طفت في الأسبوع الذي نودعه، حالات من عنف التلاميذ، بلغت حد وفاة أستاذة تحت تأثير ما تعرضت له من اعتداء، وفق ما ورد من أخبار من أرفود، قبل خمسة أيام. وبعد حادث وفاة أستاذة اللغة الفرنسية بأرفود، ظهرت حالات أخرى حملت كل واحدة منها لونا مختلفا من العنف، غير مقبول في المجال التربوي، الذي يظل الفضاء الذي يفترض في أنه مدرسة الأخلاق والتربية بامتياز، ما يطرح تساؤلات عريضة حول تنامي هذا المنحى الشاذ، الذي اعترى علاقة الأستاذ بالتلميذ، ويدعو إلى التفكير جيدا في الحلول، لأن ما يقع يدق ناقوس الخطر، ويهدد بهدم كل مشاريع التنمية والارتقاء. بمدن منها خنيفرة وشيشاوة وغيرهما وردت أخبار عن اعتقال تلميذ تحرش بأستاذة ووجه لها السباب والقذف، وآخر دخل في شجار مع أستاذه في مادة الفلسفة، وحسمت شكاية المربي في الحالتين، في وضع التلميذ بمركز الإصلاح والتهذيب، وكما خرج الأساتذة ينددون بهذا الوضع غير المقبول، انبرى تلاميذ ثانوية بشيشاوة للاحتجاج تلقائيا تضامنا مع زميلهم، إذ أن رواية طرفي الحادث اختلفت بين معتدى عليه ضحية، ومعتد تعرض لاستفزاز سبق الاعتداء، بينما المسؤولون بالأكاديميات، لجموا أفواههم ولم يصدر عنهم أي بلاغ، شأنهم في ذلك شأن المديريات الإقليمية. عنف التلاميذ، يدعو أيضا إلى إعادة النظر في البيداغوجيات المعتمدة في التعليم، والأدوار الأصلية للمربي، وكيف عجزت عن تربية النشء؟ بل تسببت عبر مراحل في إنتاج تلاميذ يتحولون إلى أعداء وخصوم، وينتقل حل هذه الإشكالات التربوية من مجالها الطبيعي وهو الأسرة والطاقم الإداري والتعليمي، إلى المحاكم، إسوة بما يقع في الشارع في حوادث «التشرميل» والضرب والجرح. بعد 10 سنوات من إطلاق الحكومة لرؤية إستراتيجية لتكوين الأطر التربوية، في إطار ما وصف حينها ببرنامج تكوين متكامل بين المدارس العليا للأساتذة بقطاع التعليم العالي والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بقطاع التربية الوطنية والتكوين المهني، نقف اليوم على واقع مر، فلا التعليم بلغ النموذج الذي رسم له وخصصت له أغلفة مالية كبيرة، ولا التربية توفرت، بل على العكس زاد جنوح التلاميذ وتكررت مشاهده حتى في المدن المحافظة التي لم يكن يسمع فيها بمثل هذا السلوك. ملحوظة لها علاقة بما سبق الاعتماد أكثر على التعاقد والتكوين السريع، لا يمكنه أن ينتج أستاذا يمارس أدواره الكاملة في التربية والتكوين، فهو أسلوب قد يحل نسبيا أزمة بطالة حاملي الشهادات العليا، لكنه حتما لن يحل مشكلة التربية والتعليم، لهذا ينبغي التفكير جيدا في تكوين يضمن نتائج تنعكس على التلميذ ويخلق رجالا ونساء لهم دراية أكثر بمجال اشتغالهم. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma