سلا وتمارة وعين عودة المصدر الأول لهم بالرباط كشف عدي بوعرفة، منسق المستشارين الاتحاديين بمجلس مدينة الرباط، الوصفة التي يعتبرها ستكون بمثابة الحل السري للقضاء على ظاهرة الباعة المتجولين التي التهمت شوارع العاصمة الرباط، حتى الرئيسية منها.وفيما أقر بوعرفة بفشل المقاربات المعتمدة إلى الآن في تطويق الظاهرة ومنع الباعة من التكاثر، أوضح في اتصال هاتفي أجرته معه «الصباح»، أنه سبق أن اقترح على مجلس المدينة، اقتناء بقعة أرضية ما تزال إلى الآن متاحة، بشارع المقاومة، وبناء سوق نموذجي عليها، يشمل ثلاثة طوابق، سيكون بمثابة «مجمع للباعة المتجولين، يكون بإمكانهم من خلاله، عرض بضاعتهم»، ملفتا إلى أن ظاهرة «الفراشة» امتدت حتى إلى المهاجرين المتحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين أضحوا بدورهم ينافسون المغاربة، بل ويدخلون في أحيان عديدة في مشاجرات ألفتها شوارع الرباط، ومدخل السوق المركزي الوحيد بالمدينة.حل ثان، اقترحه منسق المستشارين الاتحاديين بمجلس المدينة، يكمن في ضرورة التفكير في إحداث أسواق ومشاريع لهذه الفئة بكل من سلا وتمارة، وعين عودة، ذلك أن «هذه المناطق الثلاث، تعد «المصدر» الأول للباعة المتجولين»، يقول بوعرفة الذي نبه إلى ضرورة إيجاد منافذ أخرى تسمح لهذه الفئة بكسب قوتها اليومي، سيما أن السوق المركزي، المحدث زمن الاستعمار، يعد السوق الوحيد الذي تتوفر عليه المدينة بعدما «تم تفويت سوق الغزل بطرق مشبوهة ولم يتم تعويضه بسوق قار كما كان متفقا عليه».من جهته، أوضح عثمان كاير، أستاذ باحث في الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن الإشكاليات المرتبطة بإعادة تنظيم الباعة المتجولين تتعلق في جانب كبير منها بإشكاليات القطاع غير المهيكل بشكل عام، «هذا القطاع يتميز أساسا بصعوبة حصر الفاعلين على المستوى الكمي، ومجالات نشاطهم الاقتصادي، وهو ما ينكعس بشكل مباشر على طبيعة وحجم الحلول المقترحة لتنظيمهم».وفي السياق ذاته، نبه كاير، في تصريح ل»الصباح» إلى أنه «لا يمكن أن نغفل نتيجة حتمية لما سبق ذكره، تتجلى أساسا في تشكل شبكات للوسطاء والمتاجرين بمشاريع إعادة التنظيم وهيكلة القطاع غير المهيكل والتجار المهنيين بشكل خاص، وهو ما يشبه بشكل كبير ما تعانيه عملية إعادة إيواء سكان دور الصفيح»، مبرزا أن فشل عمليات إعادة تنظيم الباعة والتجار المتجولين يعكس في العمق إشكالية في المقاربات المنتهجة، والتي تتسم أساسا باعتمادها على تصحيح الأوضاع القائمة دون استباق الحاجيات المجتمعية والاقتصادية في هذا المجال، وهو يطرح معضلة إعداد التراب وضرورة استحضار كل جوانب الحياة اليومية للمواطنين، خصوصا تلك المتعلقة بتنظيم الأنشطة الاقتصادية.من جهة أخرى، أردف الأستاذ الباحث في الاقتصاد أن تمظهرات معضلة تنظيم الباعة المتجولين، تنم كذلك عن عجز في إبداع سياسات عمومية وطنية ومحلية، قادرة على استيعاب انتظارات هذه الفئة الاقتصادية والاجتماعية، «وبالمقابل تساهم في الحد من كل جوانب التجارة العشوائية، خصوصا تلك المتعلقة بالجودة وحماية المستهلك دون إغفال الاعتبارات الاجتماعية للباعة أنفسهم، وحماية ضد شطط بعض المسؤولين المحليين»، ليخلص إلى أن كل البرامج التي وضعتها السلطات الحكومية المكلفة بالقطاع طيلة السنوات الماضية لم تكن قادرة على وضع حلول جذرية بالنظر لارتكازها على فرضيات ومنطلقات غير مغربية في حل الإشكالية، وهو ما جعل قطاع التجارة يعاني تقاطبا حادا بين التجارة المهيكلة والعصرية وتلك الهامشية والعشوائية.هجر المغلي