كشفت تقارير حقوقية عن تنظيم عدد من المنتخبين ومسؤولي الأحزاب رحلات شبه منتظمة نحو مدن أوربية شهيرة بمحلاتها التجارية الفاخرة، بغرض التسوق واقتناء ماركات عالمية، ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول مصادر تمويلها ونمط العيش الباذخ للمسؤولين، في تناقض صارخ مع واقع الجماعات الترابية التي يمثلونها، والتي تعاني غياب الحد الأدنى من مقومات التنمية. وقال سعيد الشرامطي، رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان، إن مدينة مثل "رورموند" الهولندية أصبحت الوجهة المفضلة لمنتخبين ومسؤولين في أحزاب، خاصة في المنطقة الشمالية والشرقية، لاقتناء الماركات العالمية بأسعار كبيرة، موضحا أن جمعيته تتوفر على لائحة بأسماء منتخبين اقتنوا سلعا بمبالغ مالية ضخمة. وأعرب الشرامطي عن قلقه من هذه الظاهرة، التي وصفها بـ"المخجلة"، قائلا: "توصلنا بعدة معطيات ميدانية وتقارير من مغاربة ومصادر موثوقة، تشير إلى تنظيم منتخبين ورؤساء جماعات محلية لرحلات دورية نحو أوربا، ليس من أجل التكوين أو الاستفادة من التجارب الحضرية هناك، بل لغرض التسوق فقط، واقتناء أحدث صيحات الأزياء من ماركات عالمية مثل "غوتشي"، و"برادا"، وغيرهما"، مضيفا أن هذه الممارسات "تكشف زيف الكثير من الشعارات التي يرفعها هؤلاء أثناء الحملات الانتخابية"، متسائلا: "كيف يعقل أن ينفق منتخب أموالا طائلة على التسوق من أوربا، في وقت لا تتوفر جماعته على أبسط التجهيزات، مثل الماء الصالح للشرب أو الإنارة العمومية؟". وأوضح المتحدث نفسه أن التفاوت الفج بين نمط عيش بعض المنتخبين وواقع المواطنين في الدواوير والأحياء المهمشة يطرح أسئلة محورية حول مصدر هذه الأموال، خصوصا أن عددا منهم لا يتوفرون على دخل واضح يبرر مظاهر الثراء التي يحيطون بها أنفسهم، مؤكدا أن هذه السلوكات مؤشر على أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم التمثيلية، خاصة في ظل حديث مستمر عن "التقشف" و"أولوية التنمية". وطالبت مصادر حقوقية بتفعيل آليات الرقابة والافتحاص المالي، إذ غالبا ما تمر هذه السلوكات دون محاسبة، ما يفتح الباب أمام تفشي ظواهر الريع والفساد، ويجعل من "التنمية" شعارا أجوف يرفع في المناسبات فقط. ويؤكد الشرامطي أن "جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان تعكف حاليا على إعداد ملف موثق بهذه السلوكات من أجل رفعه إلى الجهات الرقابية المختصة، بما فيها المجلس الأعلى للحسابات، وهيآت محاربة الفساد"، مطالبا بفتح تحقيق في ممتلكات عدد من المنتخبين "الذين ظهروا وهم يتبضعون من ماركات لا تتناسب مع أجورهم الرسمية". خالد العطاوي