السلطات بفاس عجزت عن اجتثاث الأسواق العشوائية

فشلت السلطات بفاس في اجتثاث ظاهرة الباعة المتجولين وإخلائهم من مختلف الساحات وأرصفة الشوارع المحتلة عن سبق إصرار من قبلهم وأصحاب المقاهي والمحلات التجارية، رغم حملاتها الميدانية المحتشمة والموسمية لتحرير الملك والفضاءات العمومية من محتليها، وإطلاق مشروع الأسواق النموذجية التي تحول بعضها إلى أطلال بعدما هجره المستفيدون عائدين إلى «عادتهم القديمة».أينما ولى زائر فاس وقاطنها، وجهه يصادف مئات عربات الخضر والفواكه والملابس والأحذية ومختلف السلع والبضائع، التي لم تكتف باحتلال الأرصفة بل امتدت إلى حيز مهم من الطرق الرئيسية، خاصة بشارع سان لوي ومختلف الأحياء الراقية منها والهامشية بكل المقاطعات، مع ما يرافق ذلك من سلوكات شباب طائش يشنف أسماع العابرين، بكلمات من قواميس تشتم منها رائحة النتانة.حملات السلطة وأعوانها لم تجد نفعا، طالما أن الشوارع ما زالت في ملك محتليها الذين يزداد عددهم يوميا، ما يطرح علامات استفهام حول جديتها، خاصة أمام ميلاد «لوبي» من ذوي السوابق القضائية، يستغل الباعة المتجولين أنفسهم، بشكل بشع بتجنيدهم مقابل أرباح زهيدة أو فرض إتاوات يومية على إيقاع «الفتوة»، دون أن «تسلم الجرة» أمام الاصطدامات التي تقع من حين إلى آخر. وبغض النظر عن ما يرافق الظاهرة من تبعات، فإن المسؤولين فشلوا في وضع حلول عملية أكثر نجاعة لامتصاصها وإنقاذ شباب عاطل، وحده يعلم درجة فقره وحاجته التي دفعته لنشر سلع أرضا أملا في ربح ضئيل يتدبر به شؤونه الخاصة ومساعدة عائلته على تكاليف عيشها الباهظة، في غياب بدائل حقيقية وانحصار سوق الشغل في وجه حملة الشهادات قبل أصحاب السواعد ومفتوليها. ورغم خلق 16سوقا نموذجيا لاحتواء 2060 بائعا متجولا بمختلف الأحياء والشوارع الرئيسية بالمدينة، في إطار إعادة إدماجهم في تجربة تعود إلى عقد، فإن الوضع ما فتئ يزداد استفحالا، خاصة أن بعض المواقع المختارة لإقامة تلك الأسواق، لم تكن بالنجاعة اللازمة، ما جعل عدة مستفيدين يغلقون محلاتهم قبل العودة مجددا إلى الشارع. أسواق بعدد متفاوت من المتاجر والمحلات المجهزة، أقيمت في 2005 بأحياء صهريج كناوة وجنان اليمني ومولاي عبد الله لحبيل وجنان بوطاعة و”بجيق عينو” ورأس القليعة والبورنيات ومونفلوري وعوينات الحاج والليدو والأدارسة والسعادة وأبي الجنود والمشور والأطلس، بغرض الحد من الظاهرة التي عادت للاستفحال بشكل كبير بعد “الربيع العربي”. العملية جاءت في إطار تنظيم الأسواق بتنسيق بين الجمعيات والمكاتب النقابية المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للمقاولات والمهن لجهة فاس بولمان والسلطات المحلية والمنتخبين، خاصة أن بعضها بادر إلى تأسيس جمعيات لتدبير أمور السوق والتنسيق مع جميع المستفيدين الذين لم يخف بعضهم تراجع مداخيلهم أمام بعد بعض الأسواق عن الأحياء أو وقوعها بأماكن غير آمنة. ورغم التكاليف الباهظة التي كلفها بناء تلك الأسواق، فإن جدواها في امتصاص الباعة الجائلين، غير مضمون اعتبارا إلى أن امتهان فئة من الشباب غير المستفيدين من المشروع، التجارة الجائلة التي “أضحت شبه قارة”، بشكل أكثر فظاعة وحدة مقارنة مع ما كان عليه الأمر في نهاية القرن الماضي وبداية الحالي، إذ لم تكن الظاهرة بالحجم الذي توجد عليه في الوقت الراهن.حميد الأبيض (فاس)

السلطات بفاس عجزت عن اجتثاث الأسواق العشوائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدولة تتحمل قسطا من المسؤولية

شبكات الوسطاء وراء فشل تنظيم الباعة المتجولين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات