من المجد والنفوذ إلى التواري عن الأنظار والموت في صمت، سيما بعض الرؤساء الذين قدموا الكثير لأنديتهم وكرة القدم المغربية، صحيح أن بعضهم ما زالت ذكراهم منقوشة على صخرة التاريخ، لكن آخرين انقرضت أسماؤهم.أول من تنكرت له الكرة ومات "مفقوصا"، العربي الزاولي، الأب الروحي للاتحاد البيضاوي، صحيح أنه اسمه ما زال حاضرا بقوة وأطلق على معلمة رياضية بالبيضاء، لكن سخرية القدر، أن هذه المعلمة ستلقى المصير نفسه، كأن روح العربي الزاولي مكتوب عليها أن تتعرض للنكران.ارتبط العربي الزاولي بالاتحاد البيضاوي ارتباطا روحيا، قدم الشيء الكثير لهذا النادي، لدرجة أنه حصل على وسام من الملك الراحل الحسن الثاني في 1971، بل لقب بالأب الروحي للفريق، بعد أن قدم خدمات جليلة وتضحيات جساما ساهمت في جعل الفريق منافسا حقيقيا للرجاء والوداد في تلك الفترة، وضحى بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على هذه المعلمة الرياضية، لكن هذه التضحيات ستعرضه لنقمة رفاق الأمس والذين خططوا لاستغلال النادي لأهداف سياسية.في الثمانينات، سيقود عبد الرزاق أفيلال، القيادي الاستقلالي السابق، انقلابا ضد العربي الزاولي لفسح المجال لترؤسه الفريق. انقلاب تواطأ فيه لاعبون أيضا تنكروا للجميل.قاوم الزاولي هذا الانقلاب، وامتعض لنكران الجميل وتمسك بموقفه الرافض بقطع صلته عن النادي، فروحه والنادي سيان، وهو ما تأكد على أرض الواقع، إذ بمجرد أن غادره، فارق الحياة في 1987، وقتها دخل الاتحاد البيضاوي النفق المظلم وظلت لعنة العربي الزاولي تطارده إلى اليوم.بعيدا عن الحي المحمدي، حول رئيس النسمة البيضاوية الملياردير الحسين، النادي إلى فريق يضاهي الوداد والرجاء، رغم أنه يلعب في القسم الوطني الثاني. غنى الحسين، إذ كان يملك فندقا وحانات بالبيضاء، جعله مقربا من شخصيات نافذة وقتها من قبيل محمد المديوري، الحارس الشخصي للملك الراحل الحسن الثاني ورئيس الكوكب المراكشي.هذه العلاقة المتينة، جعلت النسمة البيضاوية من أهم مزودي الكوكب بلاعبين كبار، أهمهم العركوب.مكن النسمة البيضاوية رئيسه من نفوذ كبير بالبيضاء، إذ كان محج كل المدربين والرياضيين واللاعبين، الجميع يتوسم نيل رضاه وكرمه، إلا أن تقلبات الزمن ستعيده إلى نقطة الصفر.تورط رئيس النسمة البيضاوية في قضية أدخلته السجن، وبعد أن غادره فقد جميع ثروته، فنادق وأموال وممتلكات، فتحول إلى متشرد، تنكر له الجميع طبعا، إلى أن عثر عليه يوما ميتا بشارع بالبيضاء.يختلف مسار الصيدلي رشيد عزمي، الرئيس السابق لنهضة سطات، عن من سبقاه، فلا أحد يصدق أنه انتحر بعد أن أضرم النار في جسده بمقر شركته العقارية بالبيضاء. ما زالت هذه الواقعة تسيل المزيد من المداد، وتتعالى بين الفينة والأخرى صيحات تطالب بإعادة تشريح جثته، بحكم أن الرجل كان رمزا للرزانة والحكمة والعقل، فكيف يغامر بالانتحار بطريقة بشعة.شكلت وفاته صدمة لكل الرياضيين، سيما بسطات، إذ حاول البعض ربط ذلك بنهاية الرجل القوي في عهد الحسن الثاني، إدريس البصري، الذي كلفه برئاسة فريق نهضة السطات وتحويله إلى أقوى فريق في المغرب.ارتبط نهضة سطات بعزمي ارتباطا وثيقا، ما زال المغاربة يتذكرون لحظة اقتحامه مستودع لاعبي أولمبيك خريبكة بالملعب الشرفي بسطات، محتجا على هزمهم فريقه، الذي سيسقط إلى القسم الثاني في تلك السنة، إذ توهم أن اسم النهضة وتاريخها سيشفعان للفريق أمام الخريبكيين للتساهل معهم ومنحهم نقط المباراة الثلاث.صحيح أن الجميع ندد بهذا السلوك وقتها، بحكم أنه ضربة للروح الرياضية، لكن عندما ينصهر الفريق في وجدان رئيسه، فكل الطرق مشروعة لحمايته من الهاوية.بعد سنوات مجد عاشتها النهضة السطاتية في عهد رشيد عزمي، حان وقت الاندحار، إذ هوى إلى القسم الوطني الثاني، وقتها أدرك عزمي أن لا مكان له في الفريق، فغادره ليتفرغ لمشاريعه العقارية، فواصل الفريق النزول إلى الدرك الأسفل في البطولة الوطنية.اختفى رشيد حيزا من الزمن، قبل أن يذاع خبر العثور على جثته محترقة في مقر شركته وأمامها رسالة وداع لعائلته الصغيرة والكبيرة بنهضة سطات.مصطفى لطفي