أحيت جمعية الشعلة للتربية والثقافة، في الآونة الأخيرة، حفلا وصفته بـ"الاستثنائي"، احتفاء بمرور خمسين سنة على تأسيسها، وسط حضور وازن من الفاعلين الجمعويين، والفنانين، وأبناء المنطقة. وتحول الاحتفال، الذي جرى في فضاء عام مفتوح، إلى لحظة وجد جماعية، جسد فيها المنظمون رؤية الجمعية في تحويل الثقافة من ترف نخبوي إلى حق يومي، والتربية من وظيفة رسمية إلى فعل مجتمعي مقاوم، ف"زاكورة، التي طالما عانت التهميش الجغرافي والمناخي، اختيرت بعناية لتكون فضاء لهذا العرس التربوي، في رسالة رمزية مفادها أن المغرب الحقيقي يبنى من هوامشه، حيث يشتغل بصمت على الإنسان". وبدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت الطفلة رشيدة الحايكي، تبعتها لحظة أداء النشيد الوطني، ونشيد الجمعية، ثم النشيد الرمزي "فرحتي"، الذي أعاد الحضور إلى البدايات الأولى للجمعية، التي تأسست في سياق سياسي وثقافي خاص، كان يبحث فيه المغرب عن صيغ جديدة لتأطير الشباب وتعزيز القيم الوطنية. في كلمته المؤثرة، أكد سعيد العزوزي، رئيس الجمعية، أن الشعلة ليست مجرد إطار قانوني، بل مشروع مجتمعي حي، يراهن على التربية رافعة للتنمية، وعلى الثقافة جسرا للتعايش، مشددا على أن هذا الاحتفال ليس فقط مناسبة للفرح، بل محطة للتقييم والتجديد، موجها التحية لرواد الجمعية الذين حملوا مشعل العمل الطوعي منذ السبعينات، في ظل ظروف صعبة وإمكانيات محدودة. أما مريم العمراني، مندوبة فرع الجمعية بزاكورة، فقد عبرت عن فخرها بانخراط الجمعية في النسيج التربوي المحلي، مشيرة إلى أن أنشطة الشعلة لا تقتصر على المدينة، بل تمتد إلى الجماعات القروية المحيطة، مؤكدة على ضرورة تحويل هذه الذكرى إلى لحظة انطلاقة جديدة. وحملت العروض الفنية رسائل قوية، إذ ألهبت فرقة "جذور الصحراء" الحضور بأهازيجها التراثية، بينما جسدت مسرحية "من حقي نقرا" واقع أطفال المغرب العميق الذين يصرون على التعلم رغم المعاناة. أما رقصة "الحق سلاحي" فحولت الأجساد الصغيرة إلى لغات تنطق بالقيم والمقاومة، في حين شكل أداء الأطفال باللغة الإنجليزية، تجسيدا لانفتاح ثقافي متوازن لا يتناقض مع الهوية. لحظة "ناس الغيوان" كانت من أكثر اللحظات تأثيرا، حيث عادت الذاكرة إلى "الحي المحمدي" ومعزوفات الزمن الجميل التي غذت وجدان المغاربة، كما شاركت جمعية "شباب تمكشاد" برقصات "الركبة" الصحراوية، قبل أن تختتم الفقرات الفنية بلوحات مستلهمة من القضية الفلسطينية، أبرزها مشهد مسرحي حمل سؤالا عميقا حول معنى الحلم والحرية. خالد العطاوي