عندما تحدث المشرع المغربي عن الكفالة التي يقدمها الظنين، أو المتهم، لأجل متابعته في حالة سراح، كانت الغاية منها ضمان حضوره مجريات التحقيق أو المحاكمة. والكفالة المالية يتم اتخاذها في غياب الكفالة العينية أو الضمانات الشخصية للمشتبه فيه، كما تنص على ذلك المادة 161 من قانون المسطرة الجنائية، بأنه يتضمن الأمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية، الخضوع، تبعا لقرار قاضي التحقيق، لواحد من التدابير أو أكثر، ومن بينها إيداع كفالة مالية يحدد قاضي التحقيق مبلغها وأجل أدائها، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة المادية للمعني بالأمر. ما يفيد أن قاضي التحقيق، عند تجديده للكفالة، يراعي الحالة المادية للشخص طبقا للقانون، على اعتبار أن تلك الكفالة تضمن حضور المتهم في جميع إجراءات التحقيق وتنفيذ الحكم، وأداء المصاريف المسبقة التي أداها الطرف المدني، أو المبالغ الواجب إرجاعها ومبالغ التعويض عن الضرر أو أداء نفقة، إذا كان المتهم متابعا من أجل ذلك، أو المصاريف التي أنفقها مقيم الدعوى العمومية، أو الغرامات، إذ تشكل بذلك وسيلة من وسائل ضمان الحقوق سواء للدولة أو الضحايا. إلا أن ما يلاحظ، في بعض القضايا، التي تكون لها ارتباطات بمعاملات مالية كبيرة، أن قاضي التحقيق يعمد إلى تحديد مبلغ مالي مهم لمتابعة الشخص في حالة سراح، ضمانة لحضوره مجريات التحقيق، خاصة حينما يتبين له غياب الضمانات الشخصية. ويمتثل المعني بالأمر إلى قرار قاضي التحقيق ويضع الكفالة المالية في صندوق المحكمة، وما إن تتجاوز قدماه أسوار المحكمة، حتى يستأنف قرار قاضي التحقيق لاسترجاع مبلغ الكفالة، وقد تسايره الغرفة الجنحية المعنية في الاتجاه نفسه، وتحكم باسترجاع مبلغ الكفالة، وتعلل ذلك بوجود ضمانات شخصية، ربما غابت عن قاضي التحقيق، أو غيرها من المبررات التي ارتأتها الغرفة، لتعيد مبلغ الكفالة إلى المتابع، الذي يمكن أن يستمر في حضور جلسات التحقيق والمحاكمة أو يفضل الفرار. الأمثلة على ذلك كثيرة، فعدد من قضايا المال العام، التي كان يحاكم فيه مستثمرون وشخصيات نافذة، مباشرة بعد حصولهم على السراح المؤقت، بكفالة مالية أو شخصية «تركوا الجمل بما حمل»، وقرروا الذهاب بعيدا للعيش خارج المغرب، وهو ما يتخوف منه عدد من الضحايا في مثل هذه القضايا، ولسان حالهم يقول إن كان المتابع غير مذنب وبريئا، فسيظهر ذلك إما في التحقيق أو المحاكمة، وبعدها يمكنه أن يسترجع مبلغ الكفالة، أما إصراره على استرجاعها بمجرد تمتعه بالسراح المؤقت، فذلك يفتح باب الاستفهامات. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma