خمري: الإصلاح الدستوري لايكفي لحدوث التغيير

قال إن التغيير المطلوب يتطلب إصلاحات موازية وتدابير مواكبة قال سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية، إن المشروع الذي أعلن عنه جلالة الملك في خطاب تاسع مارس الماضي، مهم وتاريخي من الناحية المبدئية، أي من حيث المبادئ المعلن عنها.وأكد في حوارمع "الصباح" أن الرهان الأساس لنجاح الإصلاح، رهين بكيفية التعامل معها من قبل الفاعلين المعنيين، سيما الأحزاب، أي مدى جرأة هذه الأحزاب في الاقتراح، وعمل لجنة تعديل الدستور في التوفيق بين الاقتراحات المقدمة، وكيفية تأويلها للمبادئ المعلن عنها في الخطاب الملكي بكل جرأة، بما يستجيب لدمقرطة النظام السياسي والدستوري المغربي، وتجاوبه مع متطلبات التغيير والحداثة. وأضاف خمري أن الأحزاب مطالبة بمواكبة ورش الإصلاح في عمومه بالجدية والتعبئة المطلوبتين، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أنه إما أن تكون الأحزاب في مستوى اللحظة التاريخية، وإما ستضع نفسها خارج التاريخ الذي سيتجاوزها بقوة الواقع. في مايلي نص الحوار... شكل الخطاب الملكي لتاسع مارس محطة تاريخية، باعتبار أنه وضع خارطة طريق للإصلاح الدستوري. ووضع الخطاب الأحزاب أمام تحدي مواكبة هذا الإصلاح، أولا، من خلال مطالبتها بتقديم تصوراتها في هذا المجال، وثانيا، من خلال ضرورة تأهيل نفسها لتستجيب لروح وأبعاد الخطاب الملكي. هل تعتقدون أن الأحزاب السياسية، في وضعها الحالي، مؤهلة لمواكبة مشروع الإصلاح الدستوري؟ لا يمكن نكران المشاكل التي تعيشها الأحزاب السياسية اليوم، والتي تعود إلى أسباب ذاتية تخصها، تتعلق أساسا بمشاكلها التنظيمية، وبديمقراطية القرار داخلها، ومستوى مشاركة الشباب والمرأة، وتجديد النخب القيادية بها، وبمدى قيامها بالأدوار المنوطة بها من قبيل التأطير والتعبئة، والتنظيم، والتكوين، والمساهمة في رسم السياسات العامة للحكومة، في حال مشاركتها داخل الحكومة، أو توجيهها من خلال موقعها في المعارضة، لكن إلى جانب هذه الأسباب الذاتية لضعف فعالية الأحزاب السياسية المغربية، يجب الإقرار بأسباب موضوعية تتعلق بطبيعة النظام السياسي المغربي، الذي لا يسمح لها سوى بهامش ضيق للتحرك، إذ أن الدستور الحالي، كما نعلم، لا يُعطي للحكومة سلطة تنفيذية فعلية، ولا يعطي للبرلمان سلطة تشريعية ورقابية وتمثيلية فعلية، وبالتالي يجعلها مقيدة في ممارسة اختصاصاتها على مستوى هذه المؤسسات، كما أن قانون الأحزاب لا ينص على ممارسة هذه الأحزاب للسلطة، بل فقط المساهمة في تدبير الشأن العام. إذن، نحن أمام قيود دستورية وقانونية على الممارسة الحزبية، ناهيك عن الضربات التي تلقتها الأحزاب الوطنية بالخصوص من النظام في سنوات الرصاص والصراع مع السلطة الحاكمة والتي أضعفت وجودها. ورغم ذلك، لا يمكن القول إن الأحزاب المغربية، أو على الأقل في جزء أساسي منها، غير مؤهلة للمشاركة في مشروع الإصلاح الدستوري، اقتراحا وتعبئة. المشروع الذي أعلن عنه جلالة الملك في الخطاب الملكي، مهم وتاريخي من الناحية المبدئية، أي من حيث المبادئ المعلن عنها، لكن كيفية التعامل معها من قبل الفاعلين المعنيين، سيما الأحزاب السياسية، أي مدى جرأة هذه الأحزاب في الاقتراح، وعمل لجنة تعديل الدستور في التوفيق بين الاقتراحات المقدمة، وكيفية تأويلها للمبادئ المعلن عنها في الخطاب الملكي بكل جرأة، بما يستجيب لدمقرطة النظام السياسي والدستوري المغربي، وتجاوبه مع متطلبات التغيير والحداثة، يظل هو الرهان الأساس لنجاح الإصلاح. لقد قرأنا في الصحف عن ارتباك بعض هذه الأحزاب في ما يخص تقديم مقترحاتها للإصلاح الدستوري للجنة الخاصة بتعديل الدستور، وهذه مسألة يمكن توقعها بالنظر إلى أن هذه الأحزاب ظلت منغلقة على نفسها وغير منفتحة على المجتمع، وظلت مفاتيح اشتغالها وتنظيمها وقراراتها ومواقفها وتواصلها بيد قلة من قيادتها، إن لم يكن بيد قائدها وبالتالي لم تجدد نفسها قيادة وتنظيما وسلوكا. ما هي قراءتكم ، أو ملاحظتكم حول مقترحات وتصورات الأحزاب (بعضها)، بشأن الإصلاح الدستوري( نقط التلاقي، الاختلاف القائم بين بعض التصورات،التركيز على الملكية البرلمانية، الفصل 19...)؟ إذا كان الخطاب الملكي مهما من حيث المبادئ المعلن عنها، فإن كيفية التفاعل معها من قبل الأحزاب، قد يكون في عكس الاتجاه المطلوب. ليس المشكل مثلا في كيفية تأويل مطلب «الملكية البرلمانية» أو «الملكية الديمقراطية» بالنسبة إلى البعض، أو حتى «الملكية المواطنة» بالنسبة إلى البعض الآخر، بل الأساس يكمن في مضمون الاقتراحات المنظمة، هل يسير في اتجاه دمقرطة النظام أم لا ، من حيث جعل السيادة للشعب باعتباره مصدرها الأساس، ومن حيث إقرار الدستور لحقوق الإنسان، وتنصيصه على مبدأ المسؤولية والمحاسبة أي محاسبة الحكام لا وفق شروطهم، بل وفق قواعد لا يملكون تغييرها متى شاؤوا، وعلى ضمان مبدأ المنافسة الحرة والسليمة بين الجماعات، وضمان المشاركة الفعلية للمواطنين في اختيار القيادات والسياسات، وضمان حقوق الأقليات، وضمان توازن السلطات من خلال إقرار الضمانات الكفيلة بتقييد السلطة، وإخضاعها للرقابة الشعبية، ولسمو القانون على جميع الحاكمين والمحكومين. إن غياب الجرأة في تأويل المبادئ المعلن عنها في الخطاب الملكي من قبل الأحزاب من خلال مقترحاتها، وإغفالها للمبادئ الديمقراطية، المشار إليها سابقا، هو الذي جعل عددا من الأحزاب من خلال مقترحاتها المقدمة للجنة تعديل الدستور، حسب ما تداولته الصحافة، تبدو متخلفة وخارج التاريخ، لأنها لم تستوعب اللحظة التي يعيشها الشعب المغربي الآن، بل إن بعض الأحزاب بدت في مقترحاتها محافظة أكثر من الملك، إذ إما أنها اكتفت بالتزمير والتطبيل للخطاب الملكي، دون أن تعطي تصورا خاصا بها، وإما تناولت اقتراحات تخص المؤسسات الأخرى دون المؤسسة الملكية، سواء في الفصل 19 أو في غيره، والحال أن الملك عندما يتحدث في خطابه عن توسيع اختصاصات البرلمان والحكومة والوزير الأول، فهو يتحدث، ضمنيا، عن تنازله عن اختصاصات كان يمارسها إما بشكل مباشر أو غير مباشر. إذن، إما أن تكون هذه الأحزاب في مستوى اللحظة التاريخية وربما تسترجع ما فقدته من بريق، وإما ستضع نفسها خارج التاريخ الذي سيتجاوزها بقوة الواقع، وما يعتمل داخله من تحولات لا تملك أجهزة التحكم فيها. ما هي أهمية إصلاح الدستور، هل يعتبر كافيا لتحقيق التطور المنشود في مختلف المجالات؟ الإصلاح الدستوري وحده لا يكفي لكنه هو الأساس. بداية، يجب التنبيه انطلاقا من تجارب الانتقال الديمقراطي في العالم، إلى أن الإصلاح الدستوري كمدخل أساس للبناء الديمقراطي يقتضي شرطين أساسيين، أولهما شكلي، وثانيهما موضوعي.: من الناحية الشكلية، يقتضي الإصلاح الدستوري، توافقا ومشاركة لجميع الأطراف المختلفة الممثلة للشعب. وإذا كانت الصيغة المعتمدة الآن (لجنة للتعديل، ولجنة المتابعة من قبل الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني)، قد تفي بهذا الغرض، فإنه في ما يخص الشرط الثاني، أي الموضوعي، وهو المرتبط بمضمون الإصلاح والمتمثل في مبادئ النظام الديمقراطي المشار إليها آنفا، سننتظر ما إذا كانت لجنة تعديل الدستور ستتفاعل مع بعض المقترحات الجريئة المقدمة لها والتي من شأنها أن تحدث التغيير الدستوري والسياسي المنشود، وسننتظر ما إذا كانت هذه اللجنة ستُؤَول وستترجم المبادئ المعلن عنها في الخطاب الملكي في الوثيقة الدستورية، تأويلا وترجمة تقدمية (بدون حمولة إيديولوجية للكلمة)، وحداثية وديمقراطية، أم ستسير التعديلات في اتجاه محافظ، كما حدث في مشروع الجهوية الموسعة، وإذ ذاك ستكون النتيجة مُحبطة للآمال، وقد تنذر بخواطر وعواقب غير محمودة، بالنظر إلى تصاعد الاحتجاجات وتفاعلها مع السياق العربي الآن. لكن الإصلاح الدستوري، كما أشرت في البداية وحده غير كاف لتحقيق التغيير المطلوب، فهو يتطلب أيضا إصلاحات موازية وتدابير مواكبة، إصلاحات في المجالات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وفي مجال الحريات العامة، بما فيها حرية الصحافة والرأي، إصلاحات مرفقة بتدابير آنية، من شأنها أن ترسي الثقة وتهدئ الأوضاع، من قبيل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومتابعة المسؤولين و/أو ذوي النفوذ عن الجرائم التي ثبت ارتكابهم لها، ومن قبيل الزيادة في الأجور، وتقليص أجور كبار المديرين، وتخفيض الضريبة على الدخل، التي تكاد تأكل في المغرب نصف دخل الأجير أو الموظف، وذلك في أفق إرساء إصلاح ضريبي شامل وعادل، إلى غير ذلك من الإجراءات الأخرى. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

خمري: الإصلاح الدستوري لايكفي لحدوث التغيير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحركة الشعبية تطالب برفع القيود عن البرلمان

ورش إصلاح الدستور يخلخل المشهد الحزبي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات