الإسلامية، يمكن أن يشكل أحد مداخل مواجهة التعصب المولد للتطرف. الدولة والتطرف... لُبس قديم العلاقة بين المناهج التعليمية وصناعة التطرف ليست وليدة اليوم، فقد تفجر هذا الجدل منذ سنوات داخل الجامعات المغربية، بعد أن نبهت بعض التيارات اليسارية إلى مخاطر المغامرة بالعملية التربوية لأجل محاصرة النفوذ اليساري بتقوية النفوذ الديني داخل هذه المؤسسات. وكان من نتائج هذا التوجه تفريخ الجامعات المغربية لـ"جيل من الضباع"، بتعبير أستاذ علم الاجتماع المغربي الراحل محمد جسوس، بعد أن خفت صوت العقل والفلسفة لصالح تأويلات خاطئة للدين تركز على جهاد السلاح بديلا لجهاد النفس، بتهذيبها وتربيتها على قيم التسامح والاعتدال واحترام الحق في الاختلاف.وقد تجدد الخلاف حول مضامين مادة التربية الإسلامية مع اتساع مساحة التطرف، إذ وجهت أصابع الاتهام إلى بعض المناهج التعليمية وإلى سياسة الدولة التي راهنت قبل سنوات على إقصاء مادة الفلسفة مقابل حضور قوي لبرامج الدراسات الإسلامية في مختلف مستويات التعليم بالمغرب، إذ نهجت الوزارة الوصية على القطاع تطويق الفلسفة بدعوى أنها مسؤولة عن إنتاج فكر وحراك سياسي معارض للحكم، وتعزيز مادة التربية والدراسات الإسلامية لضرب المعارضين وتكفيرهم في الجامعات ومحاكماتهم في الساحات الطلابية، إلا أن عودة النقاش حول المناهج التعليمية يفيد بوجود رغبة في إصلاح ما أفسدته حسابات السياسة. مناهج التعليم في قفص الاتهام قبل أسابيع، فتح الملك النقاش حول مناهج التربية الإسلامية، بهدف قطع الطريق أمام الميكانيزمات التي تصنع العقل الإرهابي، وقد تضمنت التعليمات الملكية الصادرة إلى وزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية، "ضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات". وتروم هذه الدعوة تنقية مقررات مادة التربية الإسلامية، لمنع كل التأويلات المغذية للفهم الخاطئ للإسلام، ذلك أن تأكيد التوجيهات الملكية على مسألة التسامح تفيد أن عملية المراجعة تستهدف ضمان احترام الديانات الأخرى، ومنح المنظومة التعليمية وظيفة أساسية في محاربة التطرف والحد من توسع الثقافة الدينية المبنية على التكفير والإقصاء. وشدد الملك "على أن هذه البرامج والمناهج التعليمية يجب أن ترتكز على القيم الأصيلة للشعب المغربي، وعلى عاداته وتقاليده العريقة، القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الإيجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر". تقويض العقل الإرهابي تنقيح المناهج التعليمية لمحاصرة أدوات صناعة الإرهاب والفكر المتطرف، يتطلب مراجعة مقتضيات ميثاق التربية والتكوين، خاصة ما يتعلق منها بالتنظيم البيداغوجي الخاص بمادة التربية الإسلامية. وقد بدأت محاولات تنقيح المادة بحذف بعض النصوص والصور التي من شأنها أن تعطي تأويلا خاطئا للإسلام، منها آية قرآنية وحديث شريف إضافة إلى صورة لها صلة باللباس الشرعي للمرأة المسلمة، علاوة على إجراءات بسحب بعض الكتب التعليمية الخاصة بالتربية الإسلامية، بغرض تدقيقها قبل تعميمها على المؤسسات التعليمية، وقد لقيت هذه الإجراءات في حينها انتقادات من قبل جمعيات مقربة من حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة حاليا.رسالة الملك حول توجيهات إصلاح المنظومة التربوية الدينية، أوضحت أن "الانفتاح والتواصل لا يعني الاستلاب أو الانجرار وراء الآخر، كما لا ينبغي أن يكون مدعاة للتزمت والانغلاق". ويشكل هذا القرار الذي تداوله مجلس وزاري، محاولة لاستعــادة القيــم التنــويــرية التــي اختفت من المؤسسات التعليمية، بسبب المناهج التي تعتمدها المقررات التربوية، كما أن الدعوة تتجاوب مع مطالب هيآت مدنية بـ"تنقيح المقررات الدراسية، ومن ضمنها مقررات التربية الإسلامية من كل المواد والمضامين التي من شأنها تغذية التأويلات والقراءات الخاطئة للدين الإسلامي أو للديانات الأخرى، وإعادة الاعتبار لدرس الفلسفة والعلوم الإنسانية وإيلائه العناية اللازمة بالانتصار لقيم التنوير والعقلانية".إحسان الحافظي

إمارة المؤمنين تبطل مناهج صناعة الإرهاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران: لن نكون رهينة بان كيمون المنحاز

محطات دموية في تاريخ الإسلام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات